ما حكم تارك الصلاة؟
خالد عبد المنعم الرفاعي
كثير من الناس اليوم يتهاون بالصلاة، وبعضهم يتركها بالكلية، فما حكم هؤلاء، وما الواجب على المسلم تجاههم، وبالأخص أقاربه من والد وولد وزوجة، ونحو ذلك؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعـد:فقد دلت الأدلة من الكتاب والسنة وإجماع السلف من الصحابة والتابعين على كفر من ترك الصلاة تكاسلاً، أو تشاغلاً عنها
أما الأدلة من القرآن؛ فمنها قوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة:11]
فإن الله تعالى علق ترك القتال وعلق الأخوة الإيمانية على التوبة من الشرك، بالدخول في الإسلام وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وقد استثني مانع الزكاة من تكفير تاركها بحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته؛ إلا أحمي عليه في نار جهنم، ثم يرى سبيله، إما إلى الجنة، وإما إلى النار"، ولو كان كافراً لم يكن له إلا سبيل واحد.
أما أدلة السنة: فمنها ما (رواه الجماعة) إلا البخاري والنسائي، عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة"، وما (رواه أحمد) من حديث أم أيمن مرفوعاً: "من ترك الصلاة متعمداً، برئت منه ذمة الله ورسوله".
ومنها ما (رواه أصحاب السنن)، و(ابن حبان في صحيحه)، و(الحاكم)، من حديث بريدة بن الحصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة؛ فمن تركها فقد كفر" وقال الترمذي: حسن صحيح، ومنها ما (رواه أحمد وغيره) عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد"، قال ابن تيمية في (شرح العمدة): "ومتى وقع عمود الفسطاط وقع جميعه، ولم ينتفع به"، أي: عندما يسقط عمود الخيمة تسقط الخيمة كلها.
ومنها ما (رواه البخاري) عن بريدة قال: قال صلى الله عليه وسلم: "من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله"، وحبوط العمل لا يكون إلا بالكفر الأكبر، المخرج من الملة؛ قال الله تعالى:{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر:65].
ومنه ما (رواه أحمد والدارمي والبيهقي) في الشعب، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الصلاة يوماً فقال: "من حافظ عليها، كانت له نوراً وبرهاناً ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها، لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف".
وأما المنقول عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ((لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة))، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "من ترك الصلاة، فقد كفر" (رواه المروزي) في (تعظيم قدر الصلاة)، و(المنذري) في (الترغيب والترهيب)، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "من لم يصلِّ، فهو كافر" (رواه ابن عبد البر) في (التمهيد)، و(المنذري) في (الترغيب والترهيب).
قال الإمام أبو محمد بن حزم في (الفصل): "روينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومعاذ بن جبل، وابن مسعود، وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم وعن ابن المبارك، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه رحمة الله عليهم وعن تمام سبعة عشر رجلاً من الصحابة، والتابعين رضي الله عنهم "أن من ترك صلاة فرض عامداً ذاكراً حتى يخرج وقتها، فإنه كافر ومرتد".
وبهذا يقول عبد الله بن الماجشون صاحب مالك، وبه يقول عبد الملك بن حبيب الأندلسي وغيره".اهـ ونقله عنهم كذلك الآجري في (الشريعة)، وابن عبد البر في (التمهيد)، أما الإجماع فحكاه غير واحد من السلف: قال عبد الله بن شقيق قال: ((كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر، إلا الصلاة)) (رواه الترمذي)، وقال الإمام محمد بن نصر المروزي: سمعت إسحاق يقول: "صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة كافر، وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة عمداً من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر".
وحكى الإجماع شيخ الإسلام ابن تيمية في (شرح العمدة): وحكاه أيضا العلامة ابن باز، وقال محمد بن نصر المروزي: "هو قول جمهور أهل الحديث"، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى): "والمنقول عن أكثر السلف يقتضي كفره وهذا مع الإقرار بالوجوب، فأما من جحد الوجوب، فهو كافر بالاتفاق"، وقال أيضاً: "وتكفير تارك الصلاة هو المشهور المأثور عن جمهور السلف من الصحابة والتابعين".
أما الواجب على المسلم تجاه تارك الصلاة من أقارب وإخوان وغيرهم فهو النصح والدعوة إلى الحق، وإعلامهم أنه يجب عليهم التوبة إلى الله توبة صادقة، مع الندم والإكثار من فعل النوافل والطاعات، والاستقامة على أمر الله، وبيان أن الصلاة أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر" (رواه أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه)، ويجب على المسلم تجاه تارك الصلاة أيضاً تحذيره من تركها، وبيان أن تاركها من الكفار وأنهم تاركي الصلاة لو ماتوا على هذا -لا قدر الله ذلك- فمصيرهم إلى جهنم خالدين فيها أبداً لا يخرجون منها بشفاعة الشافعين، ولا برحمة أرحم الراحمين؛ وذلك لأن من يخرج من هذه الأمة من النار بالشفاعة؛ يعرف بعلامات السجود كما ثبت في الصحيحين وغيرهما، ورحمة الله تعالى لا تدرك إلا الموحدين، وكذلك لا يصلى عليهم ولا يدفنون في مقابر المسلمين كما حققه العلامة العثيمين وإن أمكن إعطاؤهم بعض الكتيبات أو الأشرطة التي فيها بيان حكم تارك الصلاة، ككتاب: (حكم تارك الصلاة) للعلامة "محمد بن صالح العثيمين"، أو جمعهم ببعض أهل العلم إن أمكن لأنه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يهجرون ما دمنا نرجو منهم التوبة والأوبة، فإذا غلب على الظن أن الهجر سيكون سبباً في معاودتهم للصلاة، وجب علينا هجرهم وتركهم لعلهم يرجعون.
أما نصح الوالدين فيتعين فيه الرفق والشفقة الزائدة مع أتباع خطوات ملازمة للنصيحة من البر والطاعة والإحسان ليكون النصح أوقع في النفس، واستغلال المواقف والأوقات التي يكون أدعى فيها للاستجابة للنصح، والاستعانة بمن يُرْجَى أن يكون نصحه مؤثراً عليهما، كأصدقاء الوالد، أو إمام المسجد، أو داعية حسن الأسلوب والمنطق -مع تجنب الإحراج، وجرح المشاعر، والأساليب الاستفزازية- ثم الدعاء لهما بصدق وإخلاص، ورغبة فيمن يرجى منه الخلاص وهو الله عز وجل.
أما الزوجة: فيجب تجاهها من النصح مثل ما سبق بيانه مع إلزامها بالصلاة، فإن استقامت وصَلَّتْ، فذلك خير، وإن أَبَت، فلا يجوز إبقاؤها زوجة لكَ، لعموم قوله تعالى: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة:10]، كما يجب رفع أمرها إلى المحاكم الشرعية -إن وجدت- لإيقاع العقاب الرادع عليها، حيث لا يجوز التهاون معها بخصوص الصلاة، فمن ضيع الصلاة، فهو لما سواها أضيع، وحتى على القول بأن تارك الصلاة كسلاً لا يخرج من الملة؛ فلا أقل من أن يحكم عليها بأنها ناشز، ومخالفة لزوجها الذي يأمرها بالصلاة؛ فتستحق التأديب على ذلك حتى تصلي؛ قال تعالى: {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً} [النساء:34].
أما من يؤخرها من وقتها المشروع ولا يتركها بالكلية فهو متوعد بالعذاب الأليم ولكن لا يكفر قال الله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً}[مريم:59] قال شيخ الإسلام: "...تارك المحافظة لا يكفر، فإذا صلاها بعد الوقت لم يكفر، ولهذا جاءت في (الأمراء) الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، قيل: يا رسول الله ألا نقاتلهم؟ قال: ((لا، ما صلوا))، وكذلك لما سُئِل ابن مسعود عن قوله تعالى: {أَضَاعُوا الصَّلاَةَ}؛ قال: هو تأخيرها عن وقتها فقيل له كنا نظن ذلك تركها، فقال: لو تركوها كانوا كفارا". والله أعلم.
كثير من الناس اليوم يتهاون بالصلاة، وبعضهم يتركها بالكلية، فما حكم هؤلاء، وما الواجب على المسلم تجاههم، وبالأخص أقاربه من والد وولد وزوجة، ونحو ذلك؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعـد:فقد دلت الأدلة من الكتاب والسنة وإجماع السلف من الصحابة والتابعين على كفر من ترك الصلاة تكاسلاً، أو تشاغلاً عنها
أما الأدلة من القرآن؛ فمنها قوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة:11]
فإن الله تعالى علق ترك القتال وعلق الأخوة الإيمانية على التوبة من الشرك، بالدخول في الإسلام وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وقد استثني مانع الزكاة من تكفير تاركها بحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته؛ إلا أحمي عليه في نار جهنم، ثم يرى سبيله، إما إلى الجنة، وإما إلى النار"، ولو كان كافراً لم يكن له إلا سبيل واحد.
أما أدلة السنة: فمنها ما (رواه الجماعة) إلا البخاري والنسائي، عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة"، وما (رواه أحمد) من حديث أم أيمن مرفوعاً: "من ترك الصلاة متعمداً، برئت منه ذمة الله ورسوله".
ومنها ما (رواه أصحاب السنن)، و(ابن حبان في صحيحه)، و(الحاكم)، من حديث بريدة بن الحصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة؛ فمن تركها فقد كفر" وقال الترمذي: حسن صحيح، ومنها ما (رواه أحمد وغيره) عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد"، قال ابن تيمية في (شرح العمدة): "ومتى وقع عمود الفسطاط وقع جميعه، ولم ينتفع به"، أي: عندما يسقط عمود الخيمة تسقط الخيمة كلها.
ومنها ما (رواه البخاري) عن بريدة قال: قال صلى الله عليه وسلم: "من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله"، وحبوط العمل لا يكون إلا بالكفر الأكبر، المخرج من الملة؛ قال الله تعالى:{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر:65].
ومنه ما (رواه أحمد والدارمي والبيهقي) في الشعب، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الصلاة يوماً فقال: "من حافظ عليها، كانت له نوراً وبرهاناً ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها، لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف".
وأما المنقول عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ((لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة))، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "من ترك الصلاة، فقد كفر" (رواه المروزي) في (تعظيم قدر الصلاة)، و(المنذري) في (الترغيب والترهيب)، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "من لم يصلِّ، فهو كافر" (رواه ابن عبد البر) في (التمهيد)، و(المنذري) في (الترغيب والترهيب).
قال الإمام أبو محمد بن حزم في (الفصل): "روينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومعاذ بن جبل، وابن مسعود، وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم وعن ابن المبارك، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه رحمة الله عليهم وعن تمام سبعة عشر رجلاً من الصحابة، والتابعين رضي الله عنهم "أن من ترك صلاة فرض عامداً ذاكراً حتى يخرج وقتها، فإنه كافر ومرتد".
وبهذا يقول عبد الله بن الماجشون صاحب مالك، وبه يقول عبد الملك بن حبيب الأندلسي وغيره".اهـ ونقله عنهم كذلك الآجري في (الشريعة)، وابن عبد البر في (التمهيد)، أما الإجماع فحكاه غير واحد من السلف: قال عبد الله بن شقيق قال: ((كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر، إلا الصلاة)) (رواه الترمذي)، وقال الإمام محمد بن نصر المروزي: سمعت إسحاق يقول: "صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة كافر، وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة عمداً من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر".
وحكى الإجماع شيخ الإسلام ابن تيمية في (شرح العمدة): وحكاه أيضا العلامة ابن باز، وقال محمد بن نصر المروزي: "هو قول جمهور أهل الحديث"، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى): "والمنقول عن أكثر السلف يقتضي كفره وهذا مع الإقرار بالوجوب، فأما من جحد الوجوب، فهو كافر بالاتفاق"، وقال أيضاً: "وتكفير تارك الصلاة هو المشهور المأثور عن جمهور السلف من الصحابة والتابعين".
أما الواجب على المسلم تجاه تارك الصلاة من أقارب وإخوان وغيرهم فهو النصح والدعوة إلى الحق، وإعلامهم أنه يجب عليهم التوبة إلى الله توبة صادقة، مع الندم والإكثار من فعل النوافل والطاعات، والاستقامة على أمر الله، وبيان أن الصلاة أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر" (رواه أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه)، ويجب على المسلم تجاه تارك الصلاة أيضاً تحذيره من تركها، وبيان أن تاركها من الكفار وأنهم تاركي الصلاة لو ماتوا على هذا -لا قدر الله ذلك- فمصيرهم إلى جهنم خالدين فيها أبداً لا يخرجون منها بشفاعة الشافعين، ولا برحمة أرحم الراحمين؛ وذلك لأن من يخرج من هذه الأمة من النار بالشفاعة؛ يعرف بعلامات السجود كما ثبت في الصحيحين وغيرهما، ورحمة الله تعالى لا تدرك إلا الموحدين، وكذلك لا يصلى عليهم ولا يدفنون في مقابر المسلمين كما حققه العلامة العثيمين وإن أمكن إعطاؤهم بعض الكتيبات أو الأشرطة التي فيها بيان حكم تارك الصلاة، ككتاب: (حكم تارك الصلاة) للعلامة "محمد بن صالح العثيمين"، أو جمعهم ببعض أهل العلم إن أمكن لأنه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يهجرون ما دمنا نرجو منهم التوبة والأوبة، فإذا غلب على الظن أن الهجر سيكون سبباً في معاودتهم للصلاة، وجب علينا هجرهم وتركهم لعلهم يرجعون.
أما نصح الوالدين فيتعين فيه الرفق والشفقة الزائدة مع أتباع خطوات ملازمة للنصيحة من البر والطاعة والإحسان ليكون النصح أوقع في النفس، واستغلال المواقف والأوقات التي يكون أدعى فيها للاستجابة للنصح، والاستعانة بمن يُرْجَى أن يكون نصحه مؤثراً عليهما، كأصدقاء الوالد، أو إمام المسجد، أو داعية حسن الأسلوب والمنطق -مع تجنب الإحراج، وجرح المشاعر، والأساليب الاستفزازية- ثم الدعاء لهما بصدق وإخلاص، ورغبة فيمن يرجى منه الخلاص وهو الله عز وجل.
أما الزوجة: فيجب تجاهها من النصح مثل ما سبق بيانه مع إلزامها بالصلاة، فإن استقامت وصَلَّتْ، فذلك خير، وإن أَبَت، فلا يجوز إبقاؤها زوجة لكَ، لعموم قوله تعالى: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة:10]، كما يجب رفع أمرها إلى المحاكم الشرعية -إن وجدت- لإيقاع العقاب الرادع عليها، حيث لا يجوز التهاون معها بخصوص الصلاة، فمن ضيع الصلاة، فهو لما سواها أضيع، وحتى على القول بأن تارك الصلاة كسلاً لا يخرج من الملة؛ فلا أقل من أن يحكم عليها بأنها ناشز، ومخالفة لزوجها الذي يأمرها بالصلاة؛ فتستحق التأديب على ذلك حتى تصلي؛ قال تعالى: {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً} [النساء:34].
أما من يؤخرها من وقتها المشروع ولا يتركها بالكلية فهو متوعد بالعذاب الأليم ولكن لا يكفر قال الله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً}[مريم:59] قال شيخ الإسلام: "...تارك المحافظة لا يكفر، فإذا صلاها بعد الوقت لم يكفر، ولهذا جاءت في (الأمراء) الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، قيل: يا رسول الله ألا نقاتلهم؟ قال: ((لا، ما صلوا))، وكذلك لما سُئِل ابن مسعود عن قوله تعالى: {أَضَاعُوا الصَّلاَةَ}؛ قال: هو تأخيرها عن وقتها فقيل له كنا نظن ذلك تركها، فقال: لو تركوها كانوا كفارا". والله أعلم.
قبسات من أنوار وأقلام العلماء والكتاب قبسات أون لاين حيث الإعلام الهادف قبسات أون لاين
9:03 ص
فتاوى
.