--------------------------------------------------------------------

المشاركات الشائعة

زوار المدونة

أحدث التعليقات

المتابعون

إحصائية المدونة

تعلقات القراء

إقرأ أيضا

تنازلات سلطة عباس .. أين الخطوط الحمراء؟

حقيقة لم تكن مفاجأة من النوع الثقيل أو حتى الخفيف تلك الوثائق التي نشرتها فضائية الجزيرة والخاصة بمفاوضات السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي, وذلك لمن تتبع مسار القضية منذ بدء المفاوضات وحتى اللحظة الراهنة, خاصة بعدما تولى الرئيس المنتهية ولايته محمود عباس (أبو مازن) السلطة خلفاً للراحل ياسر عرفات. فالرجل وحاشيته السياسية ما ظهر منهما في العلن كافياً بذاته لمعرفة توجهاتهم ورؤيتهم للقضية الفلسطينية, فهم يجرمون مقاومة الاحتلال, ويعدونه نوعاً من العبث بالقضية, ويلاحقون قادة المقاومة في الضفة بتنسيق معلن مع قوات الاحتلال, ولا يرون أفقاً للحل سوى طاولة المفاوضات وفقط. وتآمرهم على غزة أبان العدوان الإسرائيلي في ديسمبر 2008, وموقفهم المناوئ لتقرير جولدستون, وإجهاضهم إدانة هذا العدوان في المحافل الدولية بصورة معلنة يعطي دلالة على المدى الذي يمكن أن تصل إليها سلطة رام الله ورجالاتها.
ما الجديد في هذه الوثائق؟!
الجديد في وثائق الجزيرة أن الخطوط التي كان يتوقعها رجل الشارع العربي فيما يخص القضية الفلسطينية حمراء, تأكد له بالأدلة أنها ليست كذلك لدى السلطة الفلسطينية, التي لم يعد لديها خطوط حمراء أو حتى سوداء .. فما كان محرماً في عهد الرئيس عرفات, خاصة فيما يخص قضايا الوضع النهائي بات مباحاً, بل مندوباً في عهد عباس وعريقات وقريع. فتلك الوثائق التي نحن بصددها تكشف أن السلطة الفلسطينية تنازلت عن المطالبة بإزالة كل المستوطنات في القدس الشرقية باستثناء مستوطنة جبل أبوغنيم, وأظهرت محاضر جلسات المحادثات أن مفاوضي السلطة قبلوا بأن تضم إسرائيل كل المستوطنات في القدس الشرقية باستثناء المستوطنة المشار إليها, ووصل الأمر إلى تصريح أحمد قريع للإسرائيليين بأن هناك "مصلحة مشتركة في الإبقاء على بعض المستوطنات".
وإذا كانت المصلحة الإسرائيلية واضحة في بناء وبقاء مثل هذه المستوطنات, فأي مصلحة للفلسطينيين في بقاء المستوطنات, اللهم إلا التعويل عليها وسوقها كمبرر لوجود قوات الأمن الإسرائيلي, ومواصلة إجهاض قادة المقاومة بالتنسيق مع هذه القوات, والارتكاز على هذه القوات لحفظ أمن السلطة ذاتها. وهذا التنازل في مضمونة نراه تنازلاً عن دولة فلسطينية متحدة جغرافياً؛ حيث الوجود الإسرائيلي يقطع أوصال تلك الدولة حتى قبل أن تنشأ واقعاً على الأرض. وبخصوص القدس, كشفت الوثائق المنشورة, أن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات قد اقترح حلاً وصفه بأنه غير مسبوق لتقسيم القدس ومقدساتها, وأبدى رغبته في التخلي عن الحرم الشريف، وإخضاعه للجنة دولية, كما عرض تنازلات غير مسبوقة عن حييْ الأرمن والشيخ جراح. وفي وثيقة أخرى، شدد عريقات على أنه على استعداد أن يمنح إسرائيل أكبر يوراشاليم في التاريخ اليهودي.
 إذن لا قدس موحد كعاصمة للدولة, فبعد التخلي حقيقة عن مضمون الدولة, كما ذهب قريع, جاء دور عريقات لتقديم تنازلات غير مسبوقة فيما يخص المقدسات, ووضعها تحت إشراف لجنة دولية للإدارة, مع بقاء السيادة عليها للسلطات الإسرائيلية, وهو ما يعني اعترافاً بهذه السيادة وتنازلاً مطلقاً عن القدس. وعن ملف اللاجئين وشكل الدولة الفلسطينية، عرض عريقات عودة عدد رمزي من اللاجئين ودولة فلسطينية منزوعة السلاح. وهذه آخر القضايا المصيرية التي تخص القضية الفلسطينية, وهي قضية اللاجئين؛ حيث حولها ساسة عباس إلى مجرد قضية رمزية, يمكن الانتهاء منها بصورة نهائية بالسماح لبضعة آلاف أو مئات من المشردين الفلسطينيين في الخرج بالعودة, ليس إلى ديارهم, ولكن إلى تلك المقاطعات الجغرافية التي يمكن السماح للسلطة بإدارتها. وعلى النقيض من هذه التنازلات المجانية والرخاوة التفاوضية من قبل السلطة الفلسطينية, اتسم الموقف الإسرائيلي بصلابة وحرصه على انتزاع أكبر كم من التنازلات المجانية في ظل مزاد مفتوح من قبل ثنائي السلطة عريقات - قريع, وبموافقة صريحة من رئيس السلطة محمود عباس. فالموقف الإسرائيلي بشأن القدس لم يتقدم ولو خطوة واحدة أثناء المفاوضات؛ حيث رفض الإسرائيليون مناقشة ملف القدس, وبحسب عريقات نفسه, كما تقول الوثائق, فإنه في مقابل العروض الفلسطينية، رفض الإسرائيليون مناقشة القدس التي تصر إسرائيل على أنها خارج دائرة التفاوض.
 وتؤكد ذلك وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني في لقاء في 15 من يونيو 2008 مع قريع ووزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس، قائلة "أخبرنا الفلسطينيين أننا لن نعوضهم عن أي أرض هي جزء من إسرائيل"، قاصدة بذلك القدس الشرقية التي كانت تل أبيب قد أعلنت ضمها للسيادة الإسرائيلية. وفي اجتماعات أخرى كانت ليفني تصر على أن القدس "هي العاصمة الموحدة وغير المقسمة لإسرائيل والشعب اليهودي منذ 3007 سنوات". يمكننا على ضوء هذه الوثائق وما نشر منها حتى الآن أن نخلص بمشهد مضمونة تنازلاً فلسطينياً عن القضايا المصيرية والمتعلقة بالوضع النهائي وهي ثلاث قضايا: الأولى: ملف الدولة الفلسطينية, والرضا بمجرد مقاطعات جغرافية منعزلة يطلق عليه عرفاً اسم دولة, وتكون منزوعة السلاح, وتضم مستوطنات يهودية خاضعة للإشراف والإدارة الإسرائيلية. الثانية: ملف القدس, حيث التنازل عن السيادة الفلسطينية والموافقة الضمنية بالسيادة الإسرائيلية, ومن ثم لا يمكن عملياً أن تكون القدس عاصمة لتلك الدولة المنتظرة, بل ستخضع المنطقة المقدسة في إدارتها للجنة دولية. الثالثة: ملف اللاجئين؛ حيث طمرت قضيتهم وباتت فقط رمزية, يمكن الانتهاء منها بعودة مئات أو بضعة آلاف للمقاطعات الفلسطينية.
 أين القضية الفلسطينية؟
حقيقية لم تعد هناك قضية ولا قضايا مصيرية, عند رجال عباس, وهذا أكبر جرم ارتكبته هذه السلطة في حق الفلسطينيين, فبدلاً من التفاوض بخطوط واضحة, وسقف محدد, أصيبت القضية المصيرية بحالة من السيولة المفرطة, ولم يعد هناك ثابت إلا الإبقاء على السلطة ورجالاتها, وما عدا ذلك فهو قابل للتفاوض الذي هو مرادف للتنازل في المفهوم السياسي لرجال السلطة الفلسطينية. والجرم الثاني الذي ارتكبته هذه السلطة أنها زادت من الأطماع اليهودية, لعلمها المسبق بأن رجال هذه السلطة ليس لديهم خطوط حمراء, وأن ما يرفضونه علناً وراء الميكرفونات وأمام الصحافة ووسائل الإعلام, يقدمونه كورقة للتفاوض, ويزايدون فيما بينهم على تقديم المزيد من التنازلات بدعوى الواقعية السياسية. ولعل ذلك هو السبب الرئيس في رفض سلطة الاحتلال لكل ما يقدم لها من مقترحات من قبل رجال سلطة عباس, لتأكدها أن لديهم القدرة على المزيد من التنازل, وأن سقفهم بقاءهم في مناصبهم والحصول على الامتيازات وكروت VIP وفقط. والجرم الثالث لهذه السلطة، أنها أضاعت على الأجيال القادمة فرصة التفاوض من أرض صلبة؛ حيث بات عليهم أولاً أن يتغلبوا على الوقائع التي يسعى الاحتلال وبرضا السلطة على تثبيتها, ثم يعيدوا قضية الثوابت إلى الأذهان, وبعدها ينطلقوا للدفاع عنها, وسواء في ذلك قضية مقاومة الاحتلال الذي جرمته سلطة عباس, أو القضايا المصيرية الأخرى كحدود الدولة والقدس واللاجئين. إن تلك الجرائم والموبقات السياسية التي ترتكبها سلطة رام الله قد تفرض على المقاومة أن تعيد ترتيب أولوياتها على ضوء المخاطر المحدقة بالقضية ومستقبلها في ضوء وجود واستمرار هذه السلطة وممارساتها الهزلية.

12:14 ص | تحت قسم | إقرأ المزيد

علاج رسول الله لمشكلة الفقر والبطالة

الفقر والجوع في العالملقد اهتمَّ الإسلام بمشكلتي الفقر والبطالة، وحرص على علاجهما - قبل نشوئهما - بوسائل متعدِّدة حفاظًا على المجتمع المسلم من الأخطار التي قد تصيبه أخلاقيًّا وسلوكيًّا وعقائديًّا؛ حيث تؤكِّد الإحصائيَّات العلميَّة أنَّ للفقر والبطالة آثارًا سيِّئة على الصحَّة النفسيَّة، وخاصَّة عند الأشخاص الذين يفتقدون الوازع الديني؛ حيث يُقْدِم بعضهم على شُرْب الخمور، كما تزداد نسبة الجريمة - كالقتل والاعتداء - بين هؤلاء العاطلين؛ لذلك كان رسول الله يستعيذ كثيرًا من الفقر، بل ويجمعه في دعاء واحد مع الكفر، فيقول رسول الله : "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ
 الحل النبوي لمشكلتي الفقر والبطالة
كما يُعَاني العالم اليوم من جرَّاء مشكلتي الفقر والبطالة فإنه قد عانى قديمًا، فكان الحلُّ النبوي لهذه المشكلة حلاًّ عمليًّا متدرِّجًا مبنيًّا على تعاليم الإسلام وأحكامه؛ حيث بدأ رسول الله بتشجيع الناس على مزاولة الأعمال، وبعضَ المهن والصناعات، كما كان يفعل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، الذين أَعْطَوا القدوة والمثل الأعلى في العمل والكسب الحلال، فقال رسول الله عن نبي الله داود: "مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ u كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ"[2].

وكان رسول الله القدوة والمَثَل الذي يُحتذى به في هذا المجال؛ حيث كان يرعى الغنم، ويُزَاول التجارة بأموال خديجة -رضي الله عنها- قبل بعثته؛ فعن أبي هريرة t، عن النبيِّ أنه قال: "مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلاَّ رَعَى الْغَنَمَ". فقال أصحابه: وأنتَ؟ فقال: "نَعَمْ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لأَهْلِ مَكَّةَ"
كما كانت نظرة رسول الله للعمل نظرة تقدير واحترام، مهما كانت طبيعته؛ فإنه خيرٌ من سؤال الناس والذِّلَّة بين أيديهم، ويُصَوِّر رسول الله هذا الأمر بقوله: "لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةِ الْحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ، فَيَبِيعَهَا، فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ؛ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ". كما تتفرَّد النظرة النبويَّة للعمل كذلك بأنها تربط بين العمل وثواب الله في الآخرة.
وشجَّع رسول الله المشاريع الاقتصادية بين المسلمين، وحثَّهم على المزارعة، كما فعل الأنصار مع إخوانهم المهاجرين الفقراء، الذين قَدِموا على المدينة بلا أدني مال، فعن أبي هريرة t أنه قال: قالت الأنصار للنبي : اقسمْ بيننا وبَيْن إخواننا النَّخِيلَ. فقال: "لا". فقالوا: تَكْفُونَا الْمُؤْنَة, وَنَشْرَككُمْ في الثمرة. قالوا: سمِعْنا وأطَعْنا
وحرَّم رسول الله الربا لما له من مضارَّ على فقراء المجتمع؛ فهو يعوق التنمية، ويُسَبِّب التخلُّف، ويَزِيد الفقير فقرًا؛ ممَّا يؤدِّي إلى الهلاك؛ كما قال رسول الله : "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ". قالوا: يا رسول اللَّه، وما هنَّ؟ قال: "الشِّرْكُ بِاللَّهِ... وَأَكْلُ الرِّبَا..."
الفقر والبطالةوسيرة رسول الله كانت تطبيقًا عمليًّا لهذه المبادئ والقيم، التي تعمل على حلِّ مشكلتي الفقر والبطالة، فعن أنس بن مالك أن رجلاً من الأنصار أتى النبي يسأله فقال : "أَمَا فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ؟" قال: بلى، حِلْس؛ نلبس بعضه، ونبسط بعضه، وقَعْب نشرب فيه من الماء. قال: "ائْتِنِي بِهِمَا". قال: فأتاه بهما، فأخذهما رسول الله بيده، وقال: "مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ؟" قال رجل: أنا آخذهما بدرهم. قال: "مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ؟" مرَّتين أو ثلاثًا، قال رجل: أنا آخذهما بدرهمين. فأعطاهما إيَّاه وأخذ الدرهمين، فأعطاهما الأنصاري، وقال: "اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا، فَانْبذْهُ إِلَى أَهْلِكَ، وَاشْتَرِ بِالآخَرِ قَدُومًا فَأْتِنِي بِهِ". فأتاه به، فشدَّ فيه رسول الله عودًا بيده، ثم قال له: "اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَبِعْ، وَلا أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا". فذهب الرجل يحتطب ويبيع، فجاء وقد أصاب عشرة دراهم، فاشترى ببعضها ثوبًا، وببعضها طعامًا، فقال رسول الله : "هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ الْمَسْأَلَةُ نُكْتَةً فِي وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لا تَصْلُحُ إِلاَّ لِثَلاثَةٍ: لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ وَلِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ، أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ فكانت معالجته معالجة عمليَّة؛ استخدم فيها رسول الله كل الطاقات والإمكانات المتوفِّرة لدى الشخص الفقير، وإن تضاءلت؛ حيث علَّمه رسول الله كيف يجلب الرزق الحلال من خلال عمل شريف.
أمَّا إذا ضاقت الحال، ولم يجد الإنسان عملاً، وأصبح فقيرًا محتاجًا، فعلاج الإسلام حينئذ لهذه المشكلة هو أن يَكْفُل الأغنياءُ الموسرون أقاربهم الفقراء، وذلك لما بينهم من الرَّحِمِ والقرابة، وقد وصفه الله بأنه حقٌّ من الحقوق الواجبة بين الأقارب، فقال تعالى: {فَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} [الروم: 38]، ثم تأتي السيرة النبويَّة خير تطبيق لهذا الحقِّ، وتُرَتِّب أولويَّات التكافل لدى كل مسلم؛ فعن جابر t أنه قال: أعتق رجل من بني عُذْرة عبدًا له عن دُبُر، فبلغ ذلك رسولَ الله ، فقال: "أَلَكَ مَالٌ غَيْرُهُ؟" فقال: لا. فقال: "مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟" فاشتراه نُعيم بن عبد الله العدوي بثمانمائة درهم، فجاء بها رسول الله فدفعها إليه، ثم قال: "ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا". يقول: فَبَيْنَ يَدَيْكَ وعن يمينك وعن شمالك
وإذا عجز الأقارب الأغنياء عن سدِّ حاجة الفقراء جاء دَوْرُ المجتمع ككلٍّ؛ متمثِّلاً في الزكاة التي فرضها الله للفقراء من أموال الأغنياء، ولكنَّ رسول الله جعلها مقصورة على الفقير الذي لا يستطيع العمل والكسب؛ لذلك قال رسول الله : "لا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، وَلا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ. بهذا لم يجعل رسول الله لمتبطِّل كسول حقًّا في الصدقات؛ ليدفع القادرين إلى العمل والكسب.
أمَّا إذا عجزت الزكاة فإن الخزانة العامَّة للدولة المسلمة بكافَّة مواردها تكون هي الحلَّ لمعالجة مشكلة الفقر والبطالة، والموئل لكل فقير وذي حاجة - مسلمًا كان أو غير مسلم - وخير شاهد على ذلك من سيرة رسول الله ما كان يفعله مع أهل الصُّفَّة
وإذا بقي في المجتمع فقيرٌ لا يستطيع العمل؛ وجب على المجتمع كله أن يُخْرِج الصدقات ابتغاء مرضاة الله وثوابه، وهذه مزيَّة تميَّز بها الإسلام عن غيره من المعالَجَات البشريَّة للمشكلة، فها هو ذا النبي يُعَلِّم أصحابه الإنفاق، فعن جرير بن عبد الله t أنه قال: خطبنا رسول الله فحثَّنَا على الصدقة، فأبطئوا حتى رُئِيَ في وجهه الغضب، ثم إن رجلاً من الأنصار جاء بصُرَّة، فأعطاها له، فتتابع الناس حتى رُئِيَ في وجهه السرور، فقال رسول الله : "مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ أَجْرُهَا، وَمِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْتَقَصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا، وَمِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْتَقَصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ"
وبهذه القيم يظلُّ المجتمع متماسكَ البنيان، ومتوازن الأركان، ولا تنهشه أمراض الحقد والحسد، والنظر إلى ما في يد الآخرين، فتمتلئ بطونُ البعض، بينما غيرهم لا يجد ما يسدُّ رمقه، أو يُبقي على حياته، فكان الإسلام ناجحًا في إيجاد الحلول العمليَّة والواقعيَّة لمشكلتي الفقر والبطالة، ولعلَّ هذه الطريقة الفريدة الفذَّة في علاج مثل هذه المشكلة لَمِنْ أبلغ الأدلَّة على نُبُوَّته ، وعلى أن المنهج الذي أتى به ليس منهجًا بشريًّا بحال، إنما هو من وحي الله العليم الخبير.

12:07 ص | تحت قسم | إقرأ المزيد

إلى متى يظل لبنان رهينة حزب الله

إلى متى يظل لبنان رهينة حزب الله ؟تشهد لبنان أوضاعًا متأزمة وصفها بعض كبار السياسيين في المنطقة بـ"الخطيرة", ورغم تعدد الوساطات إلا أن الأزمة ما زالت متصاعدة، خصوصًا مع شعور حزب الله بقوته التي فرض من خلالها إرادته عندما احتل بيروت في وقت سابق إبّان أزمة شبكات الاتصال.
لقد دعت العديد من القوى السياسية في لبنان إلى تخلي حزب الله عن سلاحه؛ نظرًا للمخاطر المحدقة التي تترتب على ذلك، وأبطلت دعاوى "مقاومة العدو" التي يرفعها الحزب كلما طلب منه نزع سلاحه, مؤكدة أن الحزب منذ سنوات لم يطلق رصاصة على الاحتلال. كما أن مقاومة الاحتلال وظيفة الجيش الذي من مهامه الحفاظ على حدود البلاد، أما وجود السلاح في أيدي طائفة لها توجُّه سياسي محدد في بلد متعدد الطوائف فهو قنبلة موقوتة، وسيدفع طوائف واتجاهات أخرى للتسليح حتى لا تبقى رهينة في أيدي حزب الله؛ حيث انتشرت معلومات مؤخرًا عن بدء حزب القوات اللبنانية التابع لسمير جعجع -المحسوب على الأغلبية- في تسليح نفسه, وهو ما يشير إلى أن البلاد مقدمة على زلزال جديد.
منذ فترة طويلة وحزب الله يصعد الحملة ضد الحكومة ويضغط بشدة من أجل تفريغ المحكمة الدولية بشأن اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري من محتواها تحت لافتة "شهود الزور"، وهو ما يعني التشكيك في شهادة الشهود لنسف أي اتهامات توجهها المحكمة, وذلك بعد أن شعر الحزب بأن الاتهامات قد تطال بعض عناصره، وهدّد الحزب صراحة بأن أي مساس بأحد من عناصره سيؤدي إلى تفجير الأوضاع, وعندما فشلت ضغوطه على الحكومة أقدم على الانسحاب منها؛ لإحداث فراغ سياسي في البلاد يسهل من خلاله الوصول لمراده، سواء بحكومة على هواه تنفذ له ما يريد، أو استغلال هذا الفراغ لإحداث فوضى تمنع المحكمة من أداء عملها..
لقد تجمعت عناصر من حزب الله في مشهد استعراض قوة وسط بيروت في محاولة لإرسال تهديد لجميع الأطراف, وقد استنكرت قوى الأغلبية هذا الاستعراض واعتبرته صيغة مغلفة لانقلاب مسلح، وتوعدت بـ"عدم السكوت عنه"، في حين طالب البعض بدعوة قوات عربية ودولية للبلاد لحمايتهم من بطش الحزب. للمرة الثانية يسعى الحزب لاستخدام القوة لفضّ خلافاته السياسية، رغم وعود سابقة بأن سلاح الحزب موجَّه فقط للاحتلال.
إن حزب الله لا يكتفي بتمسكه بسلاحه بل يصر على إدارة سياسة البلاد على هواه، فإذا أراد تصعيدًا تجاه الاحتلال أشعل حربًا تأتي على الأخضر واليابس، ثم يخمد نشاطه سنوات طوال دون حراك ضد المحتل، ودون أن يعرف أحد لماذا هاجم هنا؟ ولماذا سكت هناك؟ وهو في كل ذلك لا ينكر علاقته بإيران ودعمها له، وهي دولة لها مصالحها المتشعبة في المنطقة وأطماعها ومشاكلها مع دول الجوار, ولها خلافاتها وصفقاتها مع الغرب، سواء بشأن العراق أو بشأن برنامجها النووي..
وهذا يلقي بتبعاته على الأوضاع الداخلية في لبنان، ويؤثر بقوة على أمنه واستقراره؛ فالمساعدات الإيرانية ليست مجانية بطبيعة الحال ولها أغراض واضحة لا تخفى على أحد كما هو ماثل في اليمن مع الحوثيين، أو مع شيعة البحرين، أو مع المالكي والصدر في العراق.
خطورة الوضع اتضحت بقوة بعد الإعلان عن فشل الوساطة السورية - السعودية، بل وصل الأمر لأن ترفع السعودية يدها من الملف بشكل كامل, في ظل هذه الظروف ما زال حزب الله يواصل التصعيد حيث يرفض تولي سعد الحريري للحكومة الجديدة رغم أنها رغبة الأغلبية, كما قام بتسريب شريط صوتي لشهادة الحريري أمام المحكمة الدولية يتهم فيها سوريا بالوقوف وراء مقتل والده، وتُوقِع بينه وبين بعض المسئولين السعوديين؛ في محاولة واضحة للإجهاز تمامًا على أي وساطة سورية سعودية قادمة, وتؤكد اختراق حزب الله لأجهزة الأمن اللبنانية على أعلى مستوى، وهو ما ينذر بما لا يحمد عقباه؛ فالطرف الآخر من المعادلة يشمل فريقًا كبيرًا من "المسيحيين"، وإذا كان السُّنَّة لقمة سائغة لأنه لا ظهير لهم، "فالمسيحيون" لهم أظهر عديدة لن تتردد في دعمهم بكل أنواع الدعم.

12:00 ص | تحت قسم | إقرأ المزيد

جمعة الغضب .. دعوات لحشد ملايين المصريين

 دعا عدد من النشطاء السياسين على موقع "الفيس بوك" الاجتماعى إلى أن يكون غدا الجمعة 28 يناير يوماً للغضب, احتجاجاً على سوء أوضاع معيشة المصريين, وتكملة لـ "ثورة الغضب" التي بدأت الثلاثاء في العديد من المحافظات. وأطلق النشطاء الدعوة إلى حشد الملايين من المواطنيين بعد صلاة الجمعة, ووصل عدد الذين تلقوا الدعوة حتى كتابة التقرير قرابة 400 ألف شخص، استجاب منهم ما يزيد عن عشرين ألف شخص خلال ساعتين من انطلاق الدعوة.
وجاء في الدعوة: "سنخرج بمسيرات في كل مساجد وكنائس مصر الكبرى متجهين ناحية الميادين العامة ومعتصمين حتى ننال حقوقنا المسلوبة، مصر ستخرج مسلميها ومسيحييها من أجل محاربة الفساد والبطالة والظلم وغياب الحرية، وسيتم تحديد المساجد والكنائس ليلة الخميس".
من جهتها, أعلنت جماعة الإخوان المسلمين مشاركتها في يوم الغضب الجمعة, وصرح د. محمد مرسي، عضو مكتب الإرشاد، بأن الجماعة ستشارك في التظاهرات لأنها جزء لايتجزأ من نسيج الوطن, مشيراً إلى أن الإخوان ليسوا من أطلق الدعوة وإنما استجابوا لها فقط.
في نفس الوقت عاد المدير السابق لهيئة الطاقة الدولية المعارض للنظام محمد البرادعي، إلى مصر الخميس آتيا من فيينا للمشاركة في التظاهرات الاحتجاجية - جمعة الغضب - المقررة الجمعة، كما أكد شقيقه.

11:57 م | تحت قسم | إقرأ المزيد

قراءة في المشهد العربي.. انقسام، فتنة، ثورة

قراءة في المشهد العربي انقسام، فتنة، ثورةبات المشهد العربي خلال العقدين الماضيين أكثر تشابكًا وتداخلًا بين خيوطه يعجز معه المحلليين والمراقبيين تحديد أى القضايا المطروحة على الساحة العربية، هى قضية العرب الأولى. وفى الفترة الأخيرة ازداد الوضع تعقيدًا، وصاحبه مزيد من الحيرة والقلق فى تحديد أى من قضايا العرب حاليًا أكثر خطورة. فلأول مرة من المحيط إلى الخليج يصبح العالم العربي كله بمثابة كتلة نار مشتعلة تتدحرج وسط حقول القمح اليابسة لتقضي على الحاضر والمستقبل. وتكاد صورة العالم العربي حاليًا تكتسي بالسواد: بين تمزيق وتقسيم، وفتنة طائفية وصراعات دينية، بين شغب وثورة ضد القهر والظلم وبين هذا وذاك صراع بين الأخوة وحرب على الجاه والسلطان.
هذا هو في الواقع مُجمَل الوضع في عالمنا العربي حتى كتابة هذه السطور، المستفيد منه فقط قوى إقليمية متربصة لسقوطه للانقضاض علىه لالتهام ونهب ثرواته والتحكم في مقدراته وامكانياته.
فكثرة الأسقام والأمراض التى تفشت داخل الجسد العربي أنسته ألمه الأساسي ومرضه المزمن، ألا وهو فلسطين، قضية العرب الأولى أو بالأحرى، التي كانت قضيتهم الأولى في يوم من الأيام، بعد أن تقهقرت وتراجعت إلى وسط صفوف الأولويات العربية، التي تراكمت وسط عجز عربي مشين لحلها أو التصدي لها، فقد باتت قضايا الآن أكثر حيوية تملأ أروقة الجامعة العربية ضجيجًا وصخبًا، من اليمن والسودان جنوبًا، والعراق ولبنان شرقًا، وفي الساعات الأخيرة تونس والجزائر غربًا.
 شبح التقسيم
لا شك أن الغزو العراقي للكويت في مطلع تسعينيات القرن الماضي كان المسمار الأول في نعش وحدة الأمة العربية، والشرارة الأولى التي أشعلت نار الفتنة بين الأخوة في العروبة، ومعه إنهار ما تبقى من نظرية القومية العربية، فقد انقسم الصف العربي بين مؤيد ومعارض ومنذ ذلك الوقت وهو لا يزال يئن من وطأة هذا الانشقاق حتى اليوم، ولعل ما فعلة الرئيس العراقي السابق صدام حسين بغزوه للكويت كفيل بمحاكمته أمام محكمة التاريخ التي ستدينه بلا ريب بتهمة التسبب فى دخول قوات الاحتلال الأجنبية إلى منطقة الخليج العربي للمرة الأولى ولم تخرج منها حتى الآن رغم زواله نفسه عن عالمنا.
وجاءت الطامة الكبرى على العرب مع الغزو الأنجلوأمريكي للعراق عام 2003م وحمل معه الإعلان الرسمي لتقسيم بلاد الرافدين، تقسيمًا طائفيًا ومذهبيًا وعرقيًا، وتبدو مسألة تقسيم العراق القائمة حاليًا على أرض الواقع، ليصبح بعد ذلك على ورق الخريطة مسألة وقت، لتتحول أكبر قوة عسكرية عربية إلى دويلات متناحرة موالية لجهات إقليمية، تتحكم في سياساتها وتوجهاتها.
لا جدل في أن العراق كانت النموذج العربي الأول -في إطار المشروع الأمريكي للشرق الأوسط الجديد- الذي يواجه خطر التقسيم وشبح التفتيت، تليه أكبر دولة عربية من حيث المساحة وهى دولة السودان التى باتت على شفا التقسيم بين سودان إسلامي في الشمال، ودولة مسيحية في الجنوب.
فتقسيم السودان الذى بات على الأبواب جاء بمباركة عربية مريبة نتيجة للصمت على جريمة الموافقة على إجراء استفتاء التقسيم فى الأساس، الذي مع أيامه الأولى أعلن فيه السودانيون الجنوبيون ارتياحهم بالانفصال عن الشمال مهما كان الثمن.
يأتي تفتيت السودان إلى دويلات ليوجه ضربة قاسمة لمستقبل الاقتصاد العربي، نظرًا لتمتعها بمقدرات اقتصادية هائلة، سواء زراعية، صناعية، وتعدينية، وما لبث أن شهدت الأوضاع الاقتصادية في السودان تحسنًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، إلا وأن توجهت لها الأنظار الامبريالية، لتقضي على آمال صعود قوة اقتصادية عربية جديدة.
وليس هناك أدنى شك في أن انقسام السودان سيكون له تداعيات عربية بالغة الخطورة تتجاوز حدودها لتصل إلى الدول العربية المجاورة: مصر، ليبيا وأريتريا، ليواصل سرطان التقسيم استشرائه في ثنايا تلك الدول أيضًا.
 مستقبل ضبابي
ولعل أبرز الانقسامات التى يعانيها عالمنا العربي وأشدها وطأة ومأساوية، هو الانقسام الفلسطيني الذي تحول من جهة إلي انقسام مادي ملموس بفعل دولة الاحتلال، وانقسام معنوي محسوس بفعل الفلسطينيين أنفسهم من جهة أخرى، دون اتهام فصيل فلسطيني عن آخر بمسئوليته عن تضييع قضية فلسطين التي حارب العرب من أجلها لأكثر من 60 عامًا.
فالفلسطينيون بانقسامهم بين الضفة الغربية وقطاع غزة وعجزهم حتى الآن عن تصحيح الأوضاع وحل الخلافات، رغم تدخل أطراف عربية عديدة بينهم لرأب الصدع، يساهمون أكثر في ضياع القضية ليفتحوا بأيديهم -لا بيد غيرهم- الباب على مصراعيه لدولة الاحتلال لتعربد وتمارس البلطجة السياسية على الساحة الفلسطينية، كما يحلو لها.
فالقضية الفلسطينية في ظل تزايد التحديات الإقليمية، وتراكم القضايا العربية التى باتت في حاجة إلى أولولية لحلها، تواجه مستقبلاً أكثر ضبابية غير واضح المعالم، يحتاج فيه الفلسطينيون إلى توحيد كلمتهم، وجمع قوتهم، للوقف أمام عدوهم الحقيقي، وليتناسوا الخلافات بينهم، ويتغاضوا عن مساوئ الماضي، لكي يعودوا بقضيتهم إلى مسارها الصحيح، وتحت المظلة العربية، دون أن يتركوا أنفسهم أداة فى يد قوى إقليمية، تحركهم كيفما تشاء، لتحقيق مصالحها ومخططاتها، وليس من أجل نصرة المقاومة والوقوف إلى جوار هذا الشعب المغوار، كما يتخيل البعض. فالمصالحة الفلسطينية هي السبيل الوحيد، لعلاج أخطر الانقسامات الحالية التي نعانيها في عالمنا العربي. ولتكن فلسطين هى البداية كما كانت في السابق، الكلمة التى توحد العرب على نصرتها.
 فتن وصراعات دينية
وإذا ما انتقلنا إلى الحديث عن أعراض مرضية أخرى يعاني منها الجسد العربي نجدها في أحداث الفتنة الطائفية والصراعات الدينية التى اجتاحت عدد من الدول العربية في السنوات الأخيرة، فإلى جانب العراق، تبرز الفتنة الطائفية بأبشع صورها فى لبنان ومصر، والتى باتت أقوى العناصر المهددة لاستقرارها الاجتماعي والسياسي. فالأخيرة ترزخ منذ سنوات تحت وطأة الانقسامات الطائفية والصراعات الدينية بين المسلمين والأقباط والتى بلغت ذروتها مع تفجير كنيسة القديسيين فى الإسكندرية.
ورغم المحاولات الشعبية لتهدئة الأوضاع المضطربة، لكن الجهات الخارجية تنفخ في نيران الفتنه الطائفية لتشعلها بأي ثمن. ومع ذلك فالأوضاع داخل مصر مرشحة للإنفجار بقوة لتدخل أرض الكنانة في دائرة حرب أهلية غير مسبوقة بين المسلمين والأقباط.
ولعل السيناريوهات التي يضعها الخبراء والمحللون لمصر لا تختلف عن السيناريو الذى تشهده السودان وتونس حاليًا.
لا شك أن حالة الاحتقان الداخلي في مصر، على جميع المستويات قد تنذر باشتعال الانفجار المرتقب في أي وقت، لتكون أم الكوارث على العالم العربي نظرًا لما تمثله مصر من مكانة إقليمية وعربية تاريخيًا وفى الوقت الحاضر، مما يجعل سقوطها بمثابة انهيار كامل للعالم العربي، وليس لنفسها فقط.
وحال الفتنة الطائفية فى لبنان ليس أفضل منه، بل أشد وطأة، نظرًا للتدخلات الإيرانية السافرة بالوقوف خلف حزب الله الشيعي، ضد أهل السنة.
ولعل الأوضاع الأخيرة التى أعقبت حل حكومة الحريري خير دليل على المصير المجهول الذي ينتظر لبنان خلال الفترة القادمة، وبخاصة بعد أن أجمع الخبراء والمتابعين للشأن اللبناني على أنها باتت قاب قوسين أو أدنى من الدخول فى دارة مفرغة تؤدي لحرب أهلية جديدة تلعب قوى إقليمية دورًا حاسمًا فى إذكاء نارها وإشعال لهيبها.
ومن غير المستبعد أن يفيق العالم العربي على واقع جديد فى لبنان بين ليلة وضحاها، خاصة مع اقتراب الموعد الذي ستعلن فيه المحكمة الدولية نتائج التحقيقات بشأن المسئولين عن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري والتي من المتوقع أن تسفر عن تورط مسئولين بازرين فى حزب الله الموالي لإيران في عملية الاغتيال، خاصة إذا تذكرنا تهديدات حسن نصر الله، بقطع يد كل من تمس أي من قيادات الحزب في حال إثبات تورطه.
 ثورة وشغب
لعل من أبرز الظواهر التى شهدتها العديد من الدول العربية فى الآونة الأخيرة هي ظواهر الشغب والتمرد على الأنظمة الحاكمة، ويبدو أن سقوط نظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن على، بعد ثلاثين يومًا متواصلة من أعمال الشغب والاحتجاج ضد الغلاء وتزايد معدلات البطالة، خير دليل على تفشي تلك العدوى في عدد من الدول العربية والتى كان أبرزها مؤخرًا فى الجزائر وليبيا.
فالعالم العربي على مشارف ما يمكن أن نطلق علىه ثورة الجياع، نتيجة لتدهور الأوضاع الاقتصادية واستشراء الفساد والمحسوبية بين الأوساط الحاكمة.
رغم ذلك لا يمكننا استبعاد ضلوع أياد خفية خارجية فى إشعال مثل هذه الحالات من التمرد والشغب. ومما يعضض كلامنا هو تأييد الغرب وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا لثورة الشعب التونسي ضد نظام بن على، الذي ظل لسنوات طويلة فى دعم وحماية الغرب، الذى صمت طواعية على فساده وتجاوزاته ضد الشعب التونسي، لما يحقق له أغراضه ومآربه. الأمر الذي يضع حاليًا باقي الأنظمة العربية المعمرة، فى ورطة حقيقية، خوفًا من انتقال العدوى التونسية إلى شعوبهم.
وهناك تمرد من نوع آخر تشهده اليمن فى السنوات الأخيرة، سواء تمرد الحوثيين فى صعدة شمالًا، أو صعود المتمردين اليمنيين فى الجنوب، بشكل بات لا يهدد فقط استقرار اليمن، بل منطقة الخليج بأثرها.
ولعل تصريحات الأمير تركي الفيصل الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العامة والسفير السابق للرياض في واشنطن، تلخص مجمل الأوضاع فى اليمن حينما وصفها بأنها تمثل تهديدًا أمنيًا مباشرًا للسعودية على المستويين الحدودي والداخلي.
وقال خلال محاضرة ألقاها في جامعة كامبريدج: "هناك حالة تفسُّخ في اليمن سببها التمرُّد في الشمال والحركة الانفصالية في الجنوب، مما سمح للقاعدة بالعمل واكتساب القوة.
فالإرهاب ينبع من اليمن وينتقل إلى المملكة، كما تتدفق أعداد من اللاجئين إلى السعودية عبر الحدود بسبب التوترات في اليمن".
حالة القلق هذه التى لخصها المسؤول السعودي السابق تعكس مدى خطورة الأوضاع فى اليمن التى باتت خطرًا محدقًا على الأمن القومي العربي فى منطقة الخليج كلها.
على أية حال فالمتأمل حاليًا فى المشهد العربي، وبنظرة تعمق وتمعن لا يمكنه أن يدرك سوى شيئًا واحدًا فقط هو أن تلك الأمة في طريقها لاستخراج شهادة وفاتها، وأنها حاليًا في مرحلة الموت الإكلينيكي، لكن يقيني التام وإيماني المطلق بأن هذه الحالة، هي التي يريد أعداء الأمة أن يصل من خلالها أبنائها إلى فقدان الأمل المصحوب بمشاعر الإحباط واليأس، يجعلني أكثر ثقة فى أن تلك الأمة سوف تستفيق، وتعيد حساباتها مجددًا، وأن بارقة الأمل التي خرجت من تونس الخضراء قد قلبت كافة الموازين، وأعطت الأمل لأبنائها، أنهم في استطاعتهم تغيير الوضع أي كان الثمن، وليعودوا كما كانوا "خير أمة أُخرجت للناس"

2:06 م | تحت قسم | إقرأ المزيد

مظاهرة ببرلين تؤيد الاحتجاجات المصرية

قصة الإسلام – وكالات
مظاهرة ببرلين تؤيد الاحتجاجات المصريةتظاهر عشرات النشطاء المصريين أمام سفارة بلادهم بالعاصمة الألمانية برلين أمس الأربعاء 26 يناير 2011 تضامنا مع المظاهرات المتواصلة في مدن مصرية مختلفة احتجاجا على تردي الأوضاع المعيشية والسياسية وانتهاكات الشرطة لحقوق المواطنين.
ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها بالعربية والألمانية "لا للتجويع لا للظلم، والحرية لمصر"، وردد المشاركون في المظاهرة هتافات تطالب برحيل الرئيس المصري حسني مبارك من قبيل "ارحل ارحل يا مبارك.. بن علي في انتظارك"، و"يسقط يسقط حسني مبارك" و"يا جمال قل لأبوك.. كل المصريين يكرهوك".
كما ردد المتظاهرون هتافات أخرى توعدت الرئيس المصري باللحاق بنظيره التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، ونددت بوزير الداخلية المصري حبيب العادلي وبالقمع الذي مارسته أجهزته الأمنية تجاه المتظاهرين في القاهرة والمدن المصرية يوم الثلاثاء.
وحمل متحدثون في كلمات ألقيت في المظاهرة "رئيس النظام المصري المسؤولية عن إفقار شعبه وامتهان كرامته وإذلاله وانتهاك حقوقه في الداخل والاستخفاف به في الخارج، وتزوير إرادة الناخبين، وتأخر مصر وتراجع دورها التاريخي، خلال 29 عاما قضاها في رئاسة البلاد".
وسلمت مجموعة من المتظاهرين لمسؤولين داخل السفارة المصرية رسالة تطالب بانتقال سلمي للسلطة، ورفع حالة الطوارئ المفروضة على مصر منذ 29 عاما، وإلغاء الأحكام الصادرة من محاكم عسكرية على مدنيين، وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، وإجراء انتخابات حرة.
وكان عدد من النشطاء المصريين في مدن ألمانية مختلفة قد وجهوا رسائل إلى المستشارة أنجيلا ميركل ووزير خارجيتها غيدوا فيسترفيله، طالبوهما فيها بالتعبير عن احترام حق الشعب المصري في التغيير والتعبير عن الرأي والتداول السلمي الديمقراطي للسلطة وإقامة دولة قانون.
وطالب النشطاء المصريون في رسائلهم ميركل وفيسترفيله بإدانة العنف المفرط الذي استخدمته الشرطة المصرية ضد المتظاهرين، بالدرجة نفسها التي يدينون بها العنف ضد متظاهرين في أماكن أخرى بالعالم.
ومن المنتظر أن ينظم ناشطون مصريون مظاهرات أخرى أمام وزارة الخارجية الألمانية وفي قلب برلين للتعبير عن تضامنهم مع احتجاجات مواطنيهم في القاهرة والمدن المصرية.

2:03 م | تحت قسم | إقرأ المزيد

25 يناير.. انتفاضة الغضب في مصر

مصطفى الأنصاري 
تغيير .. حرية.. عدالة اجتماعية
25 يناير انتفاضة الغضب في مصروقف قرابة الثلاثمائة متظاهر مصري أمام باب محكمة النقض المصرية -بالقرب من ميدان رمسيس- يهتفون بهذه الشعارات الثلاث وسط ما يزيد عن ثلاثة آلاف من جنود قوات الأمن المصرية، ورغم زيادة عدد قوات الأمن إلا أن أحدهم لم يفكر في الاعتداء على المتظاهرين أو منعهم، وظل الوضع هكذا حتى الساعات الأولى من مساء الثلاثاء 25 يناير، لينقلب هذا المشهد رأسًا على عقب..
قنابل مسيلة للدموع.. رصاص مطاطي.. رصاص حي.. حالات اختناق.. إصابات.. أعمال عنف، فما الذي حدث؟
بداية الأحداث التي شهدها يوم الثلاثاء 25 يناير دعوة أطلقها عدد من الناشطين السياسيين والحقوقيين المصريين إلى تنظيم مظاهرات ووقفات احتجاجية واسعة في مصر يوم الثلاثاء 25 يناير 2011م ضد "التعذيب والفقر والفساد"، وذلك بالتزامن مع الاحتفال الرسمي الذي تنظمه الدولة بمناسبة عيد الشرطة.
وفي الوقت نفسه انتشرت دعوات عديدة بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وموقع تويتر تدعو المصريين إلى النزول للشارع للمطالبة بحقوقهم في الحرية والديمقراطية، وتوصيل رسالة إلى العالم بأن الملايين غير راضيين عن أوضاع بلادهم.
كما بدأت دعوة على صفحة "خالد سعيد"، وجذبت أكثر من 54 ألف مشترك خلال أربعة أيام فقط
وكذلك وجهت حركة شباب 6 أبريل، الدعوة إلى الشباب من مختلف التيارات السياسية وجميع أطياف الشعب المصري للتعبير عن رفضهم ما سموه ببعض الممارسات التي تنتهجها وزارة الداخلية في تعاملها مع المواطنين، حسب بيان الدعوة
وقد تم الإعلان عن عدّة مطالب لهذه الاحتجاجات، منها: إقالة الحكومة، وتشكيل حكومة وفاق وطني، وحل مجلسي الشعب والشورى، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، فضلاً عن إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين ممن ليس عليهم أحكام جنائية، ومحاكمة كل رموز الفساد والمستفيدين منه، إضافة إلى إلغاء قانون الطوارئ، وإجراء تعديل فوري في المواد المعيبة في الدستور المصري مثل المواد 66 و67 و5 و88 و179 لضمان انتخابات رئاسة حرة، إلى جانب توفير حد أدنى من الأجور 1200 جنيه لضمان حياة كريمة للمصريين.
وتفاوت رد الفعل الشعبي للمصريين تجاه هذه الدعوات ما بين الإيمان الكامل لدى البعض بقدرتها على إحداث تغيير ملموس في حياة المصريين، وبين اليأس من جدواها وفاعليتها وقدرتها على تحسين الوضع فضلاً عن تغييره، وقد ساهم في تدعيم مشاعر اليأس أن الدعوة صادرة من قوى سياسية ناشئة ولا تمتلك قاعدة شعبية واسعة، كما أنها تقتصر في معظم أنشطتها على شبكة الإنترنت، فلا يشعر الناس بوجودها على أرض الواقع.
كما ساهم في ترسيخ المشاعر السلبية تجاه هذه الدعوات امتناع كبرى الأحزاب الرسمية المصرية عن المشاركة في هذه الاحتجاجات، إضافة إلى إعلان جماعة الإخوان المسلمين -كبرى الحركات الإسلامية في مصر- في بادئ الأمر عن عدم مشاركتها في فعاليات يوم 25 يناير، ثم أعلنوا عن الاكتفاء بالمشاركة الرمزية عن طريق بعض رموزهم.
أمّا الجانب الحكومي فقد اجتهد ليقلل من أهمية هذه الدعوات، ويظهر افتقارها للتأييد الشعبي؛ فاعتبر نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وحيد عبد المجيد أن الدعوة بتنظيم مظاهرات واحتجاجات واسعة في يوم عيد الشرطة لا تختلف عن سابقاتها من المظاهرات التي لا تحدث أثرًا حقيقيًّا في مصر؛ ولذا توقع عبد المجيد أن لا تستقطب الدعوة أعدادًا كبيرة للتظاهر
 مصر.. يوم 25 يناير
مصر يوم 25 ينايروبدأ يوم الثلاثاء 25 يناير هادئًا وضاعف من هدوئه كونه إجازة رسمية بمناسبة عيد الشرطة المصرية، ولكن مع مرور ساعات النهار بدأت الرؤية تتضح، وأخذت الأنباء تتوالى عن خروج مجموعات من الشباب من مختلف المدن والمحافظات المصرية بنية التظاهر.. إلى جانب ما نقلته الأخبار عن الهدوء الملحوظ من جانب قوات الأمن في التعامل مع المواطنين المتجهين لأماكن التظاهر التي سبق الإعلان عنها على الشبكة الإلكترونية.

وقد قامت برصد هذه التظاهرات العديد من وكالات الأنباء والصحف المحلية والعالمية، نذكر منها التقرير الصحفي الذي أعدته صحيفة الشرق الأوسط اللندنية وجاء فيه:
خرج ألوف المصريين الثلاثاء 25 يناير في مظاهرات احتجاجية عمت الكثير من المحافظات، وهم يهتفون في الشوارع والميادين العامة، مطالبين بـ"الإصلاح السياسي والاقتصادي" وإسقاط الحكومة وحل البرلمان، وهم يشيدون بالانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي قبل أسبوعين. وغاب التنظيم عن المظاهرات الاحتجاجية المصرية التي يقدر عدد المشاركين فيها بعشرات الألوف، على الرغم من ظهور قيادات فيها من عدة تيارات وحركات، منها جماعة الإخوان وتيارات حزبية معارضة من اليساريين والليبراليين.
اندلعت المظاهرات دون الحصول على ترخيص من السلطات، للاحتجاج على "الفقر والبطالة والقمع"، بعد أن دعا إليها نشطاء على الإنترنت تحت اسم "يوم الغضب"، واختير له يوم العطلة الرسمية بمناسبة عيد الشرطة المصرية، ولوحظ انخراط مواطنين عاديين في المظاهرات -في ظاهرة نادرة الحدوث في مصر- التي تمنع فيها السلطات التظاهر من دون ترخيص، وقال شهود عيان ونشطاء: إن مواطنين عاديين هتفوا: "تونس تونس يا أبيّة.. إحنا وراكي للحرية"، بعد أن انضموا إلى المظاهرات في مدن القاهرة والإسكندرية ومدن بالدلتا وعلى قناة السويس (شمالاً)، وبعض مدن الصعيد (جنوبًا).
وفي القاهرة، خرج الألوف في مظاهرات حاشدة احتجاجًا على أوضاعهم المعيشية. وبدأت الاحتجاجات في العاصمة عند الساعة الواحدة ظهرًا، عندما تجمع عشرات النواب السابقين، غالبيتهم من جماعة الإخوان، أمام دار القضاء العالي في قلب القاهرة، إلا أن قوات مكافحة الشغب حاصرتهم ولم تسمح لهم بالحركة، لكن مئات الشباب الغاضب الذي ظل على بُعد خطوات منهم، استطاع كسر الطوق الأمني، وسريعًا ما التحم المتظاهرون مع نحو ستة آلاف متظاهر آخرين كانوا قادمين من شارع الجلاء القريب، وهم يهتفون "باطل.. باطل"، في إشارة للنظام الحاكم.
وتوجه عدة آلاف، يقودهم قياديون من أحزاب ليبرالية، منها الوفد والغد باتجاه المقر الرئيسي للحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم) على كورنيش النيل. وقاد المنافس السابق للرئيس المصري في الانتخابات الرئاسية في عام 2005م الدكتور أيمن نور، المتظاهرين باتجاه المبنى الرسمي للتلفزيون المصري المطل على النيل، الذي يبعد عدة مئات من الأمتار عن مقر الحزب الحاكم، ثم توجه المتظاهرون إلى ضاحية بولاق الشعبية عبر شارع 26 يوليو الحيوي بوسط القاهرة، الذي اكتظ بنحو عشرة آلاف محتج.
وفي منطقة شبرا، قام المتظاهرون باختراق عشرات الحواجز الأمنية البشرية، التي حاولت منعهم من التقدم. ولم تستخدم قوات الأمن في تلك الضاحية الواقعة بشمال القاهرة العنف؛ مما دفع الحشود إلى تحية قوات مكافحة الشغب والهتاف لهم وتوزيع الورود عليهم.
مظاهرات 25 يناير فى مصر من ميدان التحرير أكبر ميادين القاهرةوفي ميدان التحرير، أكبر ميادين القاهرة، ضربت قوات الأمن حصارًا مكثفًا وأغلقت كل الشوارع المؤدية إلى الميدان، واشتبك المتظاهرون مع قوات مكافحة الشغب التي استخدمت القنابل المسيلة للدموع، وكان لافتًا أن تم استخدام أسطح المنازل لإلقاء القنابل، في محاولة للسيطرة على حركة الحشود التي حاولت كسر الطوق الأمني والانضمام للمتظاهرين أمام دار القضاء العالي التي انطلقت منها المظاهرات التي كانت تهتف بسقوط الحكومة.
وفي ميدان محطة الرمل الشهير بشرق الإسكندرية (نحو 200 كلم شمال غربي القاهرة)، وأطلقت قوات الأمن قنابل مسيلة للدموع في مواجهة نحو عشرة آلاف متظاهر، وقال شهود عيان: إن مظاهرات اندلعت في عدة أنحاء بالمدينة الواقعة على البحر المتوسط، وأشاروا إلى أن نشطاء من عدة أحزاب وحركات قادوا المتظاهرين في الإسكندرية، منها أحزاب الجبهة الديمقراطية والغد والكرامة، وكذا حركات كفاية وحشد والعدالة والحرية والحركة الشعبية لدعم الدكتور محمد البرادعي.
ورفع المتظاهرون لافتات طالبوا فيها بإصلاحات اقتصادية لتحسين أوضاعهم المعيشية، منها لافتة كتب عليها "مطالبنا وظيفة ولقمة عيش نظيفة". وألقى مدير أمن الإسكندرية اللواء محمد إبراهيم كلمة للمتظاهرين في محاولة لتهدئتهم وإقناعهم بالانصراف لتيسير حركة المرور في ميدان الرمل، إلا أن المحتجين لم ينصاعوا، وواصلوا تحركهم للطواف بالمدينة؛ مما دعا قوات الأمن لقذفهم بقنابل مسيلة للدموع.
 وفي الإسكندرية..
قال ناشطون وشهود عيان: إن المظاهرات اندلعت في الإسكندرية في أحياء أخرى، منها العصافرة التي اندلعت فيها مظاهرة تضم ألفين، بدأت من أمام مسجد "هدى الإسلام" والتقوا مع مسيرة احتجاجية أخرى ضمت نحو خمسة آلاف، ليتجهوا بعد ذلك إلى كورنيش الإسكندرية على البحر، رافعين علم مصر.

وفي منطقة محطة القطارات الرئيسية بالإسكندرية المعروفة باسم "محطة مصر"، ردد نحو ثلاثة آلاف محتج شعارات منددة بالحزب الحاكم، مطالبين بإسقاط الحكومة، ورفعوا لافتات كتبوا عليها: "البرلمان باطل.. الحزب الوطني باطل".
وتحركت مسيرة احتجاجية أخرى في شارع بورسعيد الحيوي بالإسكندرية أمام مكتبة الإسكندرية الشهيرة في منطقة الأزاريطة، انضم إليها في وقت لاحق المستشار محمود الخضيري، القريب من جماعة الإخوان، وقال شهود عيان: إن الخضيري -وهو قاضٍ سابق- قاد هذه المسيرة في اتجاه منطقة مجمع الكليات النظرية التابع لجامعة الإسكندرية.
وطالب الخضيري المتظاهرين بالاستمرار في مظاهراتهم والصمود لعدة أيام؛ لممارسة ضغوط على الحكومة المصرية للاستجابة لطلباتهم، وعلى رأسها مطالب الإصلاح السياسي والمطالب السبعة للتغيير التي سبق أن أعلنت عنها الجمعية الوطنية للتغيير، التي أسسها البرادعي.
 وفي مدن الدلتا..
كما شاركت أعداد أقل في عدة مدن بالدلتا في شمال العاصمة، حيث تظاهر نحو ألف محتج في مدينة المنصورة، وعدة آلاف في مدن دمياط وطنطا والمحلة الكبرى. وقال شاهد عيان: إن المتظاهرين في المحلة الكبرى، وهي مدينة عمالية، كانوا يهتفون مطالبين بتحسين أحوالهم المعيشية.
 وفي مدن قناة السويس..
مظاهرات مصر فى يوم الغضبكذلك في مدن قناة السويس وشبه جزيرة سيناء، التي تشهد توترًا منذ عدة سنوات بين الشرطة والمواطنين، قال شهود عيان: إن المئات من أهالي شمال سيناء خرجوا للتظاهر، استجابة لدعوة قوى المعارضة، وأغلق المحتجون الطريق الدولي "رفح - العريش" بالإطارات المطاطية المشتعلة، وأضاف الشهود أن المئات من البدو يستقلون شاحنات صغيرة توجهوا إلى منطقة قريبة من مطار الجورة، وهو قاعدة القوات الدولية بسيناء؛ للضغط على الحكومة لتحسين أحوالهم المعيشية.
وفي الإسماعيلية، اندلعت مظاهرات بميدان الفردوس بمشاركة ما يقرب من 600 من النشطاء وأحزاب المعارضة وسط حراسة أمنية مشددة من قوات مكافحة الشغب والأمن المركزي، ووضع المحتجون ملصقات على جدران المباني تدعو لإقالة الحكومة وحل مجلسي البرلمان (الشعب والشورى)، ووقف تصدير الغاز للكيان الصهيوني.
 وفي محافظات الصعيد..
كما شهدت مدن بالصعيد مظاهرات أقل صخبًا؛ ففي مدينة أسوان في أقصى الجنوب المصري نظمت أحزاب التجمع والوفد والناصري وحركة كفاية والجمعية الوطنية للتغيير، مظاهرة في ميدان المحطة، ضمت أكثر من ألف متظاهر، وسط إجراءات أمنية مشددة، رفعوا خلالها اللافتات المطالبة بالتغيير.
 مشهد الختام من العاصمة المصرية
يوم الغضب يوم انتفاضة الشعب المصرينفذ صبر الأجهزة الأمنية المصرية مع الدقائق الأولى من صباح اليوم الأربعاء 26 يناير 2011م، فشنت هجمة شرسة على المعتصمين في ميدان التحرير -تزامنت هذه الهجمة مع هجمات أخرى كاسحة في سائر المحافظات المنتفضة- لمحاولة تفريقهم، واستخدمت في ذلك الرصاص الحي والمطاطي والقنابل المسيلة للدموع!!
وطاردت قوات الأمن التي تكدَّست في المنطقة، آلاف المعتصمين في المنطقة المحيطة بميدان التحرير، خاصةً في اتجاه شارع رمسيس.
كما شنَّت حملة اعتقالات عشوائية طالت العشرات، الذين تم احتجازهم في عربات الترحيلات والأمن المركزي وترحيلهم إلى أماكن مجهولة.
وامتدت سحب الدخان الناتج عن قنابل الغاز إلى داخل محطات مترو الأنفاق، الأمر الذي أصاب الركاب بحالات اختناق، وحاولوا الخروج إلى الشارع مرةً أخرى.
وكشفت الإحصائيات حول أحداث الثلاثاء 25 يناير بالقاهرة والمحافظات عن استشهاد 3 مواطنين من مدينة السويس، هم: غريب السيد (44 عامًا) أُصيب بطلق ناري في البطن، مصطفى رجب عبد الفتاح (22 عامًا) أُصيب بطلق ناري في القلب، وسليمان صابر (31 عامًا) عاطل عن العمل ومات مختنقًا من آثار قنابل الغاز التي أطلقتها الشرطة، فيما لقي مجند أمن مركزي مصرعه تحت أقدام زملائه في ميدان التحرير.
كما قال المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية -في بيان له-: إن قوات الأمن اعتقلت أكثر من 1000 متظاهر، موزعون على كل المحافظات، تمَّ إطلاق سراح بعضهم، فيما لا يزال قرابة الـ500 رهن الاعتقال.
وأوضح البيان أن مئات المواطنين أُصيبوا بإصابات مختلفة، منها 150 بالقاهرة فقط، تمَّ نقل بعضهم إلى المستشفيات في حالة من الإعياء الشديد، فيما رفض عدد آخر دخول المستشفيات؛ خوفًا من البطش الأمني!!
 الموقف الرسمي. الإصرار على الحل الأمني !!
25 يناير انتفاضة وثورة مصرورغم ما كشفته أحداث انتفاضة الثلاثاء 25 يناير من حجم الاحتقان والغضب والكبت لدى الشباب المصري، بما يفرض على الدولة ضرورة إعمال العقل للبحث عن وسيلة لاحتواء هذا الشباب الغاضب، نجد أن المعطيات والإشارات التي تصدرها الدولة تؤكد تمسكها بالحلول الأمنية في مواجهة هؤلاء الشباب!
فما دخل قوات الأمن في مثل هذه القضايا؟!
إن علاج مشاكل هؤلاء الشباب يتلخص في فتح باب الحوار "الصادق" بين الدولة وقادة الرأي فيها؛ للبحث عن طريقة لتنفيذ هذه المطالب المشروعة، من حرية سياسية وتوفير فرص عمل أو صرف إعانة بطالة، وغير ذلك مما ركز عليه معظم الشباب الغاضب.
لكن -ويا للأسف- نجد الدولة تجتهد منذ الصباح الباكر ليوم الأربعاء 26 يناير في حشد قواتها وكأنها الحرب؛ للحيلولة دون مواصلة المظاهرات الاحتجاجية لليوم الثاني على التوالي، كما أكدت شركة تويتر أن موقعها الذي يقدم خدمات التراسل والاتصال عبر شبكة الإنترنت حُجب في مصر!!
فهل سينجح الحل الذي اختارته الدولة في إخماد جذوة الغضب لدى شباب مصر الغاضب؟
وهل ستكفّ الحكومة المصرية عن استخدام الأسلوب الأمني في حل كافة مشاكلها؟
هذا ما سنراه في الأيام القليلة القادمة..
ونسأل الله الأمن والأمان لمصر وسائر بلدان المسلمين.

2:01 م | تحت قسم | إقرأ المزيد

البرلمان الأوربي يعرب عن قلقه إزاء المظاهرات في مصر

البرلمان الأوربي يعرب عن قلقه إزاء المظاهرات في مصرقال رئيس البرلمان الأوربي جيرزي بوزيك الأربعاء 26 يناير 2011 إنه يتابع بقلق المظاهرات والاحتجاجات الجارية في مصر، داعيا الأطراف المعنية إلى ضبط النفس.
وأعرب بوزيك في بيان له عن أسفه لسقوط ثلاثة قتلى في الاحتجاجات التي جرت الثلاثاء في مصر مقدمًا تعازيه القلبية لأسر وأصدقاء الضحايا.
وسقط أربعة قتلى، أحدهم من عناصر الأمن، خلال التظاهرات العارمة التي خرجت في عدة مدن مصرية الثلاثاء 25 يناير وشارك فيها عشرات الآلاف للتنديد بسياسات الحكومة والمطالبة بتنحي الرئيس المصري حسني مبارك.
ودعا المسؤول الأوربي "جميع الأطراف المعنية في مصر إلى ضبط النفس حتى يتسنى للناس ممارسة حقوقهم الأساسية وحريتهم بالإعلان عن أمانيهم وتطلعاتهم باحترام دون خسائر في الأرواح".
وأوضح أنه "لدى السلطات المصرية الآن فرصة فريدة للاستجابة بحق لشكاوى وحزن الشعب المصري وعلى السلطات هناك أن تحترم تطلعات الشعب المصري الاجتماعية والسياسية الشرعية الداعية إلى المزيد من الحرية والتعددية والديمقراطية" بحسب وكالة الأنباء الكويتية "كونا".
وأشار إلى "أن مصر جار قريب للاتحاد الأوروبي وستكون دائما شريكا مهما لنا" معربا عن استعداد الاتحاد الأوروبي للمضي بطريق الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
وفي السياق ذاته، قال وزير الخارجية الألماني جيدو فسترفيله الأربعاء إن على مصر أن تحترم حقوق شعبها، ودعا كل الأطراف إلى الإحجام عن العنف بعد وقوع اشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين.
وقال فسترفيله: "يجب احترام حقوق الإنسان الأساسية والحقوق المدنية وحرية الرأي والتجمع وحرية الصحافة في مصر" وفق رويترز.
وأكد أن "احترام الشعب وحقوق الانسان هو أفضل سبيل للاستقرار".

1:55 م | تحت قسم | إقرأ المزيد

مشروعية المظاهرات: إحياء للسنة وتحقيقاً لمقاصد الشريعة

المظاهرات وسيلة لها أحكام الوسائل، والأصل في الوسائل الإباحة، وما يتلبس بوسيلة مباحة من مخالفة فالوسائل لها أحكام المقاصد، فمالذي يقصده المسلمون بهذه الوسيلة إلا إظهار الحق، ورفض الظلم، وكشف الخيانات ، وشحذ همم الناس وألسنتهم وأقلامهم وأيديهم بما يملكون فعله، كما ان في هذا صناعة وحدة في الموقف ورأي للأمة.
لقد أصبح التظاهر مقياسا من مقاييس الرأي عند الأمم مسلمها وكافرها في هذا العصر، فنحن لا نعلم رأي أمة من حكامها ولا من إعلامها الذي قد يسيطر عليه حزب أو قلة لا تخدم مصلحة الأمة ولا تحرص عليها، ولا نعلم من قال ممن لم يقل ومن وافق ومن خالف، فهذا قياس مهم لموقف الأمة واستنكارها لباطل أو مناصرتها لحق.
والتظاهر مع الحق، وضد الباطل سنة مشروعة جارية، سنها الله في إظهار الإنكار على الفساد في قوله تعالى: {وليشهد عذابهما طائفة}، وسنها في الإبتهاج بالأعياد، واستقبال الرسول صلى الله عليه وسلم، وتوديعه للغزاة حين خروجهم والإحتفال بهم حال عودتهم، وفي إظهار القوة كما فعل مع أبي سفيان فألزمه رؤية قوة المسلمين، وقطع الطريق عليه أن يفكر في إمكان مواجهة القوة الضاربة للإسلام، ومن قبل طلب الرسول صلى الله عليه وسلم من الطائفين أن يهرولوا في الطواف اظهارا لقوة وصحة أجسامهم، مما يراجع تفصيله في فقه الحج وفي السير. وإن لم نظهر موقفنا وحميتنا وصوتنا وتعاطفنا مع إخواننا المقهورين وحمانا المنتهك فما ذا بقي؟ فاظهار الحق، بكل وسيلة وغمط الباطل بكل وسيلة، في عموم ما ذكر، مما تواترت على مشروعيته الأدلة تواترا معنويا، وهي سنة في الإسلام قائمة

إلى شرفاء مصر المسلمة : آن الأوان

9:30 ص | تحت قسم | إقرأ المزيد

حياة سيف الدين قطز

من هو قطز؟

سيف الدين قطزسيف الدين قطز هو واحد من أعظم الشخصيات في تاريخ المسلمين.. اسمه الأصلي محمود بن ممدود وهو من بيت مسلم ملكي.. وهو ابن أخت جلال الدين الخوارزمي.. ملك الخوارزميين المشهور، والذي قاوم التتار فترة وانتصر عليهم ثم هُزِمَ منهم، وفرَّ إلى الهند، وعند فراره إلى الهند أمسك التتار بأسرته فقتلوا بعضهم واسترَقّوا بعضهم.
وكان محمود بن ممدود أحد أولئك الذين استرقَّهم التتار، وأطلقوا عليه اسمًا مغوليًّا هو قطز، وهي كلمة تعني الكلب الشرس، ويبدو أنه كانت تبدو عليه من صغره علامات القوة والبأس، ثم باعه التتار في أسواق الرقيق في دمشق واشتراه أحد الأيوبيين، وجاء به إلى مصر، ثم انتقل من سيد إلى غيره حتى وصل في النهاية إلى الملك المعز عز الدين أيبك ليصبح أكبر قواده كما رأينا.
 نشأة قطز
وقطز رحمه الله كبقية المماليك نشأ على التربية الدينية، والحمية الإسلامية، وتدرب منذ صغره على فنون الفروسية وأساليب القتال، وأنواع الإدارة، وطرق القيادة.. فنشأ شابًّا فتيًّا أبيًّا محبًّا للدين معظمًا له قويًا جلدًا صبورًا.. فإذا أضفت إلى ذلك كونه ولد في بيت ملكي، وكانت طفولته طفولة الأمراء وهذا أعطاه ثقة كبيرة بنفسه، فإذا أضفت إلى ذلك أن أسرته هلكت تحت أقدام التتار وهذا -بلا شك- جعله يفقه جيدًا مأساة التتار.
وليس من رأى كمن سمع.. كل هذه العوامل صنعت رجلاً ذا طراز خاص جدًا، يستهين بالشدائد، ولا يرهب أعداءه مهما كثرت أعدادهم أو تفوقت قوتهم.
التربية الإسلامية العسكرية، والتربية على الثقة بالله، والثقة بالدين، والثقة بالنفس كانت لها أثر كبير في حياة قطز رحمه الله. 
قطز في الحكم
وجد قطز أن السلطان الطفل مشغول باللهو عن أمور الحكم، وأن بعض أمراء المماليك يستغلون ذلك في التدخل في أمور الحكم، وجاء ذلك مع قدوم رسل التتار يهددون مصر بالاجتياح؛ فقام بعزله بعد موافقة العلماء، وأعلن نفسه سلطانًا على مصر.
بدأ قطز حكمه بمواجهة معضلة خطيرة، وهي صد التتار المتوحشين القادمين لغزو مصر بعدما أسقطوا الخلافة الإسلامية، ودمَّروا بغداد، واجتاحوا الشام.
لم يكن قطز يستطيع صدَّ التتار بجيشٍ متشعب الولاءات بين الأمراء الذين يبحثون عن مصالحهم، ولا بشعب لاهٍ عن الجهاد وتبعاته؛ لذا بدأ بتنفيذ خطة محكمة سدَّد الله فيها خطاه؛ إذ بدأ بحشد جهود العلماء المخلصين من أجل بث روح الجهاد في نفوس الشعب، واضطلع سلطان العلماء العز بن عبد السلام بعِظم هذه المهمة، ومعه عدد من العلماء الأجِلاّء الذين تحفظ لهم الأمة مكانتهم.
ولم يكن للشعب أن يتبع خطوات العلماء ما لم يكن الحاكم نفسه يفعل ذلك، وقد كان قطز نِعْم الحاكم الذي يوقر العلماء، ويطيعهم؛ لذا لمّا أراد فرض ضريبة على الشعب لتجهيز الجيش، وأفتى العز بن عبد السلام بعدم الجواز إلا بعد أن يُخرِج الأمراء ما عندهم من أموالهم وأموال نسائهم وجواريهم؛ كان قطز أول مَن نفَّذ تلك الفتوى على نفسه، ثم طبقها على بقية الأمراء بالقوة.
ولكن.. لا بد للجيش من أمراء أكْفاء يقودون الجنود وهم مقتنعون بالهدف والغاية؛ لذا عمل قطز على تجميع الصفوف وتوحيدها، كما أخذ يُحمِّس الأمراء للجهاد في سبيل الله.
 الثأر من التتار
خريطة معركة عين جالوتتراصَّ الجميع خلف قطز: شعبًا وأمراءً وعلماءً؛ فبدأ التجهيز العسكري للمعركة، وفي يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة 658هـ، وبشروق الشمس أضاءت الدنيا على فجرٍ جديد انبثق من سهل عين جالوت؛ إذ التقى الجيشان: المسلم والتتري، وقاتل قطز رحمه الله قتالاً عجيبًا.
وبعد توكلٍ على الله ، وخطة ذكية من قطز أثبت بها تفوقه على خصمه كتبغا قائد جيش التتار ونائب هولاكو كتب الله النصر للمسلمين، وبدأت الكفة -بفضل الله- تميل من جديد لصالح المسلمين، وارتد الضغط على جيش التتار، وأطبق المسلمون الدائرة تدريجيًّا على التتار، وكان يومًا على الكافرين عسيرًا.. وقُتِل كتبغا بيدي أحد قادة المسلمين.
ووصل التتار الفارُّون إلى بيسان (حوالي عشرين كيلو مترًا إلى الشمال الشرقي من عين جالوت)، ووجد التتار أن المسلمين جادّون في طلبهم، فلم يجدوا إلا أن يصطفوا من جديد، لتدور موقعة أخرى عند بيسان أجمع المؤرخون على أنها أصعب من الأولى، وقاتل التتار قتالاً رهيبًا، ودافعوا عن حياتهم بكل قوة، وبدءوا يضغطون على المسلمين، وكادوا أن يقلبوا الأمور لمصلحتهم، وابتلي المؤمنون، وزُلزلوا زلزالًا شديدًا، وكانت هذه اللحظات من أحرج اللحظات في حياة القوات الإسلامية، ورأى قطز -رحمه الله- كل ذلك.. فانطلق يحفز الناس، ويدعوهم للثبات، ثم أطلق صيحته الخالدة: واإسلاماه، واإسلاماه، واإسلاماه.
قالها ثلاث مرات، ثم قال في تضرع: "يا الله!! انصر عبدك قطز على التتار..!!".
ما إن انتهى من دعائه وطلبه -رحمه الله- إلا وخارت قوى التتار تمامًا..
وقضى المسلمون تمامًا على أسطورة الجيش الذي لا يقهر..
وأُبِيدَ جيش التتار بكامله، وانتصر الجيش الإسلامي العظيم، {وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [آل عمران: 126].

11:43 ص | تحت قسم | إقرأ المزيد

اربح الصحابة ولا تخسر آل البيت

11:36 ص | تحت قسم | إقرأ المزيد

قطار الفتنة.. هل يدهس مصر ؟

التاريخ يزخر بالكثير من المواقف الصغيرة التي تسببت فيما بعد في أحداث كبيرة وضخمة، فكم من فعلة أو لفظة أو لفتة قد أشعلت نيران حرب دامت عشرات السنين، والحرب العالمية الأولي أشعل فتيلها إقدام شاب صربي علي اغتيال ولي عهد النمسا في سراييفو، فاشتعلت الحرب التي راح ضحيتها عشرين مليون قتيل، وفرنسا قامت باحتلال الجزائر لأكثر من مائة وثلاثين عام بحجة قيام والي الجزائر أحمد باشا بضرب قنصل فرنسا بمنشة ذباب في وجهه، ومباراة كرة قدم بين السلفادور والهندوراس أشعلت حرباً طاحنة بين البلدين، وفي أيام الجاهلية الأولي اندلعت حرب البسوس طيلة أربعين سنة بسبب ناقة، واندلعت حرب داحس والغبراء لنفس الفترة تقريبا بسبب التسابق بين فرسين!
كل هذه الحوادث الصغيرة والتي ترتب بعدها وقوع أحداث ضخمة وحروب طاحنة، لم تكن سوى القشة التي قصمت ظهر البعير، والشرارة التي أطلقت فوهة المدفع، فقبل وقوع تلك الأحداث الصغيرة كانت الأحوال غير مستقرة والعلاقات متوترة، والأوضاع ملتهبة وعلي شفا البركان وعلي وشك الانفجار، والنفوس والقلوب مشحونة بالكره المتبادل، ثم وقعت تلك الحوادث الصغيرة فكانت الكوارث الكبرى والأحداث العظمى، التي راح ضحيتها الملايين وأعقبها الدمار الواسع والانهيار الكامل.

حادثة القطار والدلالات الخطيرة:

فجأة وفي ظل أجواء احتفالية يغلب عليها الاصطناع والسطحية في معالجة كبرى أزمات مصر، وقد توهم الغافلون أن الأزمة علي وشك الحل، إذا بحادث إطلاق النار على قطار سمالوط بمحافظة المنيا، 350 كم جنوب العاصمة المصرية القاهرة، ليلقي بظلاله القاتمة على المشهد السياسي والاجتماعي والأمني في مصر، وقد جاء الحادث الذي أودى بحياة شخص وإصابة 5 من أسرة مسيحية واحدة، ليعيد الأوضاع إلي المربع رقم واحد، وينسف كل الاحتفالات والمظاهرات واللقاءات الفضائية المنادية بالوحدة الوطنية، وتعيد إلى الأذهان ملامح التفجير الإجرامي، الذي استهدف كنيسة القديسين بحي سيدي بشر بالإسكندرية في الساعة الأولى من العام الميلادي الجديد والذي أعقبته أحداث تذمر وشغب نظمها محتجون أقباط ضد ما اعتبروه اضطهاداً وإرهاباً بحقهم.
هذه الحادثة التي قد تبدو صغيرة مقارنة بما سبقها من أحداث كبيرة وخطيرة إلا أنها تكشف وبجلاء عن مستوى الاحتقان الطائفي الذي وصل له الأمر داخل مصر، ورغم التصريحات الرسمية التي حاولت عزل الحادثة عن سياقها الطائفي، باتهام الجاني بالجنون والاختلال العقلي، وهي تهمة ممجوجة ومعروفة لدي جميع الأطراف، رغم ذلك فإن الحادث يحمل قدراً كبيراً من الدلالات الخطيرة والهامة علي صعيد مشكلة الأقباط في مصر، وهي الدلالات التي يجب أن تعيد الحكومة بها النظر في كل الخطوات والإجراءات المزمع اتخاذها من جانب الحكومة لامتصاص غضب الأقباط، ومن أهم هذه الدلالات:

1 - اتساع نطاق المواجهة:

المظاهرات في مصرمعظم المواجهات التي وقعت بين المسلمين والأقباط والتي صنفت علي أنها مواجهات طائفية، أو حتى بين الأقباط وقوى الأمن كانت تدور في نطاق معين وتتركز حول أماكن تجمع الأقباط، مثل الكنائس والأديرة والتجمعات السكنية، وهي الأماكن التي اتخذت وزارة الداخلية التدابير الأمنية المحكمة حولها؛ حيث ضربت عليها سياجاً مشدداً من الحراسات القوية ضمناً لعدم وقوع حوادث جديدة، على غرار حادثة الإسكندرية المشئومة، ولكن هذه المرة الحادثة وقعت بعيداً تماماً عن الأماكن المعتادة حيث جاء الخطر هذه المرة من حيث لا يحتسب الأمن.
اتساع نطاق المواجهة وانتقالها لأماكن غير مألوفة ولا معتادة يعتبر من المؤشرات الخطيرة عن تفاقم الأزمة الطائفية في مصر، وظهور بؤر جديدة للمواجهة يصعب السيطرة عليها وتداركها قبل أن تقع، كما أن هذا الاتساع يشير من ناحية أخرى لدخول أطراف جديدة في الصراع تزيده تأججاً والتهاباً في أوقات عصيبة تمر بها المنطقة بأسرها وليس مصر وحدها.

2 - عشوائية الحادث:

تضاربت روايات شهود العيان حول الجريمة وترتيب أحداثها، فالرواية الرسمية تشير لجنون الجاني وإطلاقه النار بصورة عشوائية، وروايات الأقباط الذين شاهدوها قالت إنه قد نطق الشهادتين وأطلق النار علي الأقباط، وهي رواية بها كثير من الشكوك لطبيعة الاحتقان الذي عليه الأقباط، والروايات غير الرسمية تشير لوجود استفزاز متعمد من جانب الأقباط الذين رفضوا أن يجلس الشرطي الجاني بجوارهم في عربة القطار، وأنهم قد سبوه وسبوا المسلمين ووزارة الداخلية، فلم تمالك أعصابه ـ وأهل الصعيد المصري مشهورين بالاعتزاز بأنفسهم ودينهم ـ فأطلق عليهم النار.
الذي يجمع كل هذه الروايات جميعها، بغض النظر عن أيها الصادق والكاذب، إنها قد اتفقت على أن الحادثة قد وقعت بصورة عشوائية، وهو أخطر ما في الموضوع، فالحوادث العشوائية هي كابوس أي أجهزة أمنية على مستوى العالم، مهما كانت كفاءة ومهارة هذه الأجهزة، فالحوادث العشوائية يصعب التنبؤ بمكانها وزمانها وأطرافها، بل لا أكون مجازفاً إذا قلت أنه من المستحيل وقف مثل هذه الحوادث أو حتى رصدها، كما أن هذه الحوادث العشوائية تعتبر أقصي درجات ترمومتر التوتر القبطي الواقع في بر مصر، وذروة سنام المواجهات الطائفية، فلقد وصلنا لدرجة من الاحتقان والتوتر أن النفوس والقلوب قد امتلأت لأقصاها، حتى وصل الأمر للصدام المباشر لأتفه الأسباب وفي شتى المجالات وبعفوية وعشوائية مباشرة وفي غاية الخطورة 
3- غباء التناول الإعلامي:
إن المسكنات الإعلامية والمظاهرات الاستعراضية والحلول الفنية من أغاني وأفلام ومسرحيات الوحدة الوطنية الهزيلة قد أتت بعكس ثمارها، وهو ما حذرنا منه في المقال السابق (خفافيش الأزمات في مصر)، وقبل وقوع الحادث بعدة أيام، فوسائل الإعلام مسئولة مسئولية كبيرة عن خلق مناخ خصب لتأجيج الفتنة الطائفية في البلاد، ففجاجة استجداء الرضا القبطي الذي اتبعته وسائل الإعلام الرسمية والخاصة في مصر، عقب الحادث ألزم المسلمين جميعاً دم ضحايا كنيسة القديسين، ومن ضاقت من تنازلاته وتوسلاته النفوس والقلوب في مصر، فمعظم المراقبين والمتابعين للمشهد المصري قد حكم علي التناول الإعلامي للكارثة بالغباوة والشطط والتنازل غير المبرر، بعد أن تبارت القنوات الفضائية والأرضية العامة والخاصة في الولولة والاعتذار والانكفاء علي عتبات الأديرة والكنائس، وبالغت في تقبيل الأيدي والأرجل من أجل نيل سماح البابا وعفوه، وإضفاء صفات العظمة والإجلال والقداسة علي أشخاص، كانت المظاهرات العارمة تجتاح البلاد طولاً وعرضاً، تهتف ضدهم وتنادي بعزلهم ومحاكمتهم منذ عدة أسابيع قليلة، بسبب جرائمهم ضد المسلمين والبلاد، وأطروحات الحل التي تناولتها تلك القنوات اتسمت بالشطط والخروج عن ثوابت العقيدة، والتنازل عن المسلمات من أجل عيون البابا وأتباعه، وتوالت جرعات الإعلام المكثفة من أجل تدارك آثار الحادث ولكن الجرعات كانت مسمومة ومخربة لكثير مما اعتاد عليه الناس ودرجوا عليه، وأشعرتهم بالخزي والعار والمسئولية عن جريمة لم يرتكبها، وقد قابل الأقباط هذه التنازلات والتراجعات بمزيد من التطرف والتعصب والاستكبار والصلف، وقد أغرتهم كثرة الاعتذارات، فشتموا الجميع من أكبر الرموز لأدناها، من رئيس البلاد لفرد الأمن الذي يحرس كنيستهم، وهموا بالنيل من رموز الإسلام الرسميين مثل شيخ الأزهر ومفتى الجمهورية، وأقدموا على أفعال لم تكن تراودهم حتى في أحلامهم، وهذا الصلف والتطرف والتعصب قد أغضب الكثيرين ومنهم هذا الجاني الذي لم يقبل علي نفسه أن يسب دينه وبلده وعمله فأطلق النار مباشرة ودونما تفكير - علي فرض صحة الرواية غير الرسمية للحادثة - وكل هذه التداعيات الخطيرة من آثار التناول الإعلامي الفاسد لأحداث كارثة الإسكندرية، ولو كان الجاني هذه المرة من المسلمين والضحايا من الأقباط، فمن يضمن ألا يكون العكس في المرة القادمة، بعد أن تعالت نبرات التخوين المتبادلة بين الجانبين، وأصبحت الأجواء مشحونة وعلي وشك الانفجار

4 - فشل الحلول الأمنية

مظاهرات واحتجاجات في مصرمع كل نازلة تنزل ببلد عربي، مصر أو غيرها، فإن الأنظمة الحاكمة تفكر أولاً في الحل الأمني للمشكلة، والحل الأمني يتصف بالسرعة والحسم في كثير من الأحيان ويؤتي ثماره بصورة عاجلة ولكنه لا يقضي أبداً على المشكلة أنما يؤجلها ويؤخرها لأجل مسمى تكون عنده المشكلة قد تفاقمت وتشعبت وخرجت عن السيطرة، ولعل ما جرى في تونس الأيام الفائتة خير شاهد على فشل الحلول الأمنية، مما أجبر الرئيس التونسي زين العابدين المشهور بصلفه ورفضه لأي طلبات للشعب التونسي مهما كانت الضغوط، اضطر في نادرة غير مسبوقة لعزل وزير الداخلية لامتصاص غضب الشارع التونسي المتفجر.

الحل الأمني لمشكلة التوتر الطائفي الواقع في بر مصر ثبت فشله وبان عجزه أمام تصاعد وتيرة الغضب القبطي والمظاهرات الجريئة التي انتهكت كل الخطوط الحمراء، والفشل الأمني في معالجة الملف القبطي يعود في الأساس لكون المشكلة ذات أبعاد اجتماعية وثقافية وسياسية وبيئية متشابكة، والبعد الأمني فيها ربما كان أقل الأبعاد تأثيراً، اللهم إن صح الكلام عن قيام الأمن بتسليم المسلمات الجدد للكنيسة مثل وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة، لذلك فالاكتفاء بالحل الأمني للمشكلة، تمييع للقضية وقد كشف عن أوجه قصور بالغة في التعاطي الجاد والحقيقي مع الحلول العملية للمشكلة، فماذا سيفعل الأمن مع التهديدات المتبادلة بين طرفي النزاع، وإن كان الأمن قد تعاطي بجدية مع أي تهديد أو إنذار خطر بعد صفعة الإسكندرية، ووضع حراسات مكثفة في الأماكن التي يظن أنها ستكون عرضة للتهديد، فماذا سيفعل إزاء مثل هذه الحوادث العشوائية؟، وهل سيضع علي كل قبطي حراسة؟ أم سيعتقل وينكل بكل من يشتبه فيه ولو بأدنى شبهة؟ مثلما حدث مع الشاب السلفي البريء "سيد بلال" رحمه الله الذي ذهب ضحية جبروت وطغيان الحلول الأمنية، كما أن الأقباط أنفسهم اليوم يرون أن الأمن هو المسئول الأول عن الفتنة الطائفية في مصر بسبب حلوله وأساليبه العنيفة، وقد تصاعدت الأصوات المنادية بإقالة وزير الداخلية بسبب ذلك، وبالتالي فأن مسألة فشل الحل الأمني للأزمة من الأمور المجمع عليها الآن في بر مصر من كل أطراف المشكلة.
والخلاصة أن هذه الحادثة العشوائية الخطيرة لن تكون الأخيرة وستشهد البلاد غيرها، وسيتم تبادل الأدوار خلالها فالجاني اليوم سيكون الضحية غداً، وقطار الفتنة يقترب بسرعة من البلاد، ويوشك أن يدهم الجميع وعندها سيندم الجميع، ونشهد ما سيكون وقتها باطن الأرض أولي من ظاهرها، الفتنة التي كانت نائمة وأوشكت علي الاستيقاظ، وللأسف بكل نشاط وقوة.

11:27 ص | تحت قسم | إقرأ المزيد

الأرشيف