ما وراء الدعوة إلى تحرير المرأة
انطلقت هذه الدعوة المشبوهة في بلاد المسلمين منذ عام 1900م مع صدور كتاب قاسم أمين (المرأة الجديدة)، ويفتأ منذ ذلك الحين دعاة ما يسمى تحرير المرأة يكررون نفس (الأسطوانة) عن حلمهم بإخراج المرأة العربية من رق العبودية والتبعية للرجل، إلى الحرية والمساواة معه.
وبعد أن اشتعل رأس (نوال سعداوي) المعترضة على كون الأنبياء كلهم من الرجال! بعد أن اشتعل رأسها شيبًا فلم يبق منه موضع لسواد، لم تقنع بحصول المرأة المصرية على الترشيح والانتخاب، بل تأوهت والألم يعصر قلبها على أن المرأة العربية لا تزال -وبعد قرن من النضال- ترسف تحت وطأة الأغلال في أسر الرجال، ذلك أن مبتدع هذه البدعة قاسم أمين دعا إلى إعادة النظر في أربعة أمور: الحجاب، واشتغال المرأة بالشئون العامة، وتعدد الزوجات، والطلاق، وإلى اتباع الفكر الغربي في كل ذلك، زاعمًا أنه موافق للإسلام؛ ليمهد للمسلمين تقبل هذه الفكرة الغربية، ثم زاد الذين حملوا لواء دعوته من بعده، الدعوة إلى إقحام المرأة في الجيش جنبًا إلى جنب مع الرجل، ثم لم ينتهوا عن غيهم حتى نادوا بالمساواة المطلقة في كل شيء؛ ليبطلوا كل أحكام القرآن، وما تخفي صدروهم مما لن يبلغوه بحول من الله أكبر.
وما هي حصيلة هذه العقود من الركض وراء فكرة المساواة، والحقوق السليبة، والحرية الضائعة للمرأة، تبدو الحصيلة جلية في ارتفاع نسبة الطلاق، وانتشار التفكك الأسرى، وتحويل المرأة إلى أكثر وسائل الدعاية انتشارًا، فلا يوجد أنسب من صورة تلك المرأة (الحرة!) لترويج أشد السلع حقارة (الأحذية وإطارات السيارات وما شابه)، واستغلال المرأة أبشع استغلال في تجارة الجنس بصورة لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية، في كل مكان، في الفضائيات وسائل الإعلام والإنترنت ومواخير الدعارة، وكلما اقتربت من العواصم التي تفتخر بالسبق إلى تحرير المرأة، وجدت المرأة هناك أتعس ما تكون، وقد ضرب أوضح مثلٍ في حصول أشد الدول حماسًا لتحرير المرأة (أمريكا) على الرقم القياسي عالميًّا في إهانة المرأة بالتحرش الجنسي في العمل المختلط، وحمل الفتيات سفاحًا في سن المراهقة في المدارس المختلطة، بل في نسبة الاغتصاب، والحمل سفاحًا داخل الأسرة، وانتشار الإجهاض!!!
لو فرض يا قوم أننا كنا نظلم المرأة قبل أن يأتينا مفكرو الغرب وتلاميذهم من أبناء جلدتنا ليلقوا علينا دروسًا في حقوقها، فإن المقارنة بين ظلمنا وظلمهم وإتعاسهم وإشقائهم لها في هذا العصر، كالمقارنة بين من قتل بعوضة ومن قتل الناس جميعًا.
ولم تعرف البشرية شريعة ولا أمة من الأمم وضعت المرأة في مقام التبجيل والإكرام كما فعلت الشريعة الإسلامية، ومن إكرامها صانتها عن مواضع لا تليق بمكانة المرأة، ومن ذلك إقحامها في ميدان الحقوق السياسية المزعومة؛ حتى لا تمتهن بتعرضها للرجال وهي تطوف تعرض نفسها عليهم كما يطوف اللاهثون وراء الأصوات الانتخابية، وتلوكها الألسن بالسوء في مساومات وألاعيب السياسة، وتتعرض شخصيتها للأذى والإهانة بالقول والفعل والإشاعات والغمز والهمز واللمز، وتتقاذف الأفواه سمعتها، وهي تعلم ويعلم كل خبير بمجتمعنا أنها لن تخرج من كل هذا الوهم الذي يدعى (حقوقًا سياسية) إلا بالخسران المبين، فلا هي صانت نفسها وأكرمتها، ولا هي بلغت عشر معشار ما يمنيها به الذين ضربوا بها في تيهٍ طويل المدى من دعاة إفساد المرأة.
قبسات من أنوار وأقلام العلماء والكتاب قبسات أون لاين حيث الإعلام الهادف قبسات أون لاين
10:13 ص
الاسرة المسلمة
.