--------------------------------------------------------------------

المشاركات الشائعة

زوار المدونة

أحدث التعليقات

المتابعون

إحصائية المدونة

تعلقات القراء

إقرأ أيضا

معمر القذافي.. طاغية برتبة مجنون

القذافي المجنونلم نكدْ نفرح بنيل الشعب المصري لحريته واستقلاله برحيل الطاغية مبارك عن سدة الحكم.. حتَّى انتفض الشعب الليبي عن بكرة أبيه؛ يطالب بالحرية وإزاحة طاغية مستبد، جثم على صدره أكثر من 42 عامًا، بدّد خلالها ثروات بلاده، وكتم الأنفاس وكمّم الأفواه، بل عزل شعبه كله عن العالم..
اليوم خرج الشعب الليبي إلى الشوارع والميادين في بني غازي والبيضاء ومصراتة وطرابلس، لا يريد سوى الحرية التي حُرم منها عقودًا عديدة؛ فإذا بالطاغية القذافي، الذي فاق في طغيانه كل العصور، يقذفهم بالقنابل والرصاص الحي.. وتحولت شوارع طرابلس والمدن الليبية إلى مذابح ومجازر..
ولم يكف القذافي أنّ يستخف بشعبه لأكثر من 42 عامًا، فإذا به يخرج لهم ابنه ليطل عليهم بوعده ووعيده عبر الشاشة التلفاز، مهددًا الشعب الليبي بالقتل والتشرد والجوع.
ومن يقترب من القذافي يعرف أنّ الرجل مصاب بجنون التأله والعظمة؛ لذلك لم أستغرب وهو يقول لقادة الجيش الليبي، الذين طالبوه بوقف المذابح والتنحي عن الرئاسة: "أنا الذي صنعت ليبيا، وأنا الذي سوف أنهيها".
القذافي حكاية طويلة من الطغيان والاستبداد.. فالرجل يرى نفسه فليسوفًا وحكيمًا من حقه أن يضع دستور البلاد، بل العالم من خلال كتابه الأخضر، وهو كتاب ساذج, بل يرى نفسه ثائرًا يجب على الشعوب المستضعفة أن تسير خلفه، ويرى نفسه إمامًا للمسلمين وخليفة الله في أرضه، يجب على العالم الإسلامي كله أن يتبعه، ويُسمي نفسه ملك الملوك، ويخلع على نفسه العديد من الألقاب والأسماء، التي ربما تضحك عند سماعها، والغريب أن كل خطاباته استخفاف بعقول الليبيين ومن يتحدث إليهم.
وقد زرت ليبيا عدة مرات في مهمة عمل صحفية، وكنت أستغرب من حالة شعب في بلد غني بموارده ونفطه، أصبح فقيرًا على يد هذا الطاغية المجنون، وقد حضرت عدة مؤتمرات صحفية خاصة مع العقيد القذافي وخرجت بانطباع أنّ الرجل غير عاقل، يُناقد نفسه في كل ما يقول، بل إنّه ما يقوله اليوم عكس ما ردده بالأمس.
وذكرت ذلك لصديقي الخبير الفرنسي فرانسوا بورجا، المتخصص في شئون الشمال الإفريقي، فضحك وقال: "لقد جلست مع القذافي نتحدث في السياسة والثقافة والثورة وكل شيء، في جلسة امتدت بنا حتى الساعات الأولى من الصباح؛ فألح عليَّ أن أقابله في اليوم التالي لإكمال الحديث، ونبّه على السكرتير بدخوله في الغد عند حضوره.. المفاجأة كانت عند حضوري ودخولي عليه, أنكرني، وسأل من أكون؟! والأغرب أنّه قال كلامًا مناقدًا لليلة السابقة!!"
إنّه القذافي أيها السادة، الطاغية المجنون، الذي يجب أن نتحرك لإنقاذ الشعب الليبي من طغيانه واستبداده، فهو على استعداد تام لقتل شعبه من أجل البقاء على كرسي السلطة، على استعداد أن يحول ليبيا إلى أنهارٍ من الدماء ليبقى رئيسًا على ليبيا، فهو يعتقد أن الليبيين يعملون في شركته، وهو الذي يطعمهم ويسقيهم، يجب على المجتمع الدولي والإسلامي، وكل من لديه ذرة من كرامة وإيمان، أنّ يتحرك لإنقاذ هذا الشعب من مجازر ومذابح القذافي، الذي أمر السلاح الجوي بضرب المتظاهرين.
نعلم أنّ نظام القذافي الآن يتهاوى، وفي سبيله للسقوط المروع، لأنّه نظام هش قائم على الظلم والطغيان، فقط الأمر يحتاج إلى صبر وثبات من الشعب الليبي؛ لأنّ النصر صبر ساعة، وقطعًا الحرية تحتاج إلى تضحيات، فهي لا توهب إنما تُنتزع انتزاعًا.
والشعب الليبي معروف بجهاده ونضاله، فهم أحفاد عمر المختار، الذي سطّر ملحمة من النضال والبطولة ضد الاحتلال الطلياني في القرن الماضي، والذي كان يردد دائمًا أنّنا لا نُهزم؛ فإما ننتصر أو نموت.
جموع الشعب الليبي تحركت اليوم ضد ظلم وطغيان القذافي، وغدًا سوف تسطع شمس الحرية على ليبيا ويرحل القذافي كما رحل مبارك وابن علي؛ لأنّ الشعوب أبقى من الديكتاتوريات الظالمة، وإنّ غدًا لناظره قريب، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227].

3:13 م | تحت قسم | إقرأ المزيد

إنها ليست فتنة/3 2


د. راغب السرجاني
ثورة مصرما زالت هناك آراء كثيرة تتناولها وسائل الإعلام المختلفة في مصر وغيرها من دول العالم تتحدث عن الثورة المصرية والخلفية الشرعية لها..
وتحدثت في مقالي السابق "إنها ليست فتنه 1/3" عن التأويلات المختلفة لحديث رسول الله r: "إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا...", وذكرت أنه ليس كل من حمل سيفًا ليقاتل مسلمًا يعتبر آثمًا, وذكرت أدلة هذا الأمر, مع العلم أن الثائرين بمصر لم يحملوا سيفًا ولا سلاحًا أصلاً، إنما خرجوا بشكل سلمي في غاية الرقي.
وفي هذا المقال أناقش بعض التفسيرات لأحد أحاديث رسول الله r الصحيحة, والذي دار بين العلماء جدل كبير حول تفسيره وتأويله, ومن ثَم اختلف الموقف الفقهي اختلافًا بيِّنًا, ولكن قبل الخوض في هذا التفسير ألفت الأنظار إلى أهمية هذه الدراسة وهذا التحقيق حتى بعد نجاح الثورة المصرية؛ وذلك لأمرين:
أما الأمر الأول فهي شهادة للتاريخ ولآليات التغيير الشرعية والموافقة للمنهج الإسلامي الأصيل, فلا تُتهم هذه الثورة الكريمة بأنها "مَفْسدة"، كما ذكر لي أحد الشباب في ميدان الحرير.
وأما الأمر الثاني فهو في غاية الأهمية, وهو أن كثيرًا من الدول العربية تحتاج بشدة إلى هذه الدراسة؛ لأنها تمر بنفس الظروف التي تمر بها مصر, ومن ثَم يبقى خيار الثورة خيارًا مناسبًا لكثير منها، إذا ثبت شرعيته وموافقته لبنود الشريعة.
وأما الحديث الذي نحن بصدده في هذا المقال فهو الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن عبادة بن الصامت t قال: "بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ r عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، إِلاَّ أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا، عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ"
واستنتج بعض العلماء من هذا الحديث أن الخروج على أي حاكم مسلم غير جائز, ويلزم تكفيره قبل الخروج عليه, ومن ثَمَّ أنكروا على المصريين ثورتهم, وزعموا أنهم آثمون, وأن قتلاهم ليسوا بشهداء..
فهل هذا هو التأويل الوحيد للحديث أم أن هناك معاني أخرى لم يتطرق إليها هؤلاء العلماء الأفاضل تُغيِّر من رؤيتهم للأحداث؟! ولنا بعض التعليقات على الحديث والتي قد توضح الرؤية في هذا الأمر..
 أولاً: لماذا كان الخروج على الحاكم مقرونًا برؤية "كفر" بواح, ولم يقل رسول الله r: إلا إذا كان الحاكم كافرًا؟
إنني أرى أن رسول الله r أراد أن يرفع عنا حرج تكفير الحاكم قبل الخروج عليه, فهذا الحاكم قد يأتي بأعمال "كفرية" وهو ليس بكافر, وتوصيف "العمل" بالكفر أسهل كثيرًا من توصيف "شخص ما" بالكفر.
والسؤال الذي ينبغي أن نجيب عليه بصراحة هو: هل هناك "أعمال كفرية" في ظل حكم النظام المصري البائد؟ مع إعلاني الواضح الآن أنني لا أهدف إلى تكفير الأفراد.
الدستور المصريإن أخطر ما نواجهه في مصر وكثير من الدول العربية أنها عطلت شريعة الله U عمدًا وارتضت لأنفسها دساتير وضعية مستوحاة من شرائع مختلفة, منها الإسلامي, ومنها الغربي الوضعي, ولم يكن هذا الاستبدال نتيجة جهل أو عدم دراية, بل عن عمدٍ بدعوى أن التشريعات الإنجليزية أو الفرنسية أو الإيطالية أو البلجيكية أو الأمريكية أفضل في جزئية ما من التشريع الإسلامي، الذي أوحى به رب العالمين!
ما توصيف هذا "العمل"؟
ما توصيف من قال: إن البيع مثل الربا؟
وما توصيف من يخرج التصاريح للراقصات الخليعات, ويسمح بالإباحية في وسائل الإعلام, ولا يدَّعي أن هذا منكر ينبغي محاربته, بل في منتهى التحدي للشريعة يعطيهم الجوائز والحوافز, ويعتبرهم قدوات للشباب؟
وما توصيف موالاة اليهود الصهاينة على حساب الفلسطينيين المسلمين؟
وما توصيف تعطيل الزكاة؟
وما توصيف فتنة الناس عن دينهم في السجون والمعتقلات, وتعذيبهم تعذيبًا احترافيًّا باستخدام أجهزة مستوردة لذلك خِصِّيصى؟!
إن هذه أعمال كفرية في رأي كثير من العلماء, وإن كان المعظم يتحرج من تكفير الفاعل, وأنا معهم؛ لأن عملية التكفير لا بُدَّ أن تسير في خطوات معينة من المناظرة والتبيين وسماع وجهات النظر الدافعة لهذه الأعمال..
لكن على العموم، فالرسول r أخرجنا من هذا المأزق بتوضيحه أن الخروج على الحاكم لا يستلزم تكفيره هو شخصيًّا, ولكن لأنه ارتضى وجود أعمال كفرية في بلده, ولم يتحرك لتغييرها, بل على العكس فعلها وباركها وشجَّع عليها.
 ثانيًا: سؤال قد يُغيِّر تمامًا من رؤية المفسرين للحديث! ما المقصود بالكفر في الحديث؟! هل هو الكفر المخرِج من الملة؟ أم هو نوع آخر من الكفر؟
اقرأ هذه المفاجأة..!!
يقول النووي -رحمه الله- في شرحه لصحيح مسلم: "والمراد بالكفر هنا المعاصي, ومعنى (عندكم من الله فيه برهان) أي: تعلمونه من دين الله تعالى. ومعنى الحديث: لا تنازعوا ولاة الأمور في ولايتهم, ولا تعترضوا عليهم إلا أن تروا منهم منكرًا محققًا تعلمونه من قواعد الإسلام"
ونقل ابن حجر العسقلاني في شرحه للبخاري نفس الكلمات عن النووي..
إن هذه رؤية جديدة لقارئ الحديث..
فلو كان المقصود في الحديث هو منازعة السلطان عند رؤية المعاصي, فما أكثر المعاصي التي نراها في البلاد, ولا يختلف عليها اثنان!!
وبهذا المقياس فإنّ نهب ثروات البلد بالمليارات يعد معصية كافية لخروج الناس على حاكمها الذي يشجع هذا النهب؛ لأن جميع الشعب بلا استثناء يعاني من هذا النهب, فضلاً عن بقية المعاصي والشرور.
لكن ما الذي دعا العلماء لتفسير الكفر بالمعصية؟
لأن هذا هو الذي يتفق مع روح الشريعة ومقاصدها, فليس من المعقول أن الشريعة التي جعلها الله U هداية للناس وراحة لهم تكون هي القاضية بأن يُترك الحاكم الفاسد الظالم يرتكب كل المنكرات, ويشجع على كل المعاصي, وينتشر فساده في كل بقعة في الدولة بما له من طاقات وإمكانيات.. وليس من المعقول أن الشريعة العادلة تقضي بأن يضحي الشعب كله من أجل بقاء الظالم في كرسيِّه, وليس من المعقول أن تقبل الشريعة الحكيمة لأمة الإسلام أن تظل هذه الأمة المجيدة مهينة ومُستنزَفة وتابعة لغيرها, وذليلة بين الأمم عدة عشرات من السنين؛ لأنه لا يجوز الخروج على الحاكم ما دام مسلمًا.
ليس هذا هو روح الشريعة, ولا مقصدها, وليس هذا هو الغرض من الخلق, فقد وضَّح لنا الله U غاية الخلق فقال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]. فيستحيل أن تكون الشريعة حاكمة بأن تظل الأجيال تلو الأجيال لا تعبد الله حقًّا, وتعيش في جو موبوء من المعاصي والكبائر تحرُّجًا من الخروج على حاكمٍ بالَغَ في الإجرام والتعنت والبغي والعدوان.
لكل ما سبق تأول النووي وابن حجر وغيرهما كلمة الكفر على أنها المعاصي؛ لكي يتحقق مقصد الشريعة الأول, وهو الحفاظ على دين الناس, ولكي تتحقق كذلك بقية مقاصد الشريعة مثل الحفاظ على النفس والمال والعقل والنسل, وكل ذلك ضائع في ظل حكومات الفساد.
وليس هذا فقط, بل إن العلماء الأجلاء استندوا إلى روايات أخرى للحديث بيَّنت أن المقصود فعلاً من كلمة الكفر في هذا الحديث هو المعصية, فقد وقع في رواية حبان أبي النضر: "إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَعْصِيةً للِّهِ بَوَاحًا", وعند أحمد من طريق عمير بن هانئ, عن جنادة: "مَا لَمْ يَأْمُرُوكَ بِإِثْمٍ بَوَاحًا. فهذه الروايات تفسِّر كلمة "الكفر" التي جاءت في الحديث بالمعصية والإثم, وهذا أقرب إلى مقاصد الشريعة كما وضَّحنا.
 ثالثًا: تعارف العلماء على أن هناك نوعين من الكفر:
كفر عملي, وكفر اعتقادي, وهذا يتفق مع ما ذكرته في النقطة الأولى؛ فالعلماء يقولون: إن هناك من يرتكب عملاً كفريًّا ولكنه يعتقد في داخله أن شرع الله حق, ولكنه يخالف لضعفٍ في نفسه, فهذا كفره عملي وليس اعتقاديًّا, وهو أهون؛ إذ إنه لا يُخرِج من الإسلام, ولكن يُفسَّق صاحبه. أما الذي يخالف الشريعة اعتقادًا منه أن تشريع البشر أفضل من تشريع الرب في نقطة ما, فهذا كفره اعتقادي, وهو خطير؛ لأنه مُخرِج من الإسلام.
ولأننا لا نطَّلع على قلوب الحكام, فنحن نقول: إن التحاكم إلى غير شرع الله U كفر عملي على الأقل, وقد يكون اعتقاديًّا, ولكن لا نبني على هذا دون تمحيص.
وأول من تكلم في هذه النقطة ابن عباس رضي الله عنهما, وقال ذلك عند تفسيره لقول الله U: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44], فقال: "إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه, إنه ليس كفرًا ينقل عن الملة, بل كفر دون كفر"
وتبعه في ذلك عطاء رحمه الله، فقال في تفسير كلمة (الكافرون)، (الظالمون), (الفاسقون): "كفر دون كفر، وفسق دون فسق، وظلم دون ظلم
والمرجع في النهاية للتفرقة بين النوعين من الكفر هو الاعتقاد والنية, فلو كان يحكم بغير ما أنزل الله ضعفًا في نفسه مع قناعته أن حكم الله هو الحق، فهذا كافر كفرًا عمليًّا, وهو كفر دون كفر لا يخرج من الملة, وإن كان يحكم بغير ما أنزل الله استحلالاً لهذا الفساد, وقناعةً به، فإن هذا كفر اعتقادي مُخرِج من الملة بنص الآية.
وأسقط العلماء بعد ذلك هذه القاعدة على أحاديث وآيات كثيرة؛ فقد قال رسول الله r مثلاً: "الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلاَةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ" فهل يكفر كل تارك للصلاة؟ قال الشافعي وأبو حنيفة ومالك: إن هذا كفر دون كفر ما دام غير مُستحِلٍّ للترك, أما إن كان مستحلاًّ فهو كافر كفرًا اعتقاديًّا. وقال الإمام أحمد: إنه كافر كفرًا اعتقاديًّا في الحالتين؛ لمطلق اللفظ في الحديث. ولكن الجمهور على خلاف هذا.
فلماذا قَبِلنا أن نقلل كلمة "الكفر" في حديث الصلاة من الكفر الاعتقادي إلى الكفر العملي حمايةً للمسلمين الذين لا يُصلُّون, مع أن عدم صلاتهم تعود عليهم وحدهم بالضرر, ورفضنا أن نسمِّي الكفر في حديث "الحاكم" كفرًا عمليًّا؛ بمعنى أنه معصية لا تُخرِج من الملة, مع أن ضرر الحاكم الظالم يعود على الأمة بكاملها وليس عليه هو وحده؟!
إن الأولى هنا أن نقلِّل من كلمة الكفر في حديث الحاكم؛ حتى نتيح الفرصة للخروج عليه إذا كان ناشرًا للمعاصي حتى نحفظ دين الناس, ونحقِّق لهم مقاصد الشريعة.
ومثل ما قلناه في حديث الصلاة نجده في أحاديث كثيرة، قال أغلب العلماء: إن الكفر المقصود فيها ليس هو الكفر المخرج من الملة.
ومثال هذه الأحاديث: "سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ. وبديهي أنني لو قاتلت جاري أو صاحبي لا أكفر بذلك, فهو كفر دون كفر؛ أي معصية كبيرة.
وكذلك قوله r: "أَيُّمَا عَبْدٍ أَبَقَ مِنْ مَوَالِيهِ، فَقَدْ كَفَرَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ. فهل إذا هرب عبدٌ من مواليه خرج بذلك عن الإسلام، أم أن هذا كفر دون كفر؟
وأيضًا قوله r: "مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ". والحديث في سنن الترمذي, وهو حسن, وقد علَّق عليه الترمذي بقوله: وفُسِّر هذا الحديث عند بعض أهل العلم أن قوله: "فقد كفر أو أشرك" على التغليظ؛ أي أن الحالف بغير الله لا يكفر حقيقةً، إنما يأتي منكرًا عظيمًا استحقّ أن يُوصف بالكفر مع أنه ليس كفرًا حقيقيًّا.
وذكر الله في حق آكلي الربا -كما جاء في سورة البقرة- أنهم خالدون في جهنم, فقال: {فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 275]. ثم عقَّب على ذلك بقوله: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} [البقرة: 276]. والكَفَّار هو شديد الكفر, فهل الذي يتعامل بالربا يكفر أم أن هذا للتغليظ, وهو كفر دون كفر؟!
ومثال ذلك كثير جدًّا, وهو يدفعنا إلى رؤية جديدة للحديث الذي ينهى عن منازعة السلطان؛ حتى لا يعم فساد الحكام, خاصة أن الجميع يعلم أنَّ مَن أَمِنَ العقوبة فسد حاله, فلو ضمن الحاكم الظالم أن أحدًا لن يخلعه لظلمه وفساده لبالَغَ في هذا الظلم والفساد وطغى, ولكان قدوةً لكل الظالمين. أما إذا خلعه شعبه نتيجة هذا الظلم والفساد, فإن هذا يكون رادعًا لغيره, وهذا أيضًا يتناسق مع روح الشريعة التي فرضت الحدود التي تبدو لبعض الناس قاسية, لكنها في حقيقة الأمر رادعة لبقية الناس أن يأتوا نفس المنكر.
 رابعًا: إذا رفض العلماء خروج مجموعة من المتظاهرين يطلبون من الحاكم الكف عن الفساد:
ثورة مصر 25 ينايروذلك بدعوى أن هذه صورة من صور الخروج على الحاكم، فإنهم يقعون في معضلة كبيرة, وهي التعارض مع كوكبة من الأحاديث النبوية التي تحضّ على محاسبة الحكام, بل والأخذ على أيديهم إذا فسدوا.. وسنضطر هنا إلى تأويل الأحاديث تأويلاً لا يتناسق مع روح الشريعة؛ إذ إنه يرسِّخ الظلم والفساد, ويربِّي المسلمين على الذل والهوان والانكسار, وقَبول الأمر الواقع دون سعي إلى تغييره.
ولنراجع بعض هذه الأحاديث..
يقول رسول الله r: "إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ، أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ"
والسؤال: كيف يمكن أن نأخذ على يد حاكم ظالم لنطبِّق الحديث النبوي؟
هل نرسل رسالة لطيفة في السر؟
ستجد هذه الرسالة عشرات الأبواب الموصدة قبل أن تصل إلى الزعيم الظالم, فلم يعد الأمر كما كان في السابق حينما كان يمكن للمحكوم أن يطرق باب الحاكم ويناصحه.
هل نضع رسالتنا على الإنترنت؛ لعله يطالع بنفسه، أو أحد المقربين المخلصين له؟
لقد فعلت ذلك بنفسي, ووضعت رسالة على موقعي قصة الإسلام بعنوان: "بيان إلى حكام العرب والمسلمين إني لكم ناصح أمين" وذلك بتاريخ 14/5/2009م, ولكن ليس هناك مجيب!!
هل ننصح في خطبة جمعة مثلاً؟
فعلت ذلك في خطبة جمعة سنة 2003م في أعقاب احتلال العراق، أنصح فيها الرئيس حسني مبارك بعدم التخاذل في مسألة العراق, وعدم الموالاة للأمريكان على حساب المسلمين, فكان الجزاء الاعتقال, والمنع النهائي من الخطابة في مصر كلها, والذي ظل معمولاً به حتى قيام ثورة 25 يناير المباركة في 2011م، حيث قررت العودة إلى الخطابة بعد سقوط النظام الفاسد الظالم.
ماذا نفعل حتى نطبِّق الحديث ونأخذ على يد الظالم؟
لقد سكتنا على الظالمين السنوات والسنوات، فتحقَّق فينا التهديد الذي أطلقة رسول الله r! لقد عمَّنا الله U بعقابٍ من عنده, وما هذه الأزمات الاقتصادية إلا نوع من هذا العقاب, وما التبعية للغرب إلا نوع من هذا العقاب، وكذلك الاحتلال لأراضينا، والقتل لأبنائنا، والانتهاك لمقدساتنا، والسخرية من ثوابتنا.. كل هذه أنواع من العقاب.. فإلى متى أيها العلماء الأفاضل؟
لقد كان من الضروري أن نخرج في مسيرة تضم عددًا كبيرًا من المشاركين؛ حتى يلفتوا أنظار الحاكم الظالم القابع في قصره الرئاسي تحت حراسة مئات الآلاف -دون مبالغة- من الجنود..
وليست هذه الثورة هي المسيرة الأولى للذين يريدون أن يأخذوا على يد الظالم؛ لقد قمنا بوقفات عديدة وكثيرة, سواءٌ في نوادي أعضاء هيئة التدريس, أو في النقابات, أو في الشوارع والميادين, أو في ساحات الجامعات.. وطالبنا عشرات ومئات المرات بوقف الفساد والظلم.. ولا مجيب.
فما العمل؟!
نحن نريد أن نأخذ على يد الظالم, ولا نستطيع لفترات طويلة.. وعانى الشرفاء في الوطن من الاعتقالات, والمحاكم العسكرية, وتجميد الأموال, وانتهاك حرمات البيوت, وغلق الشركات والمصالح, وتسريح الموظفين, وتلفيق قضايا غسل الأموال والإرهاب، وغيرها.
يا فقهاء الأمة، هل في ظل كل هذه الأجواء يحرم على المسلمين أن يخرجوا في مسيرة سلمية يطلبون من الزعيم الظالم أن يكفّ عن ظلمهم, وأن يتركهم وشأنهم؟
إننا في الواقع نحتاج إلى مراجعة دقيقة لشريعتنا لنفهم مقاصدها, فليس من المعقول أن نقبل كل هذه المفاسد, ونرضى بهذا الذل والهوان, حتى لا تُراق بعض الدماء الزكية من الآخذين على يد الحاكم الظالم, أو تراق بعض دماء البلطجية المدافعين عن الفساد.. وليس من المعقول أن نقبل لأمتنا وضعًا مخزيًا بين الأمم، فنكون في ذيل الدول وتحت أقدامهم؛ حتى لا يموت بعضنا.

أيها العلماء الكرام، كيف يمكن أن أفهم قوله تعالى: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الشورى: 41، 42]؟
أليس المفهوم من الآية أن الذين خرجوا ينتصرون لأنفسهم بعد ظلم السنين ليس عليهم سبيل أو عقاب من الله, وأن العقاب من الله سيكون على الزعيم الظالم حسني مبارك ومَن عاونه من بطانة السوء على ظلم الناس, والبغي في الأرض بغير الحق؟
وكيف يمكن أن أفهم مديح الله U للمؤمنين الذين يتصفون بصفة عدم قبول البغي والظلم، حين قال سبحانه: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} [الشورى: 39]؟
وما المراد من قولة تعالى: {لاَ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ} [النساء: 148]؟
وكيف يمكن أن نفهم حديث البخاري الذي قال فيه رسول الله r: "مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا، وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا. فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا"؟
فإذا كان رسول الله r قد جوَّز الأخذ على يد الخارقين للسفينة مع حسن نياتهم, ونبل مقاصدهم؛ لأنهم سيؤدون إلى غرق السفينة دون قصد, فماذا يمكن أن نفعل مع الأشرار الذين خرقوا آلاف الثقوب في سفينة مصر عمدًا, حتى كادت البلاد أن تغرق تمامًا, وحتى بلغت الديون المتراكمة على الدولة حوالي تريليون جنيه, وتردي الوضع السياسي والعسكري والاقتصادي والاجتماعي, وعاش أكثر من 40 مليون مصري على أقل من دولارين يوميًّا؟
هل نسكت لتجنُّب الفتنة, فتتضاعف ديون البلد, ويتراكم الظلم بشكل أكبر؟
وهل قرأ أساتذتي من العلماء قوله r: "أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ"؟ إن من الواضح من صياغة الحديث أن الأمر ليس مجرد رسالة لطيفة سرية, أو إشارة خفيفة من عالم إلى حاكم, وإنما هو قول صريح مباشر يجد معارضة من الحاكم فيصرُّ العالم أو الناصح على كلمته, فيغضب الحاكم ويهدِّد, فيبقى الناصح على نصحه غير متردِّد ولا متهاون, وهذا هو المفهوم من كلمة (الجهاد), وهذا ليس جهادًا عاديًّا, إنما هو (أفضل الجهاد) كما يقول رسول الله r.. والأمر قد ينتهي بالقتل؛ ومن ثَم فإصرار المطالبين بالحق لا يجب أن يتوقف عند احتمال إراقة الدماء, بل يستمر إذا كان يغلب على الظن أنه يمكن أن يؤدي إلى نتيجة إيجابية, ولو كان الثمن هو ذهاب الروح.
ويؤيد هذا المنحى الحديث النبوي الصحيح الذي رواه الهيتمي, وقال فيه رسول الله r: "أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ، وَرَجُلٌ قَامَ إلَى إمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ، فَقَتَل.. ولو كان الحرص على الروح وعدم إراقة الدماء أولى من الأخذ على يد الحاكم، ما رفع الله قدر هذا الرجل إلى قمة الشهداء مع حمزة بن عبد المطلب t. وبالمناسبة فإن لفظ "أفضل" الشهداء, والذي جاء في رواية الهيتمي, أصح من لفظ "سيد" الشهداء, والذي جاء في رواية الذهبي.
 خامسًا: ما هي مقاصد الشريعة؟
لقد تعارف العلماء على أن مقاصد الشريعة خمسة, وهي مرتبة من الأعلى إلى الأدنى كالتالي: حفظ الدين، ثم النفس، ثم العقل، ثم النسل، ثم المال. وأنا في الحقيقة أختلف قليلاً مع العلماء الأجلاء في حصر مقاصد الشريعة في خمسة أمور فقط؛ لأنني أرى أن هناك أمورًا جاءت الشريعة لحفظها, ولا تندرج تحت هذه الكليات الخمس, وقد ناقشت ذلك في أحد كتبي الحديثة, وهو كتاب "المشترك الإنساني", ولكن ليس المجال هنا لهذا التفصيل..
لكني اتفق مع العلماء الأجلاء أن حفظ الدين مقدَّم على حفظ أي شيء آخر, بما فيها حفظ النفس والمال.. ومن ثَم فلا يمكن لمن أراد تطبيق مقاصد الشريعة بشكل سليم أن يترك كل المفاسد الهائلة التي تموج بها البلاد, والتي تُضيِّع الدين من أكثر من وجه؛ لكي يحفظ أنفس الناس وأموالها. ولذلك وجب التضحية بالنفس والمال لكي يستقر الدين, ولو كان هذا الاستقرار مربوطًا بخلع الحاكم الفاسد الذي لا يطبِّق شرع الله U, ويظلم الناس، ويجور عليهم، ويهين الأمة, ويوالي أعداءها, ويحارب أهل الدين فيها, خاصة إنْ غلب على الظن أن هذا الخروج سيؤدي فعلاً إلى خلع الطواغيت, وهذا ما ذكره ابن حجر العسقلاني في شرحه لصحيح البخاري، إذ قال: "ونقل ابن التين عن الداوديّ قال: الذي عليه العلماء في أمراء الجور أنه إنْ قُدِر على خلعه بغير فتنة ولا ظلم وَجَب, وإلا فالواجب الصبر"
وهذا فعلاً ما غلب على ظن الثائرين في الثورة المصرية. ومن الملاحظ أن الثائرين في بداية الأمر لم يطلبوا خلع الرئيس الفاسد, بل طالبوا بإصلاحات فقط في الدولة؛ لأنه غلب على ظنهم في هذه المرحلة أنهم لا يقدرون على خلعه, فلما تغيَّرت الأوضاع بتوفيق الله U, وغلب على الظن إمكانية الخلع ثبتوا على ذلك, وحقق الله U ظنهم, وأكرمهم بخلع الحاكم الفاسد وقطاع كبير من سدنته وبطانته.. فهل الوضع الآن أفضل للدين, أم ترك الطاغية في كرسيِّه أفضل للإسلام؟ سؤال سيكشف لنا حقيقة الأمر بوضوح!
 سادسًا: من هو الحاكم الذي لا ينبغي للناس أن يخرجوا عليه؟
هل تتوافر في هذا الحاكم الفاسد الظالم الصفات التي من أجلها نقبل وجوده حتى مع ظلمه وتكبره, أم أنه لا يصلح في الأساس أن يكون حاكمًا؟
انتخابات مصروهناك سؤال عجيب يكشف الأمور بجلاء: مَن مِن شعب مصر اختار الرئيس حسني مبارك زعيمًا للأمة؟! إن الجميع يعلم أن مصر لم تشهد في تاريخها انتخابات نزيهة, وأن الرئيس مبارك فُرِض على الشعب فرضًا دون مبايعة, وحتى في المرة التي أُجري فيها انتخابات هزلية مع اثنين من المنافسين, كانت الانتخابات في غاية السخف, فهي أوَّلاً مزورة, وثانيًا مع شخصيات منافسة ضعيفة للغاية, لا يمكن للشعب أن يختارها حتى لو كانت الانتخابات صحيحة, ثم ثالثًا انتهى المطاف بالمنافسَيْن الاثنين إلى السجون؛ لتكون إشارة واضحة لكل من ينافس الحاكم الظالم!! ورابعًا تم تبديل الدستور عن طريق مجلس الشعب المزوَّر؛ ليضمن عدم ترشيح شخصية نظيفة صالحة أمام الرئيس.
أبعد كل هذا نقول: هذا حاكم لا ينبغي الخروج عليه؟ وهذا حاكم نقبل بزعامته حتى لا تحدث فتنة؟
إن هذا الحاكم أدخلنا في نفق مظلم لا نهاية له, ومن ثَم كان إكمال المسير في النفق المظلم نوعًا من العبث تأباه الشريعة الحكيمة.
فهذه نقطة مهمة في مسألة الحاكم, فهو سارق للحكم وليس مُبايَعًا من الشعب.. وهذا مخالفٌ للدين, ومخالف للدستور, ومخالف للعُرف.
ثم هل قام هذا الحاكم بواجباته التي أملتها عليه الشريعة حتى يبقيه الشعب في كرسيه برغم ظلمه؟
إن الشريعة تلزم الحاكم المسلم أن يحفظ الدين, وأن يقاوم البدع, وأن يحكم بالعدل, وأن يأخذ الحق للمظلومين, وأن يحمي البلاد, ويقوِّي الجيش, ويقيم الحدود, وأن يجمع الزكاة وينفقها في مصارفها, وأن يولِّي الأَكْفَاء الأُمَناء, وغير ذلك من الأمور التي بيَّنتها الشريعة.. فهل يفعل ذلك الحاكم الذي أراد الشعب أن يخلعه؟
فلماذا يأخذ العلماء من الشريعة باب عدم جواز الخروج على الحاكم, ولا يتباحثون في أبواب أدوار الحاكم ومهامّه؟
إن هذا دينٌ, وذاك دين أيضًا.
وفي هذه النقطة يجدر الإشارة إلى صياغة النص النبوي, فقد قال عبادة بن الصامت t عن مبايعة الرسول r: "وأن لا ننازع الأمرأهله". أفلا يعطي هذا التعبير إضافة لقارئ الحديث؟ أو من ناحية أخرى لماذا لم يقل: "أن لا ننازع الأمر"؟ وتركها هكذا مطلقة دون تقييدها بـ(أهله).
واقع الأمر أن هذا يشير إلى أن المنهيَّ عنه ليس منازعة أي سلطان, إنما المنهيُّ عنه هو منازعة مَن هو "أهلٌ" للسلطان!
فمن هو "أهل" السلطان؟
هو الرجل الذي بايعه الناس، وتحققت فيه شروط الإمامة, وقام بتنفيذ واجبات الحاكم المسلم.. أما الذي خالف في أحد هذه الأمور فهو متسلِّق وسارق للحكم وليس أهلاً للسلطان. ويؤيد هذا ما جاء في القرآن الكريم في قولة تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة: 124]. فالذي يريد أن يكون إمامًا للمسلمين لا بُدَّ أن يسير على منهج إبراهيم عليه الصلاة والسلام, أما الذي يُبدِّل ويحرِّف ويظلم فلا ينال عهد الله؛ أي لا ينال الإمامة, وإنْ كان من ذرية إبراهيم عليه الصلاة والسلام؛ أي: ولو كان مسلمًا. وهذا يتناسق تمامًا مع مقاصد الشريعة, وهو يهدف إلى العدل والرحمة والأمانة والقوَّة في الحق, وكلها أصول في الشريعة.
 سابعًا: لماذا ذكر رسول الله r في الحديث كلمة "بواحًا" توصيفًا للكفر؟ سواء كان المقصود بكلمة الكفرِ الكفرَ العملي أو الاعتقادي؟
فَهِم كثير من العلماء أن المقصود بكلمة الكفر البواح أو المعصية البواح، هو الكفر أو المعصية التي لا تحتاج إلى تأويل؛ أي إنّ العلماء متفقون على حرمتها.
وهذا معنى جميل ودقيق وصحيح, ولكني أضيف إليه معنى آخر أراه مهمًّا.. وهو أن هذا الكفر -أو المعصية- معلنٌ به, ومجاهر به؛ لأن كلمة "بواحًا" تعني "ظاهرًا", فنحن لا تعنينا المعاصي التي يتوارى بها السلطان عن الناس, ولا يجوز لنا أن نتجسس عليه, أما المعاصي الظاهرة فخطيرة, خاصة أنه بوصفه "إمامًا" يُعتبر قدوة لشعبه, فلو ظهرت معصية كانت سببًا في تفشي المعاصي في الشعب, فما بالكم بمن يشجِّع على المعاصي, ولا يكتفي بإظهارها..!! فهذه جائزة تُعطى لأديب منحرف يتعدَّى على أصول الدين, وهذه هدية تُعطى لفنانة تتكشف وتتعرى أمام الشعب بكامله, وهذا رِبًا يُشجَّع, وهذا بنك إسلامي يُعطَّل, وهذا حجاب يُخلَع, وهذه لحية تُحلَق, وهذا مجرم في أجهزة الأمن يُعذِّب المعتقلين السياسيين فيُكافَأ ويرتقي في المناصب, وهذا رئيس تحرير يُنافِق فيُكرَّم.
هذا هو الكفر البواح, أو المعصية البواح..
ظهور بلا حياء, وإعلان بلا خجل..
وليس التحذير في الخروج على السلطان لمثل هذه النوعية من السلاطين, بل هؤلاء ينبغي للمسلمين الصادقين أن يبذلوا الجهد والفكر والمال والنفس لينقذوا أنفسهم والأمة من حكمه, فما لهذا العبث خُلِقْنَا!
ثامنًا: من الذي خالف الدستور في هذه المسألة؟ هل الثوار أم الحاكم المستبد؟
ثورة 25 ينايرلقد تعارف الناس على وضع قانون يحكم العلاقة بينهم؛ ليعرف كل إنسان حقَّه دون تعدٍّ من الآخرين, فلا يظلم الحاكم المحكومين, ولا يتعدى المحكومون على حق الحاكم.. وكان من المفترض أن يحتكم الحاكم إلى شرع الله خالصًا دون انتقاء, ولكن عَدَل عن ذلك إلى دستور وضعي أخذ من القرآن والسُّنَّة كما أخذ من غيرهما.. ومع ذلك فهو مخالف في أفعاله للدستور الذي ارتضاه, في حين يسير الثوار على دستور الحاكم دون مخالفة!

فلو رجعنا إلى دستوره -الذي قَبِل أن يحكم البلاد به, ومن ثَمَّ فلا ينبغي له أن يغضب إذا اتّبع شعبه هذا الدستور- نجد أن المادة (54) من الدستور المصري تنصُّ على حق الشعب في التظاهر السلمي, والمسيرات التي لا تسعى إلى التخريب, وأن رجال الشرطة أو أمن الدولة لا دخل لهم بهذه المسيرات! وراجعوا معي نص هذه المادة: "للمواطنين حق الاجتماع الخاص في هدوء غير حاملين سلاحًا, ودون حاجة إلى إخطار سابق, ولا يجوز لرجال الأمن حضور اجتماعاتهم الخاصة, والاجتماعات العامة, والمواكب, والتجمعات مباحة في حدود القانون".
الله أكبر!!
أليس هذا ما فعله المتظاهرون في يوم 25 يناير, وفي الأيام التي بعدها؟! فلماذا حضر رجال الأمن اجتماعاتهم بينما الدستور لا يجيز لهم ذلك؟ وإذا كانت التجمعات والمواكب مباحة, فلماذا يُطْلَق الماء ثم الرصاص المطاطي ثم الرصاص الحي ثم قنابل المولوتوف على تجمُّعات المواطنين الذين خرجوا بدون سلاح؟
من هنا الذي خالف الدستور؟
فالمسيرة -إذن- خرجت بإذن الحاكم ضِمنًا, فلماذا الإنكار عليها؟
فإن قيل: إن هذه المسيرات تطلب من الحاكم التنحي عن الحكم, وهذا خروج عليه, ولا يتفق مع شرعية الحاكم, ويتنافى مع مبدأ الطاعة له.. إنْ قيل هذا, فنقول في هذا الأمر نقطتين:
النقطة الأولى: هي ما قلناه سابقًا من أن هذا الحاكم غير شرعي أصلاً؛ لأنه أتى بالتزوير.
والنقطة الثانية -مهمة جدًّا- وهي: أن الدستور المصري ذاته يجعل شرعية الشعب أعلى من شرعية الحاكم, بل أعلى من شرعية الدستور ذاته!
وراجعوا الدستور يا شعب مصر؛ حتى لا يضحك عليكم الطغاة, ويخدعكم المنافقون؛ فالمادة الثالثة من الدستور المصري تقول: "السيادة للشعب وحده, وهو مصدر السلطات, ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها, ويصون الوحدة الوطنية على الوجه المُبيَّن في الدستور".
فالشرعية الأعلى للشعب, والسيادة الأقوى للشعب..
فلو خرجت عدة ملايين كل يوم في كل محافظات مصر تطلب من الرئيس التنحي، فإن الرئيس يسقط عندئذٍ بشكل تلقائي, بل يتعطل الدستور, وتُنفَّذ إرادة الشعب.. وقد ظهر هذا واضحًا جليًّا في الثورة المصرية, حيث خرجت الملايين بشكل واضح تنادي بإسقاط النظام كله بما فيه الرئيس, بينما لم يخرج على الجانب الآخر لتأييد الرئيس إلا عدة مئات أو آلاف على أقصى تقدير, وكان معظمهم من البلطجية ورجال الأمن وسوقة الحزب الوطني, وقد كان منظرهم مزريًا, وهم ينادون ببقاء الرئيس, وجُلُّهم من الجهلة والفسقة والمأجورين.. لقد كان منظرًا مهينًا جدًّا للرئيس.
ولكن الشاهد أن الشعب بخروجه الجماعي هذا أسقط شرعية الرئيس بنص الدستور، الذي يقبل الرئيس أن يرجع إليه, فلماذا الإنكار على الثوار؟!
إننا نحتاج بصدق في المرحلة القادمة أن نعرف شيئًا عن حقوقنا, وأن نزيل الأمية القانونية التي نُعاني منها, فقد خدعونا في هذه الثورة بأن تنحي الرئيس سيسبِّب مشكلة دستورية لا مخرج منها! بينما الواقع أن الدستور يُلزِم الرئيس بالتنحي إذا اجتمع شعبه على ذلك, فضلاً عن أن الرئيس ذاته, وحكومته ذاتها, ما كانوا يعبئون مطلقًا بالدستور في تصرفاتهم, فقد كنا نعيش حقيقةً في دولة بلا قانون!!
تاسعًا: المنازعة الواردة في الحديث تدور بين رجلين, لكل واحد منهما أنصار:
ومن ثَم فاحتمال الفتنة وارد, واحتمال عدم توقف الحرب كبير, لكن هذا الحديث لا يُسقَط على واقعنا في هذه الثورة.. وليسأل كل واحد منا نفسه: مَن هذا الرجل الذي خرج الناس يطلبون تعيينه كرئيس بدلاً من مبارك؟ إنك لو سألت خمسين رجلاً من الثوار لعلك تخرج بخمسين اسمًا لمرشحين للرئاسة! إن الثائرين لم يخرجوا طلبًا لملك معين, أو انحيازًا لشخص بذاته.. بل إننا -وحتى لحظة كتابة هذه السطور, وبعد نجاح الثورة- لا نتفق على اسم واحد, ولا حتى على عشرة أسماء!
فالصدام لم يكن بين زعيمين نخشى فناء قوة كلِّ واحدٍ منهما في الصراع, إنما كان الصدام بين الشعب -بكل ما تحمله هذه الكلمة من ثِقل وقوة- وبين زعيم مستبد, معه حاشية فاسدة معظمها يحترف الإجرام.. فأين الفتنة هنا؟!
فهل إذا تسلَّط عدة مئات أو آلاف من المرتشين والمجرمين واللصوص والمدلسين والمنافقين على مقدرات وممتلكات خمسة وثمانين مليون إنسان, فعلى الملايين أن ترضخ اتقاءً للفتنة؟!
إنني -والله- لا أبالغ في هذا الكلام!
إن كل وزارة أو هيئة يسيطر على مقدراتها المالية ويستنزفها عدة أفراد لعلهم لا يتجاوزون عشرين أو ثلاثين, بينما يعيش عشرات الآلاف في داخل الوزارة أو مئات الآلاف -إذا نظرنا إلى أسرهم- في حالةٍ من الفقر المدقع!
فهل إذا خرج الشعب المقهور هذا يطلب من القلة الفاجرة التي سرقت بغباء, وتجاوزت باستهزاء, أن تكفّ عن السرقة يصبح الشعب في هذه الحالة مخطئًا خطأً شرعيًّا؟
إن واقع الأمر -أيها العلماء الأجلاء- أنني لا أرى المنازعة الواردة في الحديث منطبقة أبدًا على الظرف الذي نعيشه, فلا داعي لتحميل النص النبوي ما لا يطيق؛ فإن تحريم الحلال كتحليل الحرام سواءً بسواء.
 عاشرًا: لماذا يعتمد العلماء المحدثون في زماننا الآن على اجتهادات العلماء الأجلاء من السلف, دون محاولة الاجتهاد من جديد تبعًا لمتغيرات العصر الذي نعيشه؟
إنني أعلم قيمة علماء السلف وأقدِّرهم, بل إنني أدرِّس للناس عظمتهم ومكانتهم, لكنهم -جزاهم الله خيرًا- بذلوا جهدهم في الاجتهاد في ظروف قد تكون تغيرت كثيرًا الآن, والنصوص القرآنية والنبوية نصوص معجزة تصلح لكل زمان ومكان؛ فمِن نفس النص الذي استنبط منه أحد العلماء حكمًا معينًا في زمان معين, قد يستنبط عالم آخر حكمًا مغايرًا له في زمان مختلف.. وإلاَّ فلماذا اختلف الفقهاء الأربعة مثلاً في كثير من الأحكام؟ ولماذا ظهر بعد زمان الفقهاء الأربعة من يجتهد من جديد كالطبري والغزالي والنووي؟ ولماذا ظهر بعدهم الذهبي وابن حجر وابن تيمية؟
إن الآليات الجديدة التي ظهرت في زماننا تحتاج إلى وقفة جادة من الفقهاء؛ لإعادة النظر في النصوص لنعلم مراد الله U, ومراد رسول الله r, وذلك في ظل الظروف الجديدة التي تمر بها الأمة.. إننا نعيش في زمان كثرت فيها أعداد الناس جدًّا, وتغيرت فيها وسائل الاتصالات, وظهرت نوعيات جديدة من الظروف, بل لعلِّي أجزم أن علماءنا من السلف ما كانوا يتخيلون أنه سيأتي حاكم من المسلمين يُجنِّب كتاب الله U, وسُنَّة رسوله r, ويشرِّع للناس من القوانين الصليبية؛ ولهذا حذَّروا بشدة من الخروج على الحاكم, ولو رأوا أمثال حكام هذا الزمان فلعلهم يكونون في مقدمة الثوَّار!
كانت هذه هي الوقفة العاشرة مع حديث رسول الله r..
فتلك عشرة كاملة!
ومع ذلك فالحديث عن الفتنة التي ذكرها بعض العلماء توصيفًا للثورة لم ينته, فهناك عدَّة أسئلة ما زالت تدور في أذهان القراء لم أجب عنها, وهناك بعض الأحاديث المهمة في هذا الباب لم نناقشها, وهناك العديد من الأمثلة التاريخية لم نقف عليها, وكل هذا سيوضِّح لنا الصورة -بإذن الله- بشكل أكبر, ولكنه سيكون في الجزء الثالث والأخير من هذا المقال بإذن الله.

9:41 ص | تحت قسم | إقرأ المزيد

أنس الفقي .. وزير الإعلام المصري رهن الإقامة الجبرية

أنس الفقي .. وزير الإعلام المصري رهن الإقامة الجبريةأكدت مصادر عسكرية اليوم السبت أن وزير الإعلام المصري أنس الفقي وضع رهن الإقامة الجبرية في منزله. وطبقًا لرويترز، فلم تذكر المصادر سببا لتلك الخطوة بحق الفقي الذي كان مقربا للرئيس المصري السابق حسني مبارك الذي تخلى يوم الجمعة عن السلطة تحت ضغط ثورة شعبية. وقد حاول الفقي مساء أمس الجمعة الهروب إلى العاصمة البريطانية لندن عن طريق مطار القاهرة، حيث أرسلت حقائبه إلى المطار، وتم تهيئة صالة كبار الزوار لاستقباله، إلا أنه لم يصل للمطار.
ورجحت مصادر مطلعة، أنه تم إبلاغ أنس الفقي وزير الإعلام أنه ممنوع من السفر، وذلك ضمن قرار يقضي بمنع الوزراء والمسئولين السابقين من السفر دون إذن النائب العام.
وصدر قرار بمنع مسئولى الحكومة الحالية من السفر خارج البلاد دون إذن من النائب العام وحتى إشعار آخر. كما صدر قرار في وقت سابق بمنع 4 من وزراء الحكومة السابقة المقالة وعدد من المسئولين بالإضافة إلى رجل الأعمال أحمد عز من السفر وتجميد أرصدتهم وحساباتهم بالبنوك لحين استكمال إجراءات التحقيق التى تجريها النيابة العامة معهم بشأن البلاغات المقدمة ضدهم فى وقائع تتعلق بالاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على المال العام والإضرار العمد به.

7:21 م | تحت قسم | إقرأ المزيد

حتى لا يضيع دم الشباب

حتى لا يضيع دم الشباب, ثورة مصركانت مصر على موعد مع القدر يوم الثلاثاء الموافق 25/1/2011م، فقد خرج مئات الآلاف في ثورة غير مسبوقة على نظام الحكم الفاسد، وعبر تواصل المظاهرات أو الاعتصام وتماسك الصفوف والتوحد خلف مطالب أساس لا يمكن الالتفاف حولها وتحول مئات الآلاف لعدة ملايين بعد أيام قلائل، سقطت شرعية النظام مما اضطر كثيرًا من الدول المؤثرة في السياسة العالمية والتي كانت متحالفة مع نظام الحكم أن تظهر تخليها عنه..
وبدأ النظام يتهاوى تحت مطارق المظاهرات عبر اتخاذ خطوات تظهر الاستجابة لمطالب الشباب بدأت بإقالة الحكومة ثم تعيين نائبًا لرئيس الجمهورية ثم إعلان الرئيس أنه لن يترشح لفترة قادمة، والإعلان عن تعديل دستوري خاص بالمواد التي تحدد شروط من يريد الترشح لرئاسة الجمهورية، أملاً في الالتفاف على مطالب شباب الثورة، وتلا ذلك استقالة أو إقالة الأمين العام للحزب الوطني الحاكم وكذلك استقالة أو إقالة أمين لجنة السياسات (ابن الرئيس) الذي كانت كل الدلائل تشير بوضوح إلى أنه يُعد ليكون الرئيس القادم، وبعد قليل استقال أعضاء المكتب السياسي للحزب الوطني بأكمله، لكن المطالب الأساس: حل البرلمان بغرفتيه (مجلس الشعب ومجلس الشورى) وإلغاء قانون الطوارئ واستقالة الرئيس أو تنحيه، لم يتم الالتفات إليها وأمام إصرار شباب الثورة على تلك المطالب وعدم انخداعهم بتلك التنازلات التي لا تمس جوهر القضية بدأ النظام العمل على إجهاض الثورة من خلال عدة محاور:
المحور الأول: التشكيك في الشباب القائم بذلك وتشويه صورتهم، حيث روج النظام من خلال رموزه أن المتظاهرين ينفذون أجندة خارجية وأجندة إخوانية، وأنه قد اندس بينهم المفسدون، بل واتهمهم بتهم أخلاقية يعف اللسان عن ذكرها من خلال الإعلام الموالي لهم، وهذا يشكك في مصداقيتهم في أعين مواطنيهم ويقدح في دوافعهم مما يفقدهم التعاطف الشعبي، رغم أن النظام قبل غيره يعلم ويوقن بطلان هذه المزاعم وليس عنده من دليل واحد يثبت ذلك.
المحور الثاني: المراهنة على عامل الوقت على أساس أن إطالة أمد المظاهرات والاستجابة لقضايا جزئية في ظل الإصرار على عدم التجاوب مع المطالب الأصلية، قد يدفع الشباب إلى اليأس من حدوث تقدم في مطالبهم الأساس وعدم قدرتهم على الاستمرار في ظل التكلفة العالية التي يؤديها الشباب، نظرًا لتركهم أعمالهم وابتعادهم لفترات طويلة عن أهليهم، ومن ثم تهدر الجهود وتجهض الثورة ويخبو الأمل وتنطفئ الجذوة ونعود كما كنا.
المحور الثالث: الانفلات الأمني -وقد كان هذا الخيار في أول الأمر- الذي حول البلد إلى غابة يفترس فيها القوي الضعيف وأشاع فيهم الخوف الشديد, لكن لعله قد تبين لهم أن خطورة هذا الأمر ليست قاصرة على المتظاهرين, بل تمتد لتشمل النظام أيضًا, وربما كانت الخطورة على النظام أشد, وهذا ما يفسر تراجع النظام عنه سريعًا خاصة أن الشباب قد سيروا لجانًا شعبية في غالبية المدن لضبط الأمن, وهو مما أعطاهم خبرة تضاف إلى فقه التظاهر، في الوقت الذي زادت فيه هذه اللجان الشعبية من التلاحم بين الشعب والشباب كما أعطاهم هذا الثقة في استغنائهم عن جهاز الأمن الرسمي وعدم حاجتهم إليه .
المحور الرابع: تفتيت كلمة المتظاهرين وإحداث الفرقة بينهم، وذلك عن طريق الدعوة إلى الحوار مع المعارضة بعد إطلاق الدعوة للحوار, رجع النظام وأعلن أنه لن يتحاور إلا بعد فض الاعتصام, وفي الجانب المقابل أعلن الشباب في عزم وتصميم أن لا حوار قبل رحيل الرئيس, وأمام تصارع الإرادتين: الإرادة التي تعتمد المواقف المبدأية والإرادة التي تعتمد المناورات السياسية، صمدت إرادة الشباب وأصروا على عدم الحوار إلا بعد رحيل الرئيس، بينما التف الفريق الثاني على ذلك الأمر وبدأ حوارًا مع أحزاب المعارضة الهشة التي لم يكن لها يومًا تأثير على مجريات العمل السياسية, باستثناء "الإخوان المسلمون" كثير منهم يحاول الفوز بنصيب من كعكة النظام المتهاوي, ولذلك وجدنا منهم من يبادر ويستبق الآخرين في الجلوس لمائدة المفاوضات؛ علها تشفع لها ويعطيها المكانة, لكن من المتحاورين من قال: لا يمكن أن نتجاوز مطالب الشباب, مع أن الشباب يصرحون أنهم لم يفوضوا أحدًا بالحديث عنهم.
ومما يخشى منه من هذه الحوارات قبل رحيل الرئيس أن يتمكن النظام بوسائل الخداع واللف والدوران التي يجيدها من شق وحدة الصف ويغرقهم في كثير من التفصيلات التي تطغى على المطلب الأساس، لذا فقد يكون من الحكمة التمسك بمقولة أنه لا مفاوضات إلا بعد رحيل الرئيس؛ لأن وجوده يمثل خطرًا حقيقيًّا على حرية الشعب ومصالحه الحيوية، مع الاستمرار في التظاهر والاعتصام..
وينبغي لمن بدأ التفاوض ألا يطعن الشباب في الخلف, وألا يكون سببًا في إهدار دماء الشرفاء الذين سقطوا برصاص البغي والطغيان, فعليهم ألا يقعوا في فخ الحوار المفتوح الذي تضيع فيه الأوقات, وتفقد حركة الشباب والشعب من خلفها زخمها, ويجعلوا للحوار هدفًا لا يتزحزحون عنه وهو رحيل الرئيس كما يجعلون له أمدًا زمنيًّا لا يزيد عن ثلاثة أيام, ثم يعلنون للعامة ما وصلوا إليه من التحاور بكل أمانة وصدق.
بقي الجيش لم يقل كلمته بوضوح حتى الآن, وقد يكون هناك انقسام بين كبار القادة حول الموقف الذي ينبغي اتخاذه، فعلى الشباب ألا يستَعْدُوا هذه المؤسسة في نفس الوقت الذي يحترسون فيه منها.
اللهم احفظ مصر وشعبها والمسلمين جميعًا في مشارق الأرض ومغاربها من كل سوء.

7:18 م | تحت قسم | إقرأ المزيد

وسقط الطاغية

الله أكبر ولله الحمد..
مبارك, وسقط الطاغية!الله أكبر ولله الحمد..
الله أكبر ولله الحمد..
أيها المصريون الشرفاء..
أيها المسلمون في كل بلاد الدنيا..
أيها الأمراء في مشارق الأرض ومغاربها..
هذا والله يوم عيدكم..
لقد صام رسول الله r يوم عاشوراء، وأمر المسلمين بصيامه؛ لأنه يوم نجَّى الله U فيه موسى u والمؤمنين معه، وأهلك فرعون وجنده..
لقد رحل الطاغية فرعون الجديد..
إنه طاغية حقيقي، مزوِّر لإرادة الشعب، مضيِّع لمقدَّراته، مشجع للفساد، محرِّض على الفتنة والطغيان..
إنه يوم سعيد حقًّا.. وأسعد ما فيه أنه جاء كهدية ربانية للشعب على ثباته سبعة عشر يومًا في وجه المؤسسة الفاسدة..
أيها المسلمون الكرماء..
يا خير أجناد الأرض..
اسمعوا مني هذه الكلمات في هذا اليوم الأغر..
لا تنسبوا النصر والنجاح لأنفسكم، بل أرجعوا الأمر كله لله؛ فليست النتائج الرائعة التي تحققت لنا بحجم الجهد المبذول، بل هي أكثر بكثير.. وهذا هو فعل الله الكريم سبحانه، فاشكروه واحمدوه واسجدوا له؛ فالكون كونه، والخلق خلقه، وكل شيء بيده..

إياكم والغرور بالعدد والعُدَّة.. إياكم أن تنسوا خالقكم ورازقكم.. كم من المكاسب ضاعت؛ لأن الله لم يرَ الإخلاص في عباده؛ فأخلصوا لله إخلاصًا كاملاً، واعتمدوا عليه اعتمادًا حقيقيًّا، يكلل جهودكم بالنجاح والفلاح، ويُحسن حياتكم ومماتكم وآخرتكم.
أيها المصريون النجباء..
لا يكن بأسكم بينكم شديدًا.. قد يحدث صراع على السلطة يُضيِّع كل المكاسب. ضعوا مصلحة البلد فوق رءوسكم، وأمام أعينكم، عيشوا متحدين متكاتفين.. لقد رأيتم نتيجة انصهاركم في بوتقة واحدة، فلا تغفلوا عن هذا الدرس العظيم، واعلموا أن الفشل قرين التنازع، وأن اعتصام المسلمين بحبل الله هو طريق النجاة.
أيها الكرام العظام..
لا يكونَنَّ أحدكم بعد اليوم إمَّعة.. شاركوا في بناء بلدكم، احرصوا على انتخاب أفضل عناصركم.. لا يتخلف أحدٌ منكم عن إبداء رأيه، ولا عن المشاركة بنفسه وماله وصوته وقلمه وعرقه وفكره.. لا تتركوا أحدًا يسرق سعادتكم وأحلامكم وطموحاتكم.. إن الظالمين المجرمين ما أفسدوا في الأرض إلا بسلبيَّة تربى عليها الشعب المصري لمدة أكثر من ستين سنة، ولقد حان وقت التغيير في كل شيء..

ليس التغيير في القيادة الفاسدة والنظام الإجرامي فقط، ولكن التغيير في كل ابن من أبناء الشعب المصري، فيتحول من فتور إلى نشاط، ومن سلبية إلى إيجابية، ومن ضعف إلى قوة، ومن خوف إلى شجاعة.. لا تعودوا للخنوع أبدًا، ومن وضع رأسه تحت أحذية الظالمين فلا يلومَنَّ إلا نفسه.
أيها الشعب الأصيل..
ارتفعوا بهمتكم، وثقوا في ربكم؛ فغدًا أفضل من اليوم، ومستقبلكم سعيد بإذن الله..
إنني أبشركم أيها الشرفاء..
إن مصر لم تحرر من الحزب الوطني الفاسد فقط، ولم تتخلص من الطاغية مبارك فحسب، وإنما تحررت من الخوف الذي زرعه المجرمون في قلوب المصريين في عدة عقود، وهذا لا يبشِّر بسمو لمكانة مصر فقط، بل يشير -وبوضوح- إلى استعادة مصر لمكانتها المرموقة في صدر العالم العربي والإسلامي.
إنَّ هذا النجاح الذي حقَّقه لنا رب العالمين سيكون إيذانًا بإذنه -تعالى- بعودة الهيبة لأمة الإسلام، ولا تستبعدوا أن يكون تحرير فلسطينميدان التحرير بالقاهرة، وليس ذلك على الله بعزيز.. والعراق منطلقًا من
ارتفعوا بسقف طموحاتكم، واطلبوا العُلا، ولا ترضوا بدنيا وإن كانت كبيرة، ولكن ابحثوا عن رضا الله U في كل موطن، وعندها سيرضيكم ربكم في الدنيا والآخرة، فهو مالك السموات والأرض.
هنيئًا لكم أيها المصريون..
هنيئًا لكم أيها العرب والمسلمون..
هنيئًا لكم أيها الاحرار في الدنيا جميعًا..
صدقت يا ربي..
{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} [المنافقون: 8].
وأسأل الله أن يُعِزَّ الإسلام والمسلمين.

7:09 م | تحت قسم | إقرأ المزيد

صفوت حجازى: الثورة مستمرة لحين تحقيق مطالبها

أعلن الدكتور صفوت حجازي، الداعية الإسلامي، بعد اجتماع دام ساعتين مع قيادات شباب 25 يناير وبعض قيادات العمل الميداني المعدين لاعتصام التحرير، أن الثورة مازالت مستمرة حتى تتحقق كافة المطالب كاملة.

وقال حجازي في بيان القيادات الميدانية لمعتصمي التحرير إن المعتصمين لهم مطلق الحرية في الاستمرار في الاعتصام من عدمه، وأن كل فرد يحدد ما إن كان سيستمر أو يعود لأعماله وحياته.

وأضاف أن لديهم مطالب عاجلة يمكن أن ينفذها المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال ساعات فورًا بدون الحاجة لوقت طويل، أولها إلغاء قانون الطوارئ، وكذلك إلغاء المحاكم الاستثنائية والإفراج عن المعتقلين السياسيين، وتطهير جهاز الشرطة من إدارة أمن الدولة، أما المطالب الأخرى المعلنة سابقًا فيمكن أن تأخذ بعض الوقت ولكنهم يطالبون بإطار زمنى لتنفيذها.

وأردف الداعية الإسلامي لأنهم يدعون الجمعة المقبل لمظاهرة مليونية أخرى في ميدان التحرير لاختبار مدى تنفيذ القوات المسلحة لوعودها وينقلب لاعتصام فى حال عدم تنفيذ المطالب الفورية، وأكد على أنه لن يجبر أحد على الخروج من ميدان التحرير أو البقاء وهذا موقف شخصي.

وكان منظمون للمحتجين الذين أطاحوا بالرئيس المصري حسني مبارك قد أعلنوا يوم السبت أنهم سيشكلون مجلسًا للدفاع عن الثورة والتفاوض مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير مصر الآن.

وقال خالد عبد القادر عودة وهو أكاديمي للصحافيين في ميدان التحرير: "الهدف من مجلس الأمناء هو إجراء حوار مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة ودفع الثورة إلى الأمام من خلال مرحلة انتقالية".
وأضاف عودة وفق وكالة رويترز: "المجلس ستكون له سلطة الدعوة لاحتجاجات أو الدعوة لإنهائها حسب تطورات الموقف".

7:08 م | تحت قسم | إقرأ المزيد

أحداث مصر: محتجون في ميدان التحرير يلوحون بالأحذية

قصة الإسلام – وكالات
أعلن شهود أن محتجين في ميدان التحرير بوسط القاهرة لوحوا بالأحذية تعبيرًا عن خيبة الأمل والاستنكار أثناء بث التلفزيون الحكومي لكلمة من الرئيس حسني مبارك إلى الأمة مساء يوم الخميس. وبحسب وكالة رويترز هتف المحتجون: "يسقط يسقط حسني مبارك" و"ارحل.. ارحل" تعبيرًا عن غضبهم من الكلمة التي لم يتنح فيها الرئيس لكنه فوض سلطاته لنائبه. وكان الرئيس المصري حسني مبارك قد أكد يوم الخميس أنه لن يغادر مصر وأن الوطن سيظل فوق الأشخاص وفوق الجميع.
وكان الرئيس محمد حسني مبارك قد وجّه خطابًا للأمة مساء الخميس أعلن فيه تفويضه لعمر سليمان نائب رئيس الجمهورية للقيام بمهام رئيس الجمهورية وذلك وفقًا للنحو الذي ينظمه الدستور.
وقال مبارك في خطابه الثالث منذ اندلاع مظاهرات 25 يناير: "استجابة لمطالب الشباب المصري، وحفاظًا على مصالح الوطن أقرر تفويض نائب الرئيس".
وجاء خطاب الرئيس مبارك الذي يحكم مصر منذ حوالي 30 عامًا؛ في أعقاب اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير حسين طنطاوى القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى لبحث الإجراءات والتدابير اللازمة للحفاظ على الوطن ومكتسبات وطموحات شعب مصر العظيم.
وغاب عن المجلس الرئيس حسني مبارك الذي يشغل منصب القائد الاعلى للقوات المسلحة.
وأعلن المجلس أنه انعقد الخميس للبحث في الأحداث التي تمر بها مصر منذ أكثر من أسبوعين انطلاقًا من الحرص على سلامة الوطن والمواطنين واعترافًا بشرعية مطالب الشعب.
وأكد المجلس أنه في حالة انعقاد دائم لمتابعة الأمور في البلاد أولاً بأول وبحث ما يمكن اتخاذه من إجراءات في هذا الشأن.

6:17 ص | تحت قسم | إقرأ المزيد

البيان الثاني للهيئة الشرعية لحماية الحريات حول أحداث مصر



مفكرة الاسلام: طالبت "الهيئة الشرعية لحماية الحقوق والحريات"، التي تضم علماء ودعاة بارزين في مصر، بالمحافظة على المادة الدستورية الخاصة بمرجعية الشريعة الإسلامية وتفعيلها عند إجراء التعديلات الدستورية الجديدة، مشددةً على أن "الهوية الإسلامية السنية ستبقى هي عقيدة المسلمين وعقدهم الاجتماعي".
جاء ذلك في البيان الثاني الذي أصدرته الهيئة حول الأحداث التي تمر بها مصر منذ أكثر من أسبوعين، في ظل دعوات تطالب بـ"دولة مدنية" يطالب بها بعض من ركبوا موجة "الثورة الشعبية" التي قام بها شباب مصر.
ورفضت الهيئة أي تدخلات خارجية في الشأن الداخلي المصري، كما دعت إلى "حفظ الأمن العام والخاص واستقرار البلاد"، وحذرت من "غياب مؤسسات الدولة وشيوع الفوضى".
وفيما يلي نص البيان الذي تلقت مفكرة الإسلام نسخة منه:بسم الله الرحمن الرحيم
البيان الثاني للهيئة الشرعية لحماية الحقوق والحريات
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فانطلاقًا من قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلهِ﴾ [النساء : 135] وبعد التأكيد على مضمون البيان الأول للهيئة الشرعية تتوجه الهيئة الشرعية إلى المجتمع المصري بالبيان التالي:
أولًا: إن التغيير الحقيقي والواجب المتعين على الراعي والرعية يبدأ من القلوب توبة إلى الله واعتصامًا بهداه، لينتهي إلى رد المظالم إلى أصحابها والتحلل من عهدتها، قال تعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور : 31].
ثانيًا: عند إجراء التعديلات الدستورية الجديدة تتعين المحافظة على المادة الدستورية الخاصة بمرجعية الشريعة الإسلامية وتفعيلها؛ لأنها صمام الأمان لتحقيق العدالة الاجتماعية والسلم لجميع أفراد المجتمع.
ثالثًا: على مختلف القوى السياسية والدينية والاجتماعية في الأمة المصرية الوقوف خلف الثورة الشعبية المطالبة بالتغيير في الاتجاه الصحيح، وبما يعود على الأمة بالنفع وتحقيق الإصلاح ومحاربة الفساد بكل أشكاله وصوره، واختيار خير من يقوم بأمانة المسئولية العامة بدون مزايدة أو شعارات جوفاء أو انخداع برايات أو توجهات مضللة.
رابعًا: يتعين على جميع المواطنين مسلمين وغير مسلمين التصدي لمحاولات زرع الفتن بين أبناء الأمة، ومواجهة أخطار التجزئة والتفكيك بكل حسم، والمحافظة على وحدة الأمة وسلامة المواطنين.
خامسًا: ترفض الأمة بشكل قاطع محاولات الاصطياد في الماء العكر، ولا تقبل بحال المزايدة على قضاياها الداخلية من أية جهة خارجية، وستبقى الهوية الإسلامية السنية هي عقيدة المسلمين وعقدهم الاجتماعي بإذن الله.
سادسًا: يعتبر الظرف الراهن فرصة لا يجوز تفويتها لإحداث إصلاحات شاملة وحقيقية في مجالات الحريات العامة وحقوق الإنسان المشروعة، والعدالة الاجتماعية، والإصلاح الجذري في المؤسسات الأمنية والإعلامية والسياسية والتعليمية والاقتصادية على حدٍّ سواء.
سابعًا: مع وقوف الجميع مع مطالب الشباب العادلة، والاتفاق على حماية هذه المطالب وحماية أصحابها من كل ضرر واقع أو متوقع فإن الموقعين على هذا البيان يدعون إلى حفظ الأمن العام والخاص واستقرار البلاد، ويحذرون من غياب مؤسسات الدولة وشيوع الفوضى، ويسألون الله تعالى أن يقي مصر وشعبها الفتن ما ظهر منها وما بطن.
ونختم بقوله تعالى: {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود:88].
القاهرة يوم الأربعاء الموافق
6/3/1432هـ- 9/2/2011م
الموقعون على البيان:
1- أ.د. نصر فريد واصل  مفتي الديار المصرية سابقًا.
2- أ.د. عبد الستار فتح الله سعيد أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعتي الأزهر وأم القرى.
3- أ.د. علي أحمد السالوس  أستاذ الفقه والأصول والنائب الأول لرئيس مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا.
4- أ.د. محمود محمد مزروعة  عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر.
5- أ.د. مروان شاهين   أستاذ الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر.
6- أ.د. الخشوعي الخشوعي محمد وكيل كلية أصول الدين بجامعة الأزهر سابقًا.
7- د. يحيى إسماعيل   أستاذ الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر سابقًا.
8- د. عبد المنعم البري   الأستاذ بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر.
9- أ.د. عمر عبد العزيز   الأستاذ بكلية الدعوة جامعة الأزهر.
10- د. حسن يونس عبيدو  الأستاذ بكلية أصول الدين جامعة الأزهر 
11- أ.د. محمد عبد المقصود  داعية إسلامي.
12-  د. محمد إسماعيل المقدم  داعية إسلامي.
13-  فضيلة الشيخ مصطفى محمد داعية إسلامي.
14-  د. سعيد عبد العظيم  داعية إسلامي.
15-  د. ياسر برهامي   داعية إسلامي.
16-  د. محمد يسري إبراهيم  المستشار بجامعة المدينة العالمية.
17-  د. محمد إمام    الأستاذ بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر.
18-  د. عبد الرحمن فودة  الأستاذ بكلية دار العلوم.
19-  د. صفوت حجازي  داعية إسلامي.
20-  د. محمد عبد السلام  داعية إسلامي.
21-  د. أحمد النقيب     داعية إسلامي.
22-  فضيلة الشيخ خالد صقر  داعية إسلامي.
23-  د. عطية عدلان عطية  الأستاذ بجامعة المدينة.
24-  د. أحمد فريد   داعية إسلامي.
25-  د. هشام عقدة   داعية إسلامي.
26-  د. هشام برغش   داعية إسلامي.
27-  د. محمد رجب   داعية إسلامي.
28-  فضيلة الشيخ نشأت أحمد داعية إسلامي.
29-  د. ياسر الفقي   المدرس المساعد بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر.
30-  د. وليد الجوهري  داعية إسلامي.
31-  د. مدحت عبد الباري  داعية إسلامي.
32-  د. محمد هشام راغب  داعية إسلامي.
33-  المستشار جلال إبراهيم الشربيني
34-  لواء علاء محمد النجار  لواء سابق بالقوات المسلحة.
35-  فضيلة الشيخ أبو الأشبال الزهيري داعية إسلامي.
36- فضيلة الشيخ خالد عقدة             داعية إسلامي.
37- فضيلة الشيخ فوزي السعيد         داعية إسلامي.
38- فضيلة الشيخ رفاعي سرور          داعية إسلامي.
39-  د. سيد حسين العفاني  داعية إسلامي.
40-  د. محمد مختار   المدرس بكلية أصول الدين جامعة الأزهر.
41-  د. عبد المنعم مطاوع  داعية إسلامي.
42-  الشيخ أشرف عبد المنعم  داعية إسلامي.
43- الأستاذ حسن الرشيدي                كاتب ومفكر إسلامي.
44- الشيخ محمد عادل                         داعية إسلامي.
45- الشيخ مسعد الجزايرلي                   داعية إسلامي.
46-  د. سعيد الروبي   داعية إسلامي.
47-  الشيخ سعيد السواح  داعية إسلامي.
48-  الشيخ علي غلاب  داعية إسلامي.
49-  الشيخ دخيل حمد  داعية إسلامي.
50-  الشيخ خالد سعيد  داعية إسلامي.
51-  الشيخ محمد عبده  داعية إسلامي.
52-  الشيخ محمد عبد الوهاب الكردي داعية إسلامي.
53-  الشيخ علاء عامر  داعية إسلامي.
54-  د. مازن السرساوي  داعية إسلامي.
55-  د. صلاح ميهوب  داعية إسلامي.
56-  د. حاتم مزروعة  داعية إسلامي.
57- الشيخ مصطفى دياب  داعية إسلامي.
58-  الشيخ حسن عامر  داعية إسلامي.
59-  الشيخ عبد المجيد الفقي  داعية إسلامي.
60-  الشيخ يونس مخيون  داعية إسلامي.
61-  الشيخ حسن عمر  داعية إسلامي.
62-  الشيخ عبد المنعم الشحات داعية إسلامي.
63-  الشيخ عصام حسنين  داعية إسلامي.
64-  الشيخ جلال مرة  داعية إسلامي.
65-  الشيخ محمد عبد الواحد   داعية إسلامي.
66- الشيخ  فرحات رمضان داعية إسلامي.
67- الشيخ طارق راضي داعية إسلامي.
وتضم "الهيئة الشرعية لحماية الحقوق والحريات" مجموعة كبيرة من رموز الأزهر والعلماء والدعاة  في مصر وأصدرت بيانها الأول بالتزامن مع الأحداث الكبيرة التي تمر بها مصر هذه الأيام، وجاء فيه تأييدهم للمطالب المشروعة للشباب ودعمهم لثورة شباب مصر، مؤكدين أن المخرج الوحيد من الأزمة التي تمر بها البلاد هو الاعتصام بكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
كما شدد البيان بقوة على أن الأمة لن تسمح بالمساس بالمادة الدستورية التي تنص على أن الإسلام هو دين الدولة، واحترام مرجعية الشريعة الإسلامية وأنها المصدر الرئيس للتشريع، وذلك لأنها صمام الأمن والأمان والسلام لجميع أفراد الوطن مع التأكيد على ضرورة إلغاء قانون الطوارئ وكل ما يشير إليه.

10:49 م | تحت قسم | إقرأ المزيد

بيان الهيئة الشرعية لحماية الحقوق بخصوص أحداث مصر

أكدت "الهيئة الشرعية لحماية الحقوق والحريات" والتي تضم علماء ودعاة بارزين في مصر، أن المخرج الوحيد من الأزمة التي تمر بها البلاد هو الاعتصام بكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، مشددة على أن "المطالبات السلمية المنضبطة لا تعد خروجًا على الشرعية، أو مخالفة للشريعة الإسلامية".
جاء ذلك في بيان صادر عن الهيئة تلقت "مفكرة الإسلام" نسخة منه.
وفيما يلي نص البيان:
بيان من الهيئة الشرعية لحماية الحقوق والحريات
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم وبارك على من لا نبي بعده، وبعد،
فإن الأمة المصرية تمر اليوم بمرحلة بالغة الخطورة، تستوجب أن يقوم العلماء والدعاة وأصحاب الرأي والحكماء بواجبهم نحو مناصحة أمتهم.
والموقعون على هذا البيان يتوجهون إلى مختلف طوائف الأمة بما يلي:
أولًا: إن المخرج الوحيد من هذه الأزمة هو الاعتصام بكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، والتعاون على البر والتقوى، وترك التعاون على الإثم والعدوان.
ثانيًا: إن الأمة لن تسمح بالمساس بالمادة الدستورية التي تنص على أن الإسلام هو دين الدولة، واحترام مرجعية الشريعة الإسلامية وأنها المصدر الرئيس للتشريع، وذلك لأنها صمام الأمن والأمان والسلام لجميع أفراد الوطن مع التأكيد على ضرورة إلغاء قانون الطوارئ وكل ما يشير إليه.
ثالثًا: لقد اتجهت الأمة اليوم بكل طوائفها نحو التغيير والإصلاح بما لا يجوز تعويقه، ولا الإبطاء في إنجازه، وإن إقامة العدل وتحقيق التنمية وإصلاح الحكم ومؤسساته –هو اختيار الشعب الذي يمثل الاستقرار المنشود. وهذه المطالبات السلمية المنضبطة لا تعد خروجًا على الشرعية، أو مخالفة للشريعة الإسلامية.
رابعًا: إن تحقيق الأمن والسلام والتكافل والتراحم بين فئات المجتمع مرهون بإجابة مطالب الشباب المشروعة، وإعطاء الضمانات الكفيلة بتأمين جموع المتظاهرين، واتخاذ الإجراءات التي تكشف عن صدق النوايا، والتي يمكن إعادة بناء جسر الثقة والمصداقية الذي انهار بسبب ما وقع من أخطاء ونقض للعهود.
خامسًا: تؤكد قوى المجتمع على حفظ مكتسباتها وتطالب بالوقوف خلف مطالب الشباب، وإنجاز التغيير في الاتجاه الصحيح، دون انزلاق مع توجهات منحرفة، أو شعارات مضللة، وتنبه إلى أن هذه المطالب تتفق مع جميع الشرائع السماوية والمواثيق الدولية فضلًا عن إجماع الأمة.
سادسًا: يناشد الجميع المسئولين عن البلاد بحقن الدماء وحفظ الأرواح وضبط الأمن، وسرعة اتخاذ الإجراءات لمحاسبة الفاسدين دون إبطاء تحقيقًا لمصالح البلاد والعباد.
سابعًا: يحتسب الموقِّعون على هذا البيان المقتولين من أهل الإيمان بسبب الاعتداء عليهم -شهداء عند الله تعالى، ويستحق أهلهم تعويضًا عما لحقهم من الخسائر والأضرار في الأنفس والممتلكات.
ثامنًا: على جموع المتظاهرين أن يعملوا على حفظ مطالباتهم بسلوك الطرق السلمية في التعبير والمطالبة، والبعد عن كل ما يعرِّض هذا الجمع للأخطار، وكل ما يؤدي إلى الإضرار بالوطن والمواطنين، ويوجد ذرائع البطش والتنكيل.
تاسعًا: يشيد الموقعون على هذا البيان بالموقف الوطني المشرف للجيش المصري ورسالته في حفظ أمن الوطن والمواطنين.
عاشرًا: ندعو جموع الشعب المصري إلى إشاعة الرحمة والرفق، والعفو والصفح، عن كل من أساء أو اعتدى بشرط تحقق المطالب، ونجاح المقاصد، قال تعالى:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى الله إنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِين} [الشورى:40].
حفظ الله مصرنا آمنة مطمئنة، وحمى شبابها ورجالها، وولّى عليها خيارها، وجعل ولايتها فيمن خافه واتقاه واتبع رضاه، برحمته إنه أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين، والحمد لله رب العالمين.
القاهرة ليلة السبت الموافق
2/2/1432#- 5/2/2011

الموقعون على البيان:
الموقعون على البيان:
1- أ.د. نصر فريد واصل  مفتي الديار المصرية سابقًا.
2- أ.د. عبد الستار فتح الله سعيد أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعتي الأزهر وأم القرى.
3- أ.د. علي أحمد السالوس  أستاذ الفقه والأصول والنائب الأول لرئيس مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا.
4- أ.د. محمود محمد مزروعة  عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر.
5- أ.د. مروان شاهين   أستاذ الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر.
6- أ.د. الخشوعي الخشوعي محمد وكيل كلية أصول الدين بجامعة الأزهر سابقًا.
7- د. يحيى إسماعيل   أستاذ الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر سابقًا.
8- د. عبد المنعم البري   الأستاذ بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر.
9- أ.د. عمر عبد العزيز   الأستاذ بكلية الدعوة جامعة الأزهر.
10- د. حسن يونس عبيدو  الأستاذ بكلية أصول الدين جامعة الأزهر 
11- أ.د. محمد عبد المقصود  داعية إسلامي.
12-  د. محمد إسماعيل المقدم  داعية إسلامي.
13-  فضيلة الشيخ مصطفى محمد داعية إسلامي.
14-  د. سعيد عبد العظيم  داعية إسلامي.
15-  د. ياسر برهامي   داعية إسلامي.
16-  د. محمد يسري إبراهيم  المستشار بجامعة المدينة العالمية.
17-  د. محمد إمام    الأستاذ بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر.
18-  د. عبد الرحمن فودة  الأستاذ بكلية دار العلوم.
19-  د. صفوت حجازي  داعية إسلامي.
20-  د. محمد عبد السلام  داعية إسلامي.
21-  د. أحمد النقيب     داعية إسلامي.
22-  فضيلة الشيخ خالد صقر  داعية إسلامي.
23-  د. عطية عدلان عطية  الأستاذ بجامعة المدينة.
24-  د. أحمد فريد   داعية إسلامي.
25-  د. هشام عقدة   داعية إسلامي.
26-  د. هشام برغش   داعية إسلامي.
27-  د. محمد رجب   داعية إسلامي.
28-  فضيلة الشيخ نشأت أحمد داعية إسلامي.
29-  د. ياسر الفقي   المدرس المساعد بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر.
30-  د. وليد الجوهري  داعية إسلامي.
31-  د. مدحت عبد الباري  داعية إسلامي.
32-  د. محمد هشام راغب  داعية إسلامي.
33-  المستشار جلال إبراهيم الشربيني
34-  لواء علاء محمد النجار  لواء سابق بالقوات المسلحة.
35-  فضيلة الشيخ أبو الأشبال الزهيري داعية إسلامي.
36- فضيلة الشيخ خالد عقدة             داعية إسلامي.
37- فضيلة الشيخ فوزي السعيد         داعية إسلامي.
38- فضيلة الشيخ رفاعي سرور          داعية إسلامي.
39-  د. سيد حسين العفاني  داعية إسلامي.
40-  د. محمد مختار   المدرس بكلية أصول الدين جامعة الأزهر.
41-  د. عبد المنعم مطاوع  داعية إسلامي.
42-  الشيخ أشرف عبد المنعم  داعية إسلامي.
43- الأستاذ حسن الرشيدي                كاتب ومفكر إسلامي.
44- الشيخ محمد عادل                         داعية إسلامي.
45- الشيخ مسعد الجزايرلي                   داعية إسلامي.
46-  د. سعيد الروبي   داعية إسلامي.
47-  الشيخ سعيد السواح  داعية إسلامي.
48-  الشيخ علي غلاب  داعية إسلامي.
49-  الشيخ دخيل حمد  داعية إسلامي.
50-  الشيخ خالد سعيد  داعية إسلامي.
51-  الشيخ محمد عبده  داعية إسلامي.
52-  الشيخ محمد عبد الوهاب الكردي داعية إسلامي.
53-  الشيخ علاء عامر  داعية إسلامي.
54-  د. مازن السرساوي  داعية إسلامي.
55-  د. صلاح ميهوب  داعية إسلامي.
56-  د. حاتم مزروعة  داعية إسلامي.
57- الشيخ مصطفى دياب  داعية إسلامي.
58-  الشيخ حسن عامر  داعية إسلامي.
59-  الشيخ عبد المجيد الفقي  داعية إسلامي.
60-  الشيخ يونس مخيون  داعية إسلامي.
61-  الشيخ حسن عمر  داعية إسلامي.
62-  الشيخ عبد المنعم الشحات داعية إسلامي.
63- الشيخ حامد الطاهر       داعية إسلامي.
64-  الشيخ عصام حسنين  داعية إسلامي.
65-  الشيخ جلال مرة  داعية إسلامي.
66-  الشيخ محمد عبد الواحد   داعية إسلامي.
67- الشيخ  فرحات رمضان داعية إسلامي.
68- الشيخ طارق راضي داعية إسلامي.

10:47 م | تحت قسم | إقرأ المزيد

الأرشيف