--------------------------------------------------------------------

المشاركات الشائعة

زوار المدونة

أحدث التعليقات

المتابعون

إحصائية المدونة

تعلقات القراء

إقرأ أيضا

|

ارتفاع نسبة الطلاق.. المجتمع إذ يتصدع

تشهد مصر 240 حالة طلاق يوميًّا بنحو حالة واحدة كل 6 دقائق، أغلبها بين الزيجات الحديثة، وأثبتت عدة دراسات تزايد معدلات الطلاق في الآونة الأخيرة على مستوى الوطن العربي، موضحةً ارتفاع النسبة في مصر من 13% عام 2004م إلى 40% عام 2008م وفي عام 2009م وحده وصل عدد المطلقات إلى 70 ألف مطلقة، والسبب الأول هو إغراءات فتيات الإعلانات والفيديو كليب.
>فيما ارتفعت النسبة في السعودية من 25% إلى 60% خلال السنوات العشرين الماضيات، وما يزيد عن نصف هذه الزيجات لم يمر عليها 10 سنوات، وأكثر من 43% من العلاقات الزوجية السعودية قائمة على الإهمال والعنف الأسري والقسوة والخلافات المستمرة التي تنتهي بالطلاق.
حالة طلاق سريعة عاشتها أسرة "أحلام" التي لم تستمر سوى 5 أشهر، والسبب سوء الاختيار وسرعة إتمام الزواج، وأم الزوج التي قلبت حياتها إلى جحيم، بعد أن ألغت شخصية ابنها بالمرة، فلم يعد له في حياتهما قرار.
وحالة سريعة أخرى لم تدم سوى عام واحد ظهرت فيها طباع الزوج الذي ادَّعى الالتزام، فلم تستطع شيماء التي تحلم ببيت صالح أساسه الصدق والربانية أن تستمر لسوء معاشرة الزوج إياها.
أما رنا فلم تبل بلقب المطلقة الذي حصلت عليه بعد أشهر قليلة من الزواج، وتقول قد يكون أفضل من لقب عانس، رغم أن كليهما يحمل نفس المرارة، فالطلاق الآن أصبح موضة يقلدها الكثير من الشباب.
أسباب وحلول
ترى الداعية كريمة عبد الغني أن من أسباب تزايد معدلات الطلاق بهذه السرعة هو: غياب الفهم والعلم الشرعي الذي يوضح للزوجين مفهوم الأسرة وقيمتها في الإسلام، وأسباب سعادتها، وعوامل شقائها، فافتقاد الأسرة هذا الجو الرباني، وغيابهم عن مجالس العلم الشرعي والدنيوي النافعة، هو الذي أدَّى بهم إلى هذه المهالك.
وتضيف: إن الجهل عندما يحكم يخرِّب كلَّ شيء؛ لذلك لا عجب أن كانت أول وأهم قضية بدأها القرآن هي الاهتمام بالعلم، واقرأ أكبر دليل على ذلك، قال تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ﴾ (محمد: من الآية 19)، إذًا العلم أولى الخطوات لسعادة الدنيا والآخرة والسير في الطريق المستقيم.
وتوضح أن العامل الثاني لسرعة الطلاق هو سوء الاختيار من البداية والتسرُّع في القبول، فتأخر سن الزواج وارتفاع معدلات العنوسة بين الشباب يؤدِّي إلى الموافقة على أول من يتقدَّم، وقد لا يكون الأصلح، وتظهر بعد الزواج حدة الاختلافات، فيحدث الطلاق وقد يكتفي البعض بمظاهر الدين الواضحة على الشاب أو الفتاة، ولا يعرف حقيقة الأخلاق والطباع والعيوب والبيئة التي نشأ فيها كل منهما، لذلك فقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم حسن الاختيار وجمع الدين والخلق معًا، ولم يكتف بأحدهما فقط، فقال "إذا جاءكم مَن ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"، فالعطف هنا يفيد المغايرة، أي لا بدَّ أن يكتمل الدين بالخلق والعكس صحيح.
وتلفت الداعية الانتباه إلى تغير المفاهيم لدى زوجي اليوم عن الحياة الزوجية، والأسس التي يجب أن تقوم عليها، فأصبحت المرأة أقل صبرًا وأكثر نديَّة في التعامل مع الزوج ،وانسحب الزوج تدريجيًّا من حياتها، ليفسح لها المجال وتتخلى شيئًا فشيئًا عن مسئولياته المادية والأدبية، خاصةً بعدما دخلت المرأة ساحة العمل، وأصبح لها من استقلال مادي يغنيها عن زوجها كما تتصور، فلم يعد لها السند والمعين والقوَّام عليها بما أنفق من ماله، ولم تعد حريصةً على البذل والتضحية من أجل الأسرة والأبناء، كما كانت من قبل، ولم تعد الزوجة المضحية المستكينة الخاضعة التي ليس لها دخل ولا مكان سوى بيت زوجها، وأصبح من السهل أن تستقل بحياتها، وتعتمد على دخلها، ويتشتت الأبناء بين أمٍّ أنانية وأب لا يبالي.
وتأسف لحدوث غياب كبير الأسرة أو العائلة الذي له من الهيبة والمكانة والاحترام ما يجعل الكل يرجع إلى رأيه، ويأخذ بمشورته في كل صغيرة وكبيرة، وتضيف: أما الآن فالشاب يتعرف على الفتاة وحده، وقد يفاتحها في الارتباط وحده، بل قد يخطبها ويمضي في إتمام الزيجة دون موافقة تامة أو اطمئنان كامل من الأهل؛ لذلك تكون نهايتها الفشل؛ لأنه اتبع هواه ولم يأخذ برأي ومشورة أهل الخبرة والحكمة.
وتوضح الداعية كريمة عبد الغني أن من أبرز عوامل الطلاق ابتعاد الشباب غياب الوازع الديني، الذي يبين لهم الحلال من الحرام، وينهاهم عن ارتكاب الفواحش والمحرمات، فقد ينساق الشباب وراء ملذاتهم، وإشباع شهواتهم خارج الإطار الشرعي؛ لانتشار هذه الوسائل ومحاصرتها البيوت ليلاً ونهارًا وسهولة الوصول إليها، وانعدام الخوف لديهم من الله- تبارك وتعالى- وغياب مراقبته في السر والعلن.
وكذلك عدم التفاهم بين الزوجين، واتباع أسلوب العناد بينهم والأثرة التي انتشرت في العلاقات بين الناس، فضلاً عن انتشار الكذب وعدم حفظ أسرار البيت والشكوى المستمرة إلى الأهل، التي توغر الصدور وتشحنها، فبدلاً من السعي للصلح نصل إلى نهاية مؤلمة.
وتشدِّد على أهمية عودة الأسرة إلى دورها الحيوي في تربية الجيل، والابتعاد عن التدليل المفرط للأبناء، وتمرينهم على تحمُّل المسئولية والتكيف مع ظروف الحياة المتغيرة، مع الاقتراب الكبير من الأبناء في سن المراهقة واصطحابهم إلى المكتبات العامة؛ لقراءة كتب علمية جادة ومحترمة عن الزواج، وتكوين الأسرة وفقه الزواج في الإسلام، وحقوق كل منهما وواجباته، وكذلك الحرص على إقامة دورات تدريبية للمقبلين على الزواج، وتنمية بشرية وتأهيلية؛ لإقامة البيوت على أساس سليم يثبت أمام عواصف وأنواء الحياة.
وتدعو إلى تضافر جميع الجهود لتفادي انتشار هذه الظاهرة التي تزعزع أركان المجتمع المسلم، وتدعو وزارة الأوقاف والجمعيات الشرعية وخطباء المساجد والجمعيات الأهلية والمدنية إلى بيان خطر زيادة معدلات الطلاق، والبحث عن أسباب علاجها والحد منها، وإعداد الكوادر العلمية المؤهلة للبحث في هذه الظاهرة، ونشرها على الإنترنت وفي منتديات خاصة بالمتزوجين أو الشباب.
وتطالب الشباب الذين مرُّوا بتجارب الطلاق القاسية بنشرها على المنتديات بصدق ووعي، وليس بهدف إخراج الداخل فقط أو رمي الأطراف بالباطل، إنما الهدف منها إصلاحي في المقام الأول؛ ليعي غيرهم أن الأضرار أكبر من المنافع في هذه الخطوة الهدامة، وليعلم الجميع عاقبة الطلاق الوخيمة على الأسرة والأبناء.
وترى أن التربية الإيمانية منذ الصغر هي الحصن الذي يحمي الأسرة والمجتمع من التخبط في ظلمات الجهل والضياع، والتربية هي برامج وخطط قائمة على أسس دينية قويمة تدعم النواحي الإيمانية في الفرد وتوقظ لديه الإحساس الدائم بالآخرين، ويصبح الإيثار عنوان أخلاقه الحسنة، وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم "لا يعكر المسلم وجه أخيه" أي لا يحزنه أو يؤلمه، فما بالنا بالزوجين والأبناء؟!.
وإذا حدث الخلاف الذي ليس له حل سوى الانفصال، فليغلف الطلاق جو الإيمان والأخلاق، كما أسستها من البداية فلا ينسى أحدهما فضل الآخر عليه؛ حتى لا تزيد الفجوة والشقاق: ﴿وَلا تَنسَوْا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ (البقرة: من الآية 237).
 وإذا عرف كل منهما أن الجزاء من جنس العمل وأن ما يفعله اليوم سيجنيه غدًا لاحتاط كلُّ منهما للأمر وفكرً مليًّا قبل اتخاذ خطوة مثل هذه، قد تكون في لحظة خلت من تذكر العاقبة وامتلأت فقط بنظرة عاجلة للأمور: "افعل ما شئت فإنك ملاقيه".
فقه الزواج
يقول الداعية الشيخ أحمد عبد العظيم: إن الخالق جلَّ وعلا وضح لنا أن الزواج والطلاق في الإسلام له حدود والظالم مَن يتعدى هذه الحدود، وتكرار كلمة تلك حدود الله فلا تقربوها أو فلا تعتدوها دليل على خطورة الأمر، ويدعو إلى عدم الاستهانة بتلك الحدود الفاصلة بين الظلم والعدل، ومن الأهمية أن نربي أبناءنا على فقه الزواج، كما نعلمهم فقه الصلاة والوضوء والصيام، وكيف كان يقبل الصحابة على الزواج كأنه عبادة، فلا يسأل أحدهم عن حقوقه قبل أن يعرف واجباته أولاً، فإذا عزم أحدهم على الزواج كان يسأل ما حق زوج أحدنا علينا؟، وتسأل المرأة ما حق زوجي عليَّ؛ لأنها كانت قربةً وعبادة يتخذونها وسيلة للتقرب إلى الله عزَّ وجلَّ بإقامة البيت المسلم والجيل الصالح الذي يوحِّد الله في الأرض.
ويلفت إلى التدخل المستمر والسلبي من الأهل، ما يؤدِّي إلى الطلاق السريع، فكما قال تعالى واصفًا في دقة بالغة وراقية طبيعة العلاقة بين الزوجين في قوله: ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ﴾ (البقرة: من الآية 187)، واللباس هنا يعني الستر والالتصاق والقرب الشديد، فلو دخلت حبة رمل بين المرء ولباسه ستوقظه الليل كلَّه، والزوج لزوجته كذلك لا ينبغي أن يتدخل أي طرف خارجي في حياتهما؛ إلا إذا سعى لإصلاح حقيقي في حالة النزاع؛ لأن كلاًّ منهما يحابي للطرف الذي يخصه، ومن ثَمًّ يزيد الخلاف والنزاع، وكما قال تعالى في حالة تدخل الأهل ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَهُمَا﴾ (النساء: من الآية 35) والحكم هنا أي المشهود له بالصلاح والحكمة.
ويحث الشيخ الزوجين على الاهتمام بالمعنى الحقيقي للحياة، وعدم الجري وراء وهم وسراب وقشور خارجية، فلا نهتم سوى بالمسكن الراقي والرصيد الكافي والمأكل والمشرب والملبس المعين وننسى في غمار هذا تنمية العلاقات الطيبة بيننا، فيصيب الحياة الروتين والملل الذي ينعكس بالسلب على البيت والأبناء، وينسيهم أن الزواج آية من آيات الله في كونه ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)﴾ (الروم).

ثقافة العولمة

 الصورة غير متاحة
 د. حاتم آدم
ويوضح د. حاتم آدم أستاذ الصحة النفسية أن الجيل الجديد سمته الرئيسية هي غياب التربية وسيطرة الإعلام الهابط، وانتشار ثقافة عامة هي عدم القدرة على الصبر والكفاح وتحمل الصعوبات، فَمِن الناحية الاجتماعية فإن هذا الجيل يمثل ثقافة العولمة التي تتميز بالسرعة الشديدة وعدم الصعود التدريجي في سلم الحياة، وضياع الهوية الذاتية، وطمس ملامح الشخصية العربية المسلمة، وصهرها في بوتقة غربية عالمية لا تعرف قيمة الأسرة، والعلاقة الزوجية بينهم قائمة على المصلحة التي قد تكون مالية أو جنسية أو اجتماعية، ولكن الأسرة عندنا في الإسلام تضم هذا إلى ما نص عليه الدين من السكن والمودة والرحمة بين أفرادها. ويجيب على سؤال: لماذا أصبحت الآن أسهل كلمة على لسان الناس هي كلمة الطلاق؟ وذلك لأن الفتاة يغيب عن ذهنها معنى البيت واحترام الزوج وتقدير نعمة الأطفال وأهمية الحفاظ على كيان الأسرة، ويغيب عن الشاب واجباته الزوجية، ويسعى إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من اللذات، مع عدم الرغبة أو القدرة على تحمل مسئولية البيت والزوجة والأبناء، ولذلك فإن هذا البيت بيت مثالي لكي ينهار أمام أول عقبه تواجهه، مع أن الطلاق كان أبعد ما يكون عن مجتمعنا في الأجيال السابقة.
ويتساءل: إذا كان تشجيع الفجور وانتشار المنكرات وسهولة أن ينال الرجل لذاته خارج نطاق الأسرة أصبح يسيرًا، فما الداعي للزواج وتكبيله بأغلال المسئولية والروتين والملل،  فهذا السؤال إجابته عند الغرب الذي أصاب مجتمعهم بالتفكك الأسري والانهيار الأخلاقي نتيجة سيرهم في هذا الطريق. 
ويضيف: ومما ساعد على ذلك الإعلام الهابط الذي لا يكف ليلاً ونهارًا عن بثِّ سمومه الإباحية وإغراق الناس فيها، فضلاً عن زيادة نسبة الإدمان وتعاطي المخدرات وتوغل "الإنترنت" داخل البيوت، وكثرة العلاقات الخاطئة داخل غرف "الشات" وغيرها، والتي تهيئ للفرد القدرة على الانعزال كليًّا عن الآخرين، وعدم الإحساس بهم أو بالحاجة إليهم، ما يؤدِّي إلى تفسُّخ العلاقات، وتهديد بقاء الأسرة، فالشاب ينسى نفسه بالمخدرات والزوج يطرد زوجته من حياته، ويهرب إلى الأفلام والمواقع الإباحية، وتكثر الأمراض والعلل النفسية والمجتمعية كما نرى.
صورة وهمية

 الصورة غير متاحة
د. حنان زين
وترجع د. حنان زين استشاري العلاقات الزوجية والاجتماعية تزايد معدلات الطلاق في بداية الزواج إلى الصورة غير الواقعية أو المنطقية التي ترسمها الفتيات عن الزواج، وعندما لا تجد الحب والرومانسية بعد أشهر من الزواج وبداية تكوين المسئوليات، تصاب بالصدمة التي قد لا تستطيع معها الاستمرار، ويدعم الإعلام هذه الصورة لدى الفتاة من خلال الأفلام والمسلسلات المدبلجة الغارقة في الرومانسية الخيالية أما طلاق منتصف العمر أو بعد مرور فترة غير قصيرة على الزواج، فقد يأتي نتيجة المتغيرات التي يشهدها المجتمع في الفترة الأخيرة، والتي ظهرت معها مرادفات كثيرة مثل تحرير المرأة وغيرها، والتي اختلفت معها نظرة المرأة إلى الرجل وإلى الحياة الزوجية بشكل عام.
وتشير إلى أهمية عودة دور الأهل في احتضان الأسرة الجديدة ودعمها ماديًّا ومعنويًّا، خاصةً في سنوات الزواج الأولى، حتى تتخطى عقبات بداية الحياة الجديدة وترسخ حياتها على أساس سليم من البداية، ويجب أن تكون الأسرة الكبرى من البداية نموذجًا طيبًا وصالحًا للزوجين؛ حتى تنتقل الصورة الإيجابية للحياة إلى الأسرة الجديدة، ولو كان نموذج الأسرة الأولى سلبيًّا، لاستمر هذا النموذج بالتالي إلى الأسرة الصغيرة الجديدة.

قبسات من أنوار وأقلام العلماء والكتاب قبسات أون لاين حيث الإعلام الهادف قبسات أون لاين 10:46 ص .

0 التعليقات "ارتفاع نسبة الطلاق.. المجتمع إذ يتصدع"

شاركنا برأيك ولا تحرمنا من قلمك

الأرشيف