الجزائر: تغيير النظام أولا!
ثمة مقولة مفادها أنه حين يجتمع اللصوص على فعل السرقة، غالبا ما يكونون في حالة تفاهم وانسجام، وبمجرد أن يختلفوا بعدها يرتفع صوت الرصاص فيما بينهم، وإن كانت هذه المقولة قديمة، لكنها تبدو جد راهنة إزاء أوضاع دولنا وإزاء أوضاعنا كشعوب تعيش تحت الأحذية! والحال أنه في الجزائر، من السهل أن نعرف ماذا يجري بمجرد سماع صوت الرصاص، فإن ارتفع الرصاص، بدا واضحا أن الاختلاف بين اللصوص ليس سببه القسمة نفسها، بل سببه أبعادها ضمن ماهية السلطة التي تحولت إلى مزرعة لأبناء الأثرياء وأحفادهم وأحفاد أحفادهم، إذ لا مكان لغيرهم! في الجزائر
جرى قبل أيام من "تقاتل" صامت في أعلى هرم الداخلية يشبه الشجرة التي تغطي الغابة، فالمقتول والقاتل اتهم بعضهما البعض بالفساد، والحال أن الفساد الذي انتشر في أهم وأغلب مؤسسات الدولة لم يكن من اليوم، ولا من الأمس القريب، بل هو نتاج قديم لسياسات لطالما وضعت الشعب الجزائري ضمن آخر مشاغلها، بحيث استطاع حركى (الخونة) الأمس أن يتقلدوا المناصب المهمة والحساسة، تزوجوا من أجنبيات (روسيات وفرنسيات وبلجيكيات وسويسريات)، وأصبحوا يحرصون على أن يولد أبناءهم في بلد أمهم العزيزة ليأخذوا الجنسية الأجنبية ويكبروا في الجزائر كأسياد بالدور، وكأسياد بموجب الجنسية المزدوجة التي تجعل الجزائر تحت قبضة الاستيطانيين الجدد، الكولونياليين الذين أدوا بالبلاد إلى التهلكة، فأن تحتل الجزائر مرتبة متقدمة من الفساد، ومرتبة متأخرة من الحياة المعيشية الأفضل فهذه كارثة، ليس لأنه الواقع، بل لأن أهم دولة نفطية يتحكم فيها المفسدون الجدد، الذين ورثوا السلطة عن آبائهم وعن أولئك الذين اعتقدوا أنهم سيخلدون، لينتهي بهم الأمر إلى "الجلطة الدماغية" أو الرصاصة الصديقة! لقد جربت النظم المتتابعة على الجزائر منذ الاستقلال إلى يومنا هذا كل أنواع الإيديولوجيات السياسية، من الشيوعية إلى الاشتراكية "المعتدلة"، إلى الرأسمالية إلى الانفتاح غير المدروس، لكنها لم تجرب أبدا التعبير الأبسط الذي بموجبه يمكن لرئيس أن يخاطب شعبه بعبارة " شعبي الصبور" والتي تعني أنه حان الوقت لتتغير الأمور، وأن تجريب السياسات الفاشلة لم ينقذ الجزائر ولا الجزائريين، بل زاد في مأساتهم، ولم يعد ثمة خيارات سوى الرغبة في التغيير، ومن يمكن أن يتحدث عن التغيير الحقيقي يجب أن يبدأ بالسلطة، لأنه من المستحيل أن تتغير الأوضاع دونما تغير السلطة كلها، من الألف إلى الياء، لأن الجزائر ملك الجزائريين وليست ملكا للغيلان! لقد أثبتت السنوات الماضية أن الشعب الجزائري كان فأر تجارب في مخبر السلطة المتداولة على الشعب، والتي كانت تنتمي في النهاية لذات التيارات الاغترابية تارة، والاستيطانية تارة أخرى وحتى الفوضوية تحت قبعة المؤسسة العسكرية. لم تكن ثمة نية طيبة أو حقيقية لأجل التغيير الإيجابي لصالح الشعب، كانت هنالك فكرة البهرجة التي استحوذت على الجميع والتي جعلت من الوطن ديكورا عجيبا على شرف اللصوص والمرتزقة الرسميين الذين يستفيدون في حال الربح أو الخسارة، مثلما يركبون على ظهر الشعب بعبارة " فيفا لالجيري"!! لقد دوى الرصاص بٌعَيْدَ الاستقلال بفترة حين "تخاصم الشركاء في الداخل" على كعكة الوطن، فخرج بموجبها الشعب الجزائري إلى الشارع للصراخ "سبع سنوات نكفي" ليعنون أن سنوات الثورة والتعب كافية وحان الوقت لبناء وطن جديد، واندلع الرصاص في مناسبات كثيرة كان فيها الكبار يختلفون في نصيبهم من كعكة الوطن، تقاتلوا بصمت، وبطرق كثيرة، مثلما تقاتلوا في التسعينات لإيهام الجزائريين أن قيام دولة إسلامية بمثابة الكارثة عليهم وبابا مفتوحا للجحيم الديني، وكأنهم كانوا جنة على الشعب، وكأنهم لم يكونوا هم أنفسهم الكارثة التي ظل الشعب يجترها منذ عام 1962 إلى يومنا هذا بنفس الصبغة، وبنفس الشعور بالخيبة قبالة وطن يهرب شبابه بحرا نحو المنافي، وينتحر من تبقى منهم بكل الطرق، فمن يصرخ " فيفا لالجيري" عليه أن يعطي للجزائريين حقوقهم، والتي تبدأ بالكرامة، وتنتهي بالوطن نفسه!
،
جرى قبل أيام من "تقاتل" صامت في أعلى هرم الداخلية يشبه الشجرة التي تغطي الغابة، فالمقتول والقاتل اتهم بعضهما البعض بالفساد، والحال أن الفساد الذي انتشر في أهم وأغلب مؤسسات الدولة لم يكن من اليوم، ولا من الأمس القريب، بل هو نتاج قديم لسياسات لطالما وضعت الشعب الجزائري ضمن آخر مشاغلها، بحيث استطاع حركى (الخونة) الأمس أن يتقلدوا المناصب المهمة والحساسة، تزوجوا من أجنبيات (روسيات وفرنسيات وبلجيكيات وسويسريات)، وأصبحوا يحرصون على أن يولد أبناءهم في بلد أمهم العزيزة ليأخذوا الجنسية الأجنبية ويكبروا في الجزائر كأسياد بالدور، وكأسياد بموجب الجنسية المزدوجة التي تجعل الجزائر تحت قبضة الاستيطانيين الجدد، الكولونياليين الذين أدوا بالبلاد إلى التهلكة، فأن تحتل الجزائر مرتبة متقدمة من الفساد، ومرتبة متأخرة من الحياة المعيشية الأفضل فهذه كارثة، ليس لأنه الواقع، بل لأن أهم دولة نفطية يتحكم فيها المفسدون الجدد، الذين ورثوا السلطة عن آبائهم وعن أولئك الذين اعتقدوا أنهم سيخلدون، لينتهي بهم الأمر إلى "الجلطة الدماغية" أو الرصاصة الصديقة! لقد جربت النظم المتتابعة على الجزائر منذ الاستقلال إلى يومنا هذا كل أنواع الإيديولوجيات السياسية، من الشيوعية إلى الاشتراكية "المعتدلة"، إلى الرأسمالية إلى الانفتاح غير المدروس، لكنها لم تجرب أبدا التعبير الأبسط الذي بموجبه يمكن لرئيس أن يخاطب شعبه بعبارة " شعبي الصبور" والتي تعني أنه حان الوقت لتتغير الأمور، وأن تجريب السياسات الفاشلة لم ينقذ الجزائر ولا الجزائريين، بل زاد في مأساتهم، ولم يعد ثمة خيارات سوى الرغبة في التغيير، ومن يمكن أن يتحدث عن التغيير الحقيقي يجب أن يبدأ بالسلطة، لأنه من المستحيل أن تتغير الأوضاع دونما تغير السلطة كلها، من الألف إلى الياء، لأن الجزائر ملك الجزائريين وليست ملكا للغيلان! لقد أثبتت السنوات الماضية أن الشعب الجزائري كان فأر تجارب في مخبر السلطة المتداولة على الشعب، والتي كانت تنتمي في النهاية لذات التيارات الاغترابية تارة، والاستيطانية تارة أخرى وحتى الفوضوية تحت قبعة المؤسسة العسكرية. لم تكن ثمة نية طيبة أو حقيقية لأجل التغيير الإيجابي لصالح الشعب، كانت هنالك فكرة البهرجة التي استحوذت على الجميع والتي جعلت من الوطن ديكورا عجيبا على شرف اللصوص والمرتزقة الرسميين الذين يستفيدون في حال الربح أو الخسارة، مثلما يركبون على ظهر الشعب بعبارة " فيفا لالجيري"!! لقد دوى الرصاص بٌعَيْدَ الاستقلال بفترة حين "تخاصم الشركاء في الداخل" على كعكة الوطن، فخرج بموجبها الشعب الجزائري إلى الشارع للصراخ "سبع سنوات نكفي" ليعنون أن سنوات الثورة والتعب كافية وحان الوقت لبناء وطن جديد، واندلع الرصاص في مناسبات كثيرة كان فيها الكبار يختلفون في نصيبهم من كعكة الوطن، تقاتلوا بصمت، وبطرق كثيرة، مثلما تقاتلوا في التسعينات لإيهام الجزائريين أن قيام دولة إسلامية بمثابة الكارثة عليهم وبابا مفتوحا للجحيم الديني، وكأنهم كانوا جنة على الشعب، وكأنهم لم يكونوا هم أنفسهم الكارثة التي ظل الشعب يجترها منذ عام 1962 إلى يومنا هذا بنفس الصبغة، وبنفس الشعور بالخيبة قبالة وطن يهرب شبابه بحرا نحو المنافي، وينتحر من تبقى منهم بكل الطرق، فمن يصرخ " فيفا لالجيري" عليه أن يعطي للجزائريين حقوقهم، والتي تبدأ بالكرامة، وتنتهي بالوطن نفسه!
،
الرصاصة ما تزال في الذهن
ليس من حق الأفراد التظاهر لأجل مطالبهم الشرعية بموجب حالة الطوارئ المعمول بها منذ التسعينات من القرن الماضي، مع أن قانون الطوارئ لا يمنع خروج مئات الآلاف من الشباب للهتاف باسم فريق كرة القدم، ومع أن قانون الطوارئ لا يمنع حالة البذخ التي يمارسها المسئولون على مرأى من الجميع، لكن حالة الطوارئ تبدو حتمية إزاء مطالب البسطاء والفقراء والمهمشين والبطالين والمنبوذين دونما سبب. في الجزائر، يلجأ الموظفون إلى الخيار الأسهل، إلى الإضراب، الذي يجعل مسئولا رفيعا في وزارة التربية يهدد أساتذة التعليم بالفصل من مناصبهم لمجرد مطالبتهم بحقوقهم الاجتماعية الأبسط، ودون أدنى نظرة من المسؤول إلى تلك المطالب التي لا تعدو كونها ضرورية وحتمية وإنسانية أيضا، نفس المسؤول الذي يقال أن زوجته هي شقيقة رئيس أجنبي، يظن نفسه سيدا على العرش، يذهب إلى حد إعطاء مهلة للأساتذة كي يعودوا إلى صمتهم، واستكانتهم، دون أن يوجه له أحد السؤال الأبسط: لماذا لا يفترض أن يكون المدرسين على حق وأن المسؤول على خطأ؟ ولماذا على المدرسين الذين يعيشون على حافة الانهيار العصبي والاجتماعي أن يعودوا إلى سكوتهم بدل أن يقدم المسؤول استقالته ويذهب بعد سنوات طويلة جدا قضاها في منصبه؟ صحيح أنه لا أحد يستقيل في الجزائر، حتى لو مات نصف الشعب بالجلطة "السيستماتيكية". ليس ثمة ثقافة الاستقالة أو ترك المنصب حالة الفشل، ولأن الجميع يفشلون يظلون في مناصبهم، كي يستقيل الشعب بدلا عنهم. فقد استقال الشعب الجزائري منذ سنوات طويلة من الكثير من المهام، بما فيها المشاركة في الانتخابات، بما فيها المشاركة في بناء دولة يشعر أنها لم تعد له، وأن الكولونياليين الرسميين الجدد استولوا عليها، دون أن يسألهم أحد كيف ولماذا ومن أين لكم هذا؟ أصبح أغلب الجزائريين يحلمون بالهرب إلى مكان آخر، مستعدون لرمي أنفسهم في البحر، علهم يصلون إلى بلد تحترم شيء اسمه المواطنة (بفتح الطاء)!
قبسات من أنوار وأقلام العلماء والكتاب قبسات أون لاين حيث الإعلام الهادف قبسات أون لاين
10:20 ص
مقالات متنوعة
.