- د. دراج: جهاز فاسد ولا بد من حله فورًا ومحاكمة القائمين عليه
- الشيخ: تسريح العاملين فيه ومحاكمتهم وإبعادهم عن الشرطة
- البطران: لا بد من القضاء على النسخة الثانية من جهاز النظام
- محفوظ: تفكيكه ضرورة ونقل كل اختصاصاته للصفة القضائية
تحقيق: أحمد الجندي والزهراء عامر
تمكَّن جهاز أمن الدولة خلال فترة حكم النظام البائد في صناعة كرنفال من القمع وتعذيب المواطنين، وفشل بجدارة، وامتياز في حماية الوطن من تتبع عمليات العنف ومنعها، وقد تمدد ذلك الجهاز بشكلٍ كبيرٍ بفضل الصلاحيات الممنوحة له، ليس في المؤسسات الحكومية والجامعات والمؤسسات الصحفية والإعلامية القومية فقط، بل تغلغل في القطاع الخاص والمؤسسات التي تدعي بأنها مستقلة، ليكرس لحكم الفرد الواحد ويقصي ويمنع ويقمع ويعتقل كل مَن كان له فكر أو رأي مخالف لفكر هذا الفرعون الذي تحوَّل بسبب هذا الجهاز إلى "إله" إن جاز التعبير، وهو ما أدَّى انتشار الفساد في كل مؤسسات الدولة قاطبة.
ليس هذا فحسب بل شكل جهاز أمن الدولة شبحًا مرعبًا ومخيفًا لكل المواطنين، بسبب أساليبه اللا إنسانية واللا أخلاقية في تعذيب المواطنين بلا ذنب، أو جريرة فقط لمجرد الاشتباه، فيستخدم معهم الاعتقال والصعق والضرب والتعليق وألوان التعذيب الجسدي والنفسي الممنهج، متجاوزًا بذلك ما كان يحدث في محاكم التفتيش في القرون الوسطى غير مراعٍ لأي حرمات.
ولعب الجهاز دور الجاسوس لصالح النظام، الذي يقوم بالتتبع والمراقبة لكل معارضيه بل ومؤيديه حتى يضمن بقاءه في الحكم أطول فترة ممكنة، فكان المناخ الذي صنعه هذا الجهاز من أهم دوافع قيام الثورة المصرية للتخلص منه ومن نظامه.
الإلغاء
د. محمود السقا |
في البداية يقول الدكتور محمود السقا أستاذ القانون جامعة القاهرة: إن الحل الأمثل للتعامل مع جهاز مباحث الدولة هو إلغاء هذا الجهاز نهائيًّا، وتسريح أفراده لأن وجود هذا الجهاز يتعارض مع صحيح القانون ظن، ويعتمد على القمع والبطش والاعتقال دون أمر قانوني.
ويضيف أن هذا الجهاز وجد ليكرس الحكم العسكري والاستبدادي للبلاد ويتعارض مع كافة مقومات الدولة المدنية التي تسعى الثورة المصرية لتكوينها وتثبيت أركانها وتقوية دعائمها، فهو ضد الشريعة والقانون، مؤكدًا أهمية أن تعود كل الأمور في نصابها وتعود كل من السلطة التشريعية والقضائية والتنفيذية إلى القيام بدورها المنوط بها في سن القوانين السليمة، وتنفيذ هذا القانون.
ويوضح أن طبيعة مصر كدولة زراعية تجعل المجتمع مسلمًا، يختلف عن البيئات الصحراوية الأخرى فهي بلد الأمن والأمان، والإنسان المصري غير عدواني بطبيعته، لذا فلا داعي لوجود هذا الجهاز الذي لم يكن يومًا يدافع عن أمن مصر أو الدولة كما يدعون وإنما كان مدافعًا عن النظام فقط متمثلاً في شخص الرئيس وأعوانه.
ويرى أن وزير الداخلية لا بد أن يكون من خارج وزارة الداخلية، وقطاع الشرطة لأن هذا القطاع تربَّى على الظلم والقمع منذ لحظة دخولهم كليات ومعاهد الشرطة، مشيرًا إلى أن هذا تسبب في أن أكثر من 90% من القضايا المنظورة أمام محاكم الجنايات مزيفة وملفقة، ويقترح أن يكون وزير الداخلية رجل قضائي، وقانوني يعرف القانون والعدل ويسعى لتطبيقه.
الحل هو الحل
د. أحمد دراج |
ويتفق الدكتور أحمد دراج عضو الجمعية الوطنية للتغيير وجبهة دعم الثورة المصرية مع الكلام السابق قائلاً: إن جهاز أمن الدولة جهاز فاسد ولا بد من حله فورًا والتحقيق مع القائمين عليه والعاملين فيه، ومحاكمتهم على جرائمهم ليس في حق الأشخاص فقط ولكن في حق مصر كلها، مشيرًا إلى أن تغول هذا الجهاز في مؤسسات الدولة أفسدها، وجعلها تدور في فلك واحد، وهو خدمة الرئيس المخلوع، وأسرته وحوارييه المحيطين به من المنتفعين ورجال الحزب الوطني.
ويؤكد أن الأولى للشرفاء من المنتسبين لهذا الجهاز- وهو أمر مستبعد أن يكون من بينهم شرفاء- أن يتقاعدوا أو يحولوا إلى أعمال إشرافية وخدمية متجردين من أي سلطات.
ويوضح أن تدخلات جهاز أمن الدولة أفسدت الحياة في مصر، وخلقت جوًّا من الرعب والخوف بين المواطنين بسبب سياسته القمعية، وسلطاته المطلقة التي جعلته يعتقل ويعذب ويقمع ويزور ويمنع التعيينات ويتدخل في كل صغيرة وكبيرة ويمارس أبشع الأدوار التي لم يصل إليها القلم السياسي في عهد الملك.
التسريح
المستشار مرسي الشيخ |
ويؤكد المستشار مرسي الشيخ رئيس مركز العدالة الإنسانية أن جهاز أمن الدولة يجب إلغاؤه تمامًا من وزارة الداخلية، واقتصار عمل الوزارة على تأمين الشعب والبلاد من الداخل، مشيرًا إلى أن وجوده غير قانوني ولم يحقق أي هدف نافع لمصر ولم يحافظ على أمن الدولة، ولكنه كان مكرسًا لحماية الحاكم وأمنه.
ويضيف أن هذا الجهاز فاسد ومفسد ومتورط في جرائم تعذيب وقمع وتزوير للانتخابات ومطاردة للسياسيين، وتنصت على المكالمات وإرهاب الشعب، فعدم وجوده أفضل لأنه أفسد عمل الشرطة، وأبعدها عن دورها المنوطة به من تأمين الشعب وحمايته.
ويرى أن أفراد هذا الجهاز لا بد من تسريحهم وإبعادهم عن الشرطة لأنهم ملوثون بدماء معذبيهم، ولا يصلحون لأي عملٍ أمني بسبب تكوينهم الفكري الذي تربى على عقلية الطوارئ، مؤكدًا أن محكمة هؤلاء المجرمين على جرائم التعذيب، والاعتقال والتحريض على قتل المواطنين وسفك دمائهم، لا بد أن تأتي في المقام الأول بعد حل الجهاز، وبعدها يحول غير المدانين إلى أعمال مدنية.
ويرفض أي اقتراح بوجود جهاز مباحث أمن الدولة تحت أي مسمى آخر، أو طبيعة عمل أخرى كاقتراح وزارة الداخلية بتحويله لجهة جمع معلومات، مؤكدًا أن العاملين في هذا الجهاز سيقومون بالتزوير والتلفيق وتزييف المعلومات لأن التزييف، والتزوير والغش والضلال جزء من تكوينهم وتركيبتهم الفكرية.
الجهاز الجاسوس
ويؤكد محمود محفوظ "مقدم شرطة سابق أنه لا مفر من إلغاء جهاز مباحث أمن الدولة الحالي ونقل كل اختصاصاته الجنائية والسياسية على مستوى الجمهورية إلى الصفة القضائية العامة، فضلاً عن إنشاء جهاز جديد يشبه جهاز الفيدرالية في الولايات المتحدة.
ويعرف الجريمة السياسية بأنها استخدام العنف لتحقيق أغراض سياسية، وهذا هو النطاق الضيق لعمل أجهزة الأمن السياسي، موضحًا أنه عندما يمتد الأمن السياسي إلى رقابة التجمعات العمالية والطلابية والجماعية ومراقبة الناشطين السياسيين ومنظمات المجمع المدني، فهي إذن تخرج عن نطاق الأمن السياسي، وتدخل في أمن النظام.
ويشبه جهاز أمن الدولة بالجاسوس الذي يمثل الوجه القبيح للنظام بتحميله كل الأنشطة التي تخرج عن نطاق عمله.
ويرى أن الثورة أجبرت الجهاز أن يتوارى عن الساحة لفترة مرحلية، ولكن كل مؤسسات الجهاز ما زالت قائمة ومصادره ما زالت منتشرةً في كل مؤسسات الدولة، مشددًا على ضرورة تفكيك هذه المصادر حتى تفقد ارتباطها بهذه المؤسسات؛ لأنها تشكل خطورةً على الوضع الأمني الحالي للبلد، موضحًا أن وجود الجهاز على وضعه الحالي يعتبر أحد العناصر التي تمنع التطور الديمقراطي.
وضع آلية محددة
ويرى حمدي البطران لواء شرطة سابق أن الوضع الحالي للبلد أثبت أن جهاز أمن الدولة في حالة تقصير شديدة، وأنه لا يتنبأ بالأحداث، وبالتالي لا مبررًا من وجوده، مقترحًا أن تستعين الدولة بمن يعمل في هذا الجهاز في العمل في أجهزة أخرى في الداخلية على أن لا يتعامل هؤلاء في الشئون الخاصة بالمواطنين.
ويوضح أن الكلام عن حل الجهاز لا بد أن يتم من خلال آلية يضعها رجال الشرطة السابقون الذين لهم تجربة مع هذا الجهاز، وأن يفكروا بصوت مرتفع عن مستقبل هذا الجهاز، مشيرًا إلى أن إلغاء هذا الجهاز دون وضع آلية لاستغلال مؤسساته يعتبر إهدارًا للمال العام.
ويشدد على ضرورة القضاء على الفصل الثاني لأمن الدولة وأجنحة أمن الدولة التي تحرك الناس ضد الثورة وهم بقايا الحزب الوطني الذين يجتمعون باستمرار لعمل ثورة مضادة، والمحافظين الذين تسببوا في مشكلات للمواطنين، مطالبًا المواطنين بتقديم البلاغات لجهات التحقيق ضد هذا الجهاز، خاصةً أن كل شيء الآن موضع تحقيق.
ويضيف أنه لا بد أن يتم تقويم هذا الجهاز، وأن نُفكِّر تفكيرًا سليمًا بعيدًا عن الغوغاء والانفعالية، ونُفكِّر في استغلال هذا الجهاز دون الإضرار بالجماهير، وتدخله في مصالح الناس، فهذا الجهاز كان له إيجابيات ولكن سلبياته الكثيرة طغت على هذه الإيجابيات.
قبسات من أنوار وأقلام العلماء والكتاب قبسات أون لاين حيث الإعلام الهادف قبسات أون لاين
1:32 م
مقالات متنوعة
.