--------------------------------------------------------------------

المشاركات الشائعة

زوار المدونة

أحدث التعليقات

المتابعون

إحصائية المدونة

تعلقات القراء

إقرأ أيضا

|

تدمير الصناعة كان المهمة الأساسية لنظام مبارك


مجدي حسين - بتاريخ: 2010-07-14
الصناعة هى الحل, شعار عام يصلح لكل اقتصاديات الدنيا, ولكنه ضرورى بشكل خاص للدول الكبرى, والدول المحورية المتوسطة القوة كمصر, الصناعة شعار الاقتصاد منذ القرن التاسع عشر ثم العشرين، والدول التى لم تدخل الصناعة فهى على هامش التاريخ أو خارجه، وأخيرا دخل العالم مرحلة ما بعد الصناعة، والمقصود الصناعة الفائقة التكنولوجيا فى إشارة للإنتاج الذى يعتمد على الروبوت (الإنسان الآلى) وفى إشارة للصناعة الإلكترونية. والمقصود بدخول عالم الصناعة أن تنتج وتصنع بنفسك، ولا تكون مجرد مستهلك لصناعة الآخرين، وربما لن تنتج كل شىء، ولكن تتخصص فى بعض المجالات وتبرع فيها، وتعطى أولوية لإنتاج السلع الضرورية. ثم تتبادل المنتجات مع الدول الأخرى.
من الأمر المثير للعجب أن تسمع رئيس الوزراء (نظيف) يتحدث فى حديث تلفزيونى عن إنجازات حكومته، فيتحدث عن انتشار الكمبيوتر والإنترنت فى مصر، وأن هناك 17 مليون مستخدم للإنترنت، بل هو أمر مثير للسخرية والضحك، كالقول بأن هناك تلفزيون وراديو فى كل بيت، فهذا مجرد استهلاك تقبل عليه كل شعوب العالم (المنتجة والمستهلكة) ولا يعكس أى تقدم اقتصادى أو حضارى، فالإنترنت منتشر الآن فى أعماق الغابات الأفريقية، ومستخدمو الإنترنت يعدون بالمليارات الآن. والسؤال الذى يجب أن يطرحه نظيف على نفسه: ما علاقة مصر بالصناعة الإلكترونية، التى تشعبت وأصبحت بها تخصصات كثيرة، وكل اقتصاد ناهض يبحث له عن قطعة أكبر فى هذه الكعكة. إن علاقة مصر بالصناعة الإلكترونية قريبة جدا من الصفر، ومعظمها عمليات تركيب لأجهزة التلفزيون.
إذن لا توجد دولة محترمة (كبيرة أو متوسطة) يمكن أن تنهض اقتصاديا بعيدا عن الصناعة. وعندما نضطر لهذا القول البديهى فهو يوضح إلى أى درك أسفل أخذنا هذا النظام.
وهناك بلاد صغيرة الحجم والدور, وبعيدة عن الصراعات الإقليمية والدولية, يمكن أن تعيش على القطاع الزراعى، شريطة أن تبرع فيه، وتحقق نجاحات كبرى فى التصدير، وهذا ليس عيبا. وتجربة "بوتسوانا" التى أشرنا إليها فى رسالة سابقة، اعتمدت على قطاع اللحوم كقطاع قائد للاقتصاد, وهذا أمر لا بأس به، وقد تعتمد إحدى جزر المحيط الهادى على القطاع السياحى أو صيد الأسماك.. إلخ.
ولكن دولة بحجم ووزن مصر لا يمكن فى أوائل القرن الواحد والعشرين، أن تكون خارج عالم الصناعة وما بعد الصناعة لأن امتلاك زمام الاقتصاد (والصناعة هى قلب الاقتصاد) ضرورى لترسيخ قوة بلد يعيش فى عين العواصف الإقليمية والدولية.
وهو مهيئ بطبيعته لدور قائد فى منطقته على الأقل، ولديه تكتل سكانى كبير، ووجود سوق طبيعى كبير (85 مليون) هو أهم مرتكز للنمو الصناعى، لأنه سوق كبير مضمون لتصريف المنتجات، ودراسات التجارب التنموية فى الهند والصين والبرازيل تؤكد أن السوق المحلى كان أهم دافع للنمو الصناعى ولا يقل عن التصدير، وهذا من أهم أسباب استيعاب هذه الاقتصادات لصدمة الأزمة الاقتصادية الغربية الأخيرة. ولكن لدينا حكومة ترى أن زيادة عدد السكان كارثة، وسبب كل المشاكل، بل يفسرون بها فشلهم وخيبتهم فى التنمية الاقتصادية. باختصار شديد فإن أزمتنا الاقتصادية تعود بالأساس إلى أن النظام قد أدار ظهره للقطاعات الإنتاجية وعلى رأسها الصناعة، واعتمد على إيرادات قطاعات غير إنتاجية: دخل القناة - تحويلات المصريين فى الخارج - السياحة - تصدير البترول والغاز، بل لقد كانت مهمة نظام مبارك على مدار عقود هى تدمير الصناعة المصرية التى نشأت فى الحقبة الناصرية كامتداد للنهضة الصناعية قبل 1952 التى قادها فى البداية طلعت حرب. وما يتحدث به المسئولون أحيانا عن افتتاح مئات من المصانع الجديدة، محاولة يائسة لإخفاء جريمتهم الكبرى فى تدمير الصناعة المصرية. فالمسألة ليست بالعدد، فسياسة الخصخصة أدت إلى تدمير القلاع الصناعية الأساسية فى البلاد كمنطقة حلوان. أما المصانع الجديدة فما هى إلا مصانع لتركيب وتجميع منتجات أجنبية، دون أن يضيف ذلك أى خبرة حقيقية للاقتصاد الوطنى، كمصانع السيارات التى تجمع مكوناتها فى مصر تفاديا للضرائب الجمركية! وحتى مصانع المنتجات الغذائية والاستهلاكية: كمعجون الأسنان - الصابون - الحلويات, ما هى إلا توكيلات لشركات أجنبية، حيث يأتى المكون الأساسى للسلطة من الشركة الأم essence وتتم العملية النهائية على أرض مصر للهروب من الجمارك، والاستفادة من رخص العمالة، وأيضا لتوفير مصاريف النقل، حيث تكون هذه المصانع قريبة أو داخل السوق المصرى. عندما أنشأت شركة الحديد والصلب منذ أكثر من نصف قرن فى مصر كان ذلك فتحا كبيرا، ولكن شريطة أن يستخدم إنتاج الشركة فى تصنيع السيارات والآلات، أو ما يسمى الصناعة الثقيلة، ولكن رشيد وزير الصناعة الحالى يعتبر الأسمدة والأسمنت والزجاج وحديد التسليح، صناعة ثقيلة! وهذا هو اعتراف عضو لجنة السياسات د. سمير رضوان أن الصين وغيرها من الدول الصاعدة (يستخدمون الحديد فى صناعة سيارات ومحركات وماكينات التصنيع وغيرها كثير ونحن فى مصر ننتج الحديد ونبيعه أسياخا)!! ويقول الفريق حمدى هيبة رئيس الهيئة العربية للتصنيع أن (بعض المنتجات لم تشهد تغيرا أو تطورا منذ نحو ربع قرن. الأمر الذى يثير الأسى والحزن).
إن حاكم البلاد تعامل مع السياحة باعتبارها القطاع القائد للاقتصاد المصرى, وهذه مهزلة بكل المعايير الاقتصادية، لأن حتى البلاد التى تفوقت علينا فى مجال السياحة كأسبانيا وإيطاليا وتركيا، فإنها تعتمد أساسا على قطاعاتها الصناعية. وعندما كنت فى جولة مع مبارك لمنطقة توشكى انتهت الجولة بزيارة معبد أبى سنبل، حيث وقف مبارك كالعادة لأخذ صور فوتوغرافية مع السياح, وهذا ما لا يفعله حكام تركيا الذين تحقق بلادهم من السياحة 30 مليار دولار سنويا, وهو ما يمثل نصف دخل الدولة المصرية من كل القطاعات!! ورغم كل هذا الاهتمام الرئاسى بالسياحة والسائحين فإن الدكتور سمير رضوان يقول أيضا: (إن الخدمة الفندقية فى مصر تصنف على أنها من أسوأ المستويات بين دول العالم)!

قبسات من أنوار وأقلام العلماء والكتاب قبسات أون لاين حيث الإعلام الهادف قبسات أون لاين 5:12 م .

0 التعليقات "تدمير الصناعة كان المهمة الأساسية لنظام مبارك"

شاركنا برأيك ولا تحرمنا من قلمك

الأرشيف