حوار عن الوحدة الإسلامية
فى السعى الدائم للبحث عن الوحدة الإسلامية كان حديثنا يدور حول فلك هذا الموضوع فالتقينا مع حلة من العلماء لنلتقط من زهور علمهم وننهل من ينابيع خبرتهم فحديثنا يشمل تقريبا أغلب قضايا الأمة الإسلامية وعلى رأسها قضية فلسطين والتى دائما هى التى توحد الأمة ولأن قضية فلسطين لا يمكن أن تتقدم بدون وحدة أمتنا . فإننا حملنا هذه القضايا إلى عدد من علماء الأزهر الشريف وطرحناها عليهم وكان الحوار هذه المرة مع فضيلة الشيخ الدكتور منير جمعة عضو الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين :
س- كيف ترى أحوال العالم الإسلامى الآن ؟
ج : العالم الإسلامى فى مرحلة مخاض ومحاولة للتخلص من التخلف والجهل والمرض ومقومات النصر كثيرة من أهمها روح التحدى والمقاومة لدى الجيل الجديد.
س - ما هى أهم التحديات التى تواجهها ؟
التحديات كثيرة فلقد تكسرت النصال على النصال ومن أهمها : الفرقة والاستبداد والفساد والاستعمار الذى مازال جاثما على بعض أراضى المسلمين .
س- قضية فلسطين :كيف تنظرون كعلماء للأزهر لقضية فلسطين ؟
- قضية فلسطين اليوم مقياس حقيقى لدى تفاعل الأمة مع قضاياها والارتباط بهذه القضية ارتباط بالدين نفسه والتضحية لها تضحية للمبادىء العظيمة الثابتة التى لا يكون الإنسان إنسانا بدونها , ولذلك وجدنا أصحاب القيم من سائر الملل والنحل تقف مع قضية فلسطين وتضحى من أجلها وما أسطول الحرية منا ببعيد ، ودعم الجهاد والمقاومة واجب على كل مسلم فى جميع أنحاء العالم وهذا لا يكون إلا بالتضحية فان أى فكرة لا يمكن أن تنجح إلا إذا تحققت لها أمور ثلاثة : إيمان بها وعمل لها وتضحية فى سبيلها وكثير من المسلمين يؤمنون بقضية فلسطين ويعدونها قضية عقيدة ولكنهم لا يعملون لها على الإطلاق وينتظرون أن يروا فلسطين محررة من النهر إلى البحر دون أى جهود منهم وكثيرون يبذلون جهدا ولكنهم ليس لديهم الاستعداد للتضحية بدمائهم وأموالهم وأوقاتهم لنصرة القضية. وأما مواجهة الآلة الإعلامية والعسكرية للكيان الصهيونى الغاصب فلا تكون إلا بالتنسيق بين جهود المخلصين فكل على ثغر من ثغور القضية فالإعلامى الذى يحمل القضية وينشرها مجاهد حقيقى لا يقل عن المقاوم الذى يقدم روحه فى سبيل قضيته وعقيدته.
س : مواجهة الفتنة المذهبية ؟ كيف ترون الذين يثيرون الفتن المذهبية تحت مزاعم وحجج تدفع إلى الفرقة ؟ ج : سعى الأعداء من قديم ولا يزالون يحاولون شق صفوف المسلمين عن طريق إحياء النعرات القومية تارة والمذهبية تارة أخرى وقد استجاب لهم بعض عملاء الاستعمار وبعض الجهلة حتى انشغل المسلمون ببعضهم البعض فى بعض الأقطار وصار بأسهم بينهم شديدا وتناسوا قوله تعالى (إنما المسلمون أخوة) والخروج من هذا إنما يكون بأمرين : الوعى والإخلاص وهذا دور القادة والعلماء والإعلاميين فى هذه الأمة .
س - الوحدة والتعاون بين الامة ؟
ج : لقد حذرنا تعالى من الفرقة والتشرذم فقال (واعتصموا بحبل اللله جميعا ولا تفرقوا ) لذلك فإن تكاتف الأمة كلها واجب شرعى فالمسلمون جسد واحد والعلماء الكبار الثقات يقع على عاتقهم توعية الأمة ونشر فكرة التآخى والتآلف لأن أعداءنا يرموننا عن قوس واحدة فلا يصح ـن نقابلهم بصفوف مهلهلة وقلوب متنافرة وقد قال تعالى ( إن الله يحب الذين يقاتلون فى سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص) .
س - الدور الغربى والصليبى ماذا عن الدور الخارجى لبث الفرقة وضرب مقدرات الأمة ؟
ج : من مصلحة الأعداء أن يفرقوا أمة الإسلام ولقد سعوا لذلك حثيثا فى العراق حتى سقط العراق فريسة سهلة فى أيديهم وهم اليوم يقفون سدا منيعا فى وجه المصالحة الوطنية فى فلسطين لأنها ليست فى صالحهم ، ويصنعون مثل هذا فى أقطار أخرى وكما حكى القرآن الكريم نجد أن كثيرين يستجيبون لنداء العدو عن غفلة وعن تآمر (وفيكم سماعون لهم).
س - التعاون الثقافى والفكرى كيف يمكن إحياء التعاون الثقافى والفكرى ؟
ج : أمة الاسلام أمة واحدة نبيها واحد وقرآنها واحد ولذلك فإن التعاون بين أبنائها على مرجعية الإسلام ليس صعبا (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ) حتى الاقليات يمكن ان تعيش فى ظل حضارة الاسلام المتسامحة فى اطار المواطنة المنظبطه بالنصوص الشرعية التى تعطى لغير المسلمين داخل المجتمعات الإسلامية من الحقوق ما تجعلهم أسعد الأقليات فى العالم على حد وصف الشيخ محمد الغزالى رحمه الله . س : - مواجهة الغلو والتكفير كيف يواجه العلماء موجات الغلو والتطرف ؟
ج : جاء فى الحديث الصحيح ( يحمل هذا العلم من كل خلف عدو له ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتاويل الجاهلية ) فأول واجب ذكر فى الحديث نفى تحريف الغلاه لأنهم خطر على الدين نفسه وقد جاء فى الحديث الصحيح (هلك المتنطعون) وهم اليوم لا يهلكون انفسهم فقط بل يحاولون اهلاك المجتمع كله وسبب هذه الافة الجهل , فإن الإنسان كلما اتسعت مداركه بالعلم ابتعد عن الغلو وعن تكفير المخالفين لأدنى شبه ولذلك فنحن بحاجة إلى إطلاق يد العلماء الكبار علماء الوسطية فى المساجد والجامعات والفضائيات لأن الفكر لا يقاوم إلا بالفكر
س - الغزو الثقافى والفكرى ؟
ج : الغزو الثقافى أشار إليه الحديث السابق بقوله (انتحال المبطلين) وهم الذين يريدون أن يلصقوا بالدين ما ليس منه أو ينفوا عنه ما هو من أسسه وأركانه , وعلى سبيل المثال نجد بعض المتأثرين بالغزو الفكرى والثقافى يرفض فكرة المقاومة وتحدى الاستكبار العالمى على أساس أن التاريخ قد كتب نهايته عند هذا الحد وأن الأمة لا تملك اليوم إلا أن تساير أعداءها. ويبشروننا بالرخاء لو سرنا فى مسيرات الاستسلام للأعداء وهؤلاء يقومون بدور أقرب لدور المنافقين القدامى الذين كانوا يقولون (لو نعلم قتالا لأتبعناكم) وأول سبل المواجهة كشفهم بأسمائهم , فهم أخطر على الأمة من الجواسيس لأنهم عملاء ولكن فكريا وثقافيا فكشفهم وتعريتهم واجب ليحيا من يحيى عن بينة ويهلك من هلك عن بينة ، ثم يجب تحصين الامة ضد شبهاتهم المتهاتفة بالرد الوافى الكافى عليها من قبل العلماء والخبراء ونشر تلك الردود على نطاق واسع . س - تحرك العلماء أين دور العلماء ؟ العلماء الثقات الربانيون لم يعد بوسعهم اليوم التراخى عن قضايا الأمة بل التاريخ يناديهم لينهضوا بأمتهم والواجب والشرف وأمانة العلم تهتف بهم ليقودا الأمة نحو الحرية والكرامة والاستقلال وقديما قالوا (رجل ذو همة يحيى الله به امة) وعلى الرغم من العقبات التى تعترضهم فآمال الأمة فيهم يجب أن تكون دافعا للانطلاق فى كل المجالات العلمية والاقتصادية والعسكرية كل فى مجال تخصصه فقد قال الإمام مالك : (بلغنا أن العلماء يسألون يوم القيامة عما يسأل عنه الانبياء).
قبسات من أنوار وأقلام العلماء والكتاب قبسات أون لاين حيث الإعلام الهادف قبسات أون لاين
9:04 ص
مقالات الدكتور منير جمعة
.