وعى الأمة بأهمية قضية فلسطين
وجدت نفسها فى وجه قوى الظلام المدججة بأعتى الأسلحة الفتاكة للأجسام و العقول . وجد المسلم نفسه مضطرا إلى خوض معركة داخلية فى بلدة ، يأمر بالمعروف و ينهى عن النكر ، ويجاهد نفسه التى اثاقلت بهذه الناكر المنتشرة ،ويحاول إنقاذ الناس من حوله وهم يتساقطون فى مهاوى الشهوات المتناثرة على جانبى الصراط المستقيم.إن عليه مع سعيه لتحريرفلسطين ، أن يسعى لإقرار الحرية و العدالة فى بلده . إنها مهمة صعبة ، لكنها ليست مهمة فرد ، بل هى مهمة أمة .
و لتسهيل المهمة ؛ هيا بنا نرى كيف حقق النبى صلى الله عليه وسلم هذا الإنجاز من قبل .
هيا بنا نقتفى الأثر :
بدأ وعى النبى صلى الله عليه وسلم بقضية " القدس " فى رحلة الإسراء و المعراج ، وكان النبى صلى الله عليه وسلم يعانى فى هذا الوقت تضييقا شديدا على دعوته ، وإيذاءً امتد لشخصه الكربيم حتى حوصر ومن يناصره فى شعب أبى طالب حتى اضطروا إلى أكل أوراق الشجر ، ثم ماتت زوجته المخلصة السيدة خديجة ، وعمه أبو طالب ، وخرج إلى الطائف يبحث عمّن ينصر دعوته ، فعاد صلى الله عليه وسلم بمزيد من اللآلام .
كانت هذه الظروف الداخلية فى مجتمع النبى صلى الله عليه وسلم بمكة .
أما بيت المقدس فكان فى يد أكبر قوة غاشمة فى هذا الوقت . كان الرومان يسيطرون عليه ولم يكن هناك من العرب من يستطيع أن يرفع رأسه أمامهم ، " لاحظ التشابه بين هذه الظروف وبين ما يشعر به المسلم الآن " .
فى هذه الظروف كانت رحلة الإسراء و المعراج . تمكن النبى صلى الله عليه وسلم من دخول بيت المقدس و الصلاة فيه إماما بالمرسلين ، ثم صعد إلى السماء ليرى فيها من آيات ربه الكبرى .
إنك لن تستطيع أخى المسلم أن تقوم بمثل هذه الرحلة ، لكنك بلا شك تستطيع أن تشاهد كل هذه المشاهد مع النبى صلى الله عليه وسلم ليزداد يقينك بالحق الذى معك ، وثقتك فى نصر الله عز وجل الذى حمل النبى صلى الله عليه وسلم فى هذه الظروف الحالكة ، وحملنا معه إلى هذه الآفاق الوضيئة ، وكان أمر النبى صلى الله عليه وسلم بأن تكون قبلته فى الصلاة إلى بيت المقدس إشارة إلى ربط وجدان المسلمين بهذا المكان الطاهر المبارك .
ومع أن النبى صلى الله عليه وسلم جعل تأمين الدعوة وإقامة الدولة على قمة الأولويات بعد عودته من هذه الرحلة ،فكانت الهجرة المباركة لإقامة الدولة ، إلا أنه صلى الله عليه وسلم كان يغرس فى أصحابه مكانة بيت القدس ، وعندما عقد صلح الحديبية وحدثت هدنة مع قريش سارع بإرسال رسالة إلى هرقل عظيم الروم يدعوه إلى الإسلام .
إن أول مكان هفت إليه أفئدة المسلمين و تطلعت إليه أبصارهم خارج الجزيرة العربية كان بيت المقدس ؛ لقد سير النبى صلى الله عتليه وسلم غزوة "مؤتة"صوب بيت المقدس ، ثم شارك بنفسه فى غزوة "تبوك"، ثم جهز سرية " أسامة بن زيد " قبل وفاته صلى الله عليه وسلم فى نفس الاتجاه .
كانت هذه الغزوات الثلاث فى مواجهة الرومان ، وهم حينئذ إمبراطورية هائلة جبارة لها جيوش جرارة .
فهل كانت هذه الغزوات سلسلة من المغامرات غير المحسوبة ؟
لماذا لم يوجهوا هذه الحروب باتجاه الفرس ؟
لاسيما أن رد كسرى على رسالة النبى صلى الله عليه وسلم كان فظاً ؛ فقد مزق كتاب النبى صلى الله عليه وسلم و أرسل إلى أحد عماله يأمر أن يأتيه بالنبى صلى الله عليه وسلم .
بينما كان رد هرقل على كتاب النبى صلى الله عليه وسلم ردا مهذبا رقيقا ، و أنه أرسل بعض الهدايا للنبى صلى الله عليه وسلم . إن هذا يؤكد مكانة القدس الشريف فى عقيدة المسلمين .
تشخيص الدواء :
الذى يتابع تفاعل الأمة مع قضية فلسطين يلمح تقصيرا شديدا فى الجانب التنفيذى . هذا التقصير ناتج بلا شك عن الاضطراب الذى يسود الساحة الإسلامية فى قاعدتها الفكرية فيما يخص هذه الالقية نتيجة التشويه المستمر للحقائق واختزال القية إلى قضية إقليمية " مشكلة الشرق الأوسط " ، أو قضية عربية " الصراع العربى الإسرائيلى " ، أو مشكلة وطنية " مشكلة فلسطين " ، كل هذه التسميات تهدف إلى إخرج الإسلام من المعركة .
ثوابت على طريق الفهم الصحيح :
هذه الثوابت تمثل الإطار المعرفى الصحيح و القواعد الثابتة التى يجب أن تنطلق منها حركة الأمة فى تفاعلها مع هذه القضية .
هذه الثوابت لابد أن تكون واضحة فى ذهن كل مسلم ؛ ليتفاعل بشكل سليم ، وليتحرك منسجما مع مجموع الأمة لنصرة فلسطين .
وسيتم عرض هذه الثوابت فيما بعد بإذن الله.
قبسات من أنوار وأقلام العلماء والكتاب قبسات أون لاين حيث الإعلام الهادف قبسات أون لاين
5:45 ص
مقالات متنوعة فلسطين
.