دحض افتراءات عباد الصليب على نساء الأندلس السليب
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على محمد و على آله و صحبه أجمعين.
و قد لعبت المرأة المسلمة الأندلسية دورا حاسما في ثبات الناس على الإسلام و ضحّت بالغالي و النفيس حتى يستمر دين التوحيد في بلاد أضحى فريسة للصليب و لخدّامه من الرهبان و القساوسة المتعصبين ضد الأسياد الحقيقيين للأندلس.
يقول الدكتور التونسي عبد الجليل التميمي المختص في شؤون الأندلسيين :" كذلك قدمت المرأة المورسكية نموذجا فريدا و مشرفا لهذه الملحمة البطولية التي عرفها المجتمع المورسكي خلال القرن السادس عشر، حيث جسمت بادئ الأمر المقاومة اليومية لمحاكم التفتيش إذ يتوقف عليها وحدها تحضير نوعية المآكل غير المحرمة و تلقين الأبناء تعاليم الدين و المحافظة على أسرار العائلة"
فأمام فرض الكنيسة على الأندلسيين أكل الخنزير و شرب الخمر و مخالفة العادات الإسلامية أثناء المأكل و المشرب قامت المرأة الأندلسية بمخالفة أوامر الكنيسة و التحرز أثناء الطبخ من كل ما قد تكون فيه شبهة الخنزير و الخمر خصوصا وأنها مستأمنة من طرف الزوج و الأولاد. بل منهن من أكل لحم الخنزير عن غير قصد فلمّا علمن أنه خنزير أدخلن أصابعهن في أفواههن و تقيّأن. كحالة إيزابيل لا كورداIsabel
هذه المواقف الشجاعة المتواترة عن المرأة المسلمة أزعجت محاكم التفتيش الإسبانية فقد أصبحت هي مصدر ثبات الأندلسيين على الإسلام رغم سنوات من فرض التنصير عليهم. فاستعملوا ضدهن كل وسائل العنف و القهر و التعذيب و لم يتوانوا في شنقهن و إحراقهن.
و من أخبث الوسائل التي استعملها النصارى ضدهن هي ما يسمى اليوم بالحرب الإعلامية فقد أشاعوا في كتبهم التي عاصرت مأساة تنصير المسلمين بإسبانيا أن النساء المسلمات وخاصة بغرناطة كن بائعات للهوى و يغرين ذكور النصارى بجمالهن الفتّان و قد نجحوا للأسف إلى حد ما في نشر هذه الصورة عن نساء الأندلس. فتجد صورة المرأة الأندلسية بالروايات و الكتب الأدبية هي تلك المرأة التي تطل من نافدة بيتها متبرجة و عليها من مظاهر الزينة ما لا يتصوّر و هي على هذه الحالة الماجنة تستمع لغزليات عاشق. و لا حول و لا قوة إلا بالله.
و هدف موضوعي هذا هو محاولة رفع هذا الظلم عن نساء الأندلس و كفى بالرمي بالتبرج و السفور و المجون ظلما.
1-افتراءات على المرأة المسلمة
انظروا يرحمكم الله إلى مايقوله الخبيث الصليبي الإسباني مارمول كارباخال -وهو من قلائل المؤرخين الذين عاصروا محنة تنصير المسلمين بإسبانيا في القرن السادس عشر- انظروا كيف يهاجم الدين الإسلامي ونبينا محمد صلى الله عليه و سلم و كيف يحاول تشويه صورة المرأة المورسكية المسلمة. و هذه الصورة التي نقلها هي التي كانت في ذهن الإسبان قرونا عن المسلمين و لازالت مستمرة إلى اليوم، فمارمول الخبيث هذا من كبار مؤرخيهم.
يقول هذا الحاقد الصليبي و هو يصف الأندلسيين المسلمين خلال حرب البشرات (1568-1570) التي خاضوها ضد النصارى الإسبان:
"إن التفكير في الأهوال التي ارتكبها المورسكيون و قطاع الطرق في البشرات وفي مختلف بقاع مملكة غرناطة شيء يدعو إلى الحزن حقيقة. كان أول ما فعلوه هو اتخاذ أسماء و ألقاب خاصة بطائفة محمد و إعلانهم أنهم مسلمون خارجون عن العقيدة الكاثوليكية المقدسة التي كانوا يؤمنون بها هم و آباؤهم و أجدادهم. كان من المستغرب أن ترى كيف كانوا ـكبارا و صغارا ـ على دراية بتعاليم طائفة محمد اللعينة: كانوا يؤدون الصلاة لمحمد، وإليه يوجهون دعاءهم"
ثم بدأ برمي المحصنات المومنات الغافلات قائلا:
"و كانت النساء المتزوجات يكشفن صدورهن و كانت العذارى يكشفن رؤوسهن و يسدلن شعورهن على أكتافهن. كن يرقصن علنا في الشوارع و يعانقن الرجال. كان الشباب يسيرون أمامهن يجلبون لهن الهواء بالمناديل و يقولون بصوت عال إن وقت البراءة قد حان و إنهم سيذهبون إلى الجنة لأن دينهم متحرر، و كانوا يسمونه دين اللطف..."
هكذا يكون تزييف التاريخ فالمرأة المسلمة كما صورها الخبيث كانت تكشف صدرها وتعانق الرجال و ترقص في الشارع .
لكن سبحان من برّأ مريم عليها السلام و عائشة رضي الله عنها من فوق سبع سماوات و نفى عنهما افتراءات المفترين و كذب الكاذبين.
لقد حفظ لنا التاريخ دليلين قويين على براءة المرأة الأندلسية المسلمة مما افتراه مارمول فرجع كيده خائبا و هو حسير.
2- الدليل الأول على براءة المرأة الأندلسية المسلمة من التبرج و المجون.
أمام إصرار الأندلسيين على التشبث بالمظاهر الإسلامية رغم منع محاكم التفتيش لذلك، قام الملك الإسباني فيليب الثاني سنة 1567م (أي بعد 75 سنة على سقوط غرناطة و زوال دولة الإسلام) بإصدار قرار حاسم يحظر كل المظاهر الإسلامية تحت طائلة الموت. وجاء في قائمة المنع:
"- حظر اللباس المورسكي على الرجال و النساء و إلزام النساء-بالإضافة إلى ذلك- بكشف الوجه."
نعم الملك الإسباني شخصيا أصدر قرارا بكشف وجه النساء الأندلسيات و هذا يعني بكل بساطة أنهن كن لا يكشفن عن وجوههن بعد مرور 75 سنة من محاولات التنصير. فلله ذرهن من نساء طاهرات عفيفات متحجبات كامل التحجب و أين؟ في عقر دار الكافر الصليبي الإسباني الذي كان يتباهى بكونه حامي الكاثوليكية في العالم و قاهر المسلمين.
فكيف يا مارمول بنساء لا يكشفن حتى عن وجههن يقمن بكشف شعرهن و صدورهن في الشوارع و يعانقن الرجال؟
و قد حاول الأسبان تنفيذ هذا القرار لكن الأندلسيين قاموا في السنة الموالية بثورة كبرى دفاعا عن عقيدتهم و محارمهم. و استمرّت هذه الحرب 3 سنوات انتهت بهزيمة المسلمين و استفحال غطرسة محاكم التفتيش ضدهم.
3- الدليل الثاني على براءة المرأة الأندلسية المسلمة من التبرج و المجون
مباشرة بعد إصدار الملك فيليب الثاني لهذا القرار قام أحد أعيان غرناطة فرانسيسكو نونيث مولاي بمراسلة محكمة غرناطة رادا على هذا القرار و مبينا أن عادات الأندلسيين لا تخالف عادات الأسبان و أنها لا تهدد الأمن.
تقول الباحثة الإسبانية غارسيا مرثيدس أرينال عن هذه الوثيقة المهمة :
"و في عام 1567، حين لم يكن هناك مجال للتأجيل، أرسل أحد أعيان المورسكيين- و هو فرانثيسكو نونيث مولاي – إلى محكمة غرناطة مذكرة ننقل نصها (المذكرة مودعة في مكتبة مدريد الوطنية-المخطوطة رقم 6176). يضع نونيث في اعتباره أهمية القضية فيحاول تصوير هذه الخصائص على أنها مجرد عادات محلية و يسعى إلى أن يٌقبل اللباس المورسكي كما يقبل الزي الخاص بقشتالة أو أراغون، و أن تقبل اللغة العربية كما تُقبل اللغة الغاليثية أو القطالونية.
لم تحقق المذكرة أدنى درجة من النجاح، و سيكون تنفيذ هذه القرارات هو السبب الرئيسي في ثورة البشرات"
ثم بدأت الباحثة الإسبانية في سرد نص المذكرة و التي أعتذر عن عدم نقلها كاملة لطولها و ضيق الوقت لكن أكتفي بنقل الشاهد من المذكرة على أن أنقل المذكرة كاملة قريبا بإذن الله.
"يقول فرانسيسكو في مذكرته إلى محكمة غرناطة مخاطبا الملك فيليب الثاني:
" الأمر بأن تكشف النساء وجوههن، ما فائدته سوى دعوة الرجل لارتكاب المعصية إذا رأوا الجمال الذي يشتهونه؟ و لن تجد الدميمات من يتزوج بهن. إن النساء يغطين وجوههن لكي لا يعرفن، وهذا ما تفعله المسيحيات. إن هذا الفعل شرف يتجنبن به المشاكل؛ و لهذا أمر الملك الكاثوليكي بألا يكشف مسيحي وجه مورسكية تمشي في الشارع و إلا عوقب. إذا كان الأمر كذلك و لا يتعارض مع الدين فلماذا نُغضب أهل غرناطة بسبب كشف وجوه زوجاتهم؟"
أبعد هذا الدليل الذي يبرئ نساء الأندلس نصدق من يقول أنهن كن يكشفن صدورهن و يعانقن الرجال؟ سبحان الله هذا بهتان عظيم. بل كن يعتبرن كشف الوجه مصيبة تصيب المرأة في شرفها و لم يتنازلن عن هذا الشرف حتى قامت من أجله حرب البشرات سنة 1568م حيث استفرد بأهل الأندلس عباد الصليب و تفننوا في فتنتهم عن دينهم حتى جاء الفرج من الله سنة 1609م بقرار الطرد النهائي لكل المسلمين من إسبانيا فانتشروا في الأرض الإسلامية الواسعة وعادوا لمعانقة العقيدة الإسلامية الصافية الطاهرة.
فهنيئا لمارمول بهذه الجمرة الملتهبة التي تلقفها بفيه جزاء افترائه على العفيفات المحصنات الغافلات.
وحتى بعد الطرد من الأندلس فقد استمرت الأندلسيات على عفتهن و طهرهن في مكان إقامتهن. بل وكن مثالا طيبا في العفة و الحياء لنساء البلاد التي هاجروا إليها.
فمثلا زار أحد الفرنسيين مدينة فاس سنة 1900م – وفاس هي أحد معاقل الأندلسيين بالمغرب- و كعادة المغاربة في إكرام الضيوف دعوه إلى منازلهم فاعتقد المسكين أنها الفرصة لتصيد نظرات لنساء فاس فلعله يظفر بشيء، لكنه أُحبط غاية الإحباط لما استوقفه صاحب المنزل حتى دخل و أخلى الغرفة و ما يحيط بها من النساء ثم أدخله. و اليوم لازالت هذه الحرب الشعواء على المرأة المسلمة بل و ازدادت حدة و ضراوة و تكاثر الأعداء و كثرت أسلحتهم الإعلامية و الإغرائية و أصبحت المرأة المتحجبة العفيفة كاليتيمة على المائدة اللئيمة، تصبح على فتنة و تمسي على أخرى، فلئيم يمنعها من الدراسة و آخر يسبها جهارا. فعزاءهن أنهن قابضات على الجمر و الله مجزل عطاءهن، فليصبرن و ليحتسبن فإن بعد العسر يسرا، إن بعد العسر يسرا.
و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على محمد و على آله و صحبه أجمعين.
الهوامش:
(1) مقتطف من بحث للدكتور التميمي بعنوان" واقع و مستقبل البحث عن تاريخ المورسكيين الأندلسيين" و ذلك خلال المؤتمر العالمي الثالث للدراسات المورسكية-الأندلسية المنعقد بمدينة زغوان التونسية في نونبر 1991.
(2) (الأرشيف التاريخي الوطني الأسباني- الملف193-الرقم4. من كتاب لويس كادياك "المجابهة الجدلية" ترجمة عبد الجليل التميمي.
(3) من كتاب "المورسكيون الأندلسيون " ص70 . تأليف الإسبانية مرثيدس غارثيا أرينال و ترجمة الدكتورجمال عبد الرحمان
(4) وثيقة متواثرة في كتب التاريخ الإسباني و قد اقتطفتها من كتاب "الموريسكيون الأندلسيون" للكاتبة الإسبانية مرثيدس غارثيا أرينال. وقد قام بترجمته الدكتور جمال عبد الرحمان جزاه الله خيرا. الصفحة 53-60. طبعة المجلس الاعلى للثقافة.
5) وثيقة متواثرة في كتب التاريخ الإسباني و قد اقتطفتها من كتاب "الموريسكيون الأندلسيون" للكاتبة الإسبانية مرثيدس غارثيا أرينال. وقد قام بترجمته الدكتور جمال عبد الرحمان جزاه الله خيرا. الصفحة 53-60. طبعة المجلس الاعلى للثقافة.
للكاتب الفرنسي أوجين أوبان.Le MAROC dans la tourmente)6) كتاب
،أضع بين أيديكم دليلا تاريخيا يعود أيضا لسنة 1567م. يتعلق الأمر بوثيقة تاريخية أرسلها أحد أعيان غرناطة الأندلسيون اسمه فرانثيسكو نونيث مولاي إلى محكمة غرناطة يردّ فيها على ما جاء في أوامر الملك من تعسف ضد المسلمين.كما يشرح فيها أن عادات الأندلسيين لا تخالف تقاليد ولا تهدد أمن إسبانيا..
مقدمة المذكرة التي كتبها المورسكي نونيث-دائما نقلا من الكتاب السالف الذكر-:
إلى أن قال:"ثم استمر في محاولته لتبرير العادات الإسلامية المورسكية إلى أخر المذكرة.
و هذا دليل قوي أن نساء الأندلس كن عفيفات، طاهرات ، كاملات التحجب،حتى بعد سقوط دولة الإسلام بتلك البقاع ب 75 سنة. و فيه رد على من اتهمهُن بالتبرج وبإغراء رجال النصارى و كلام من هذا القبيل.
فرحم الله تلك الأمة و نسأل الله أن يرحمهم و ٌييسر حسابهم و يٌيمن كتابهم.
و صلى الله و سلم على نبينا محمد.
و الحمد لله.
و بين حادثة سمية بنت خياط رضي الله عنها و وفاء قسطنطين رحمها الله أظهر الكفار –وخاصة النصارى- حقدا رهيبا على النساء المسلمات و شنوا عليهن حربا ضروسا استخدموا خلالها كل و سائل البطش و تفننوا في تعذيبهن قبل قتلهن. و قد احتفظ التاريخ ببعض ما تعرّضن له على أيدي الكفار –دمّرهم الله-.
يقول الدكتور عبد الجليل التميمي في بحث قام به عن تاريخ الأندلسيين بعد سقوط غرناطة سنة 1492م و ما تعرّضوا له من فتن لثنيهم عن دينهم الإسلامي :
"فإيزابيل كالافارا كان سنها عشرين سنة حين أحرقت لأنها لم تخبر عن والدتها و لا أختها ...أما كاتالينا موندارا فقد تحولت إلى بابوية رومة سعيا منها لإلغاء حكم دواوين التفتيش ضدها حيث استولت على كل أملاكها، إلا أنها أحرقت سنة 1585م لدى رجوعها من رومة
وقد بينت الدراسات التاريخية الإحصائية، أنه تم ببلنسية حرق 129 سيدة و 73 رجلا، بل أن 70 بالمائة ممن أحرقوا بمنطقة لوفورنو في الربع الأخير من القرن السادس عشر كن من النساء و الذي لفت انتباهنا في محاكمة 250 شخصا أن العدد الأكبر من النساء كان عددهن 154 امرأة. و معنى هذا أن المرأة الأندلسية بقيت الوعاء الحضاري الأمثل للحفاظ على التقاليد و العادات و الدين. و عموما كان العنصر النسائي يمثل ثلث من أحرق. و معنى هذا أنه قبل سنة 1571م كانت المرأة تمثل 34 بالمائة من ملفات المتهمين؛ غير أنه بعد هذا التاريخ ارتفعت إلى 40.5 بالمائة منهم . و عليه فإن العنصر النسائي كان معرضا لكل أنواع التنكيل و التعذيب و من المؤكد أن 24 بالمائة ممن أحرقوا قد عذبوا. إلا أن هذه النسبة سوف ترتفع لإلى 85 بالمائة للخمس و العشرين سنة قبل الطرد النهائي (تم سنة 1609م طرد جميع الأندلسيين المسلمين من إسبانيا)، و في الفترة الزمنية التي تميزت بممارسة أشد أنواع التعذيب"
فلتحذر أخواتنا المسلمات من حقد و مكائد أعداء الإسلام الذين لازالوا يمكرون بهن لعلمهم بدورهن الحساس في بناء المجتمع الإسلامي السليم. فالأعداء اليوم تيقّنوا أنه من المستحيل ثني امرأة مسلمة عن إسلامها بالقوة، لدى غيّروا الأسلوب و ادعوا مساعدة المرأة المسلمة لنيل حقوقها. و هم كالذئب الذي أعياه اصطياد فريسة بثوبه فلبس ثوب الراعي الأمين حتى يستفرد بفريسته. أما إن وجدوا المرأة عفيفة، طاهرة ،نقية، واعية و لا تبغي عما أعطاها الإسلام من حقوق حولا فما لها إلا السيف و البطش. و هذه وفاء رحمها الله ماتت و لم نسمع لمن يدعي الدفاع عن حقوق المرأة ركزا.
و من أخبث الوسائل التي استعملها النصارى ضدهن هي ما يسمى اليوم بالحرب الإعلامية فقد أشاعوا في كتبهم التي عاصرت مأساة تنصير المسلمين بإسبانيا أن النساء المسلمات وخاصة بغرناطة كن بائعات للهوى و يغرين ذكور النصارى بجمالهن الفتّان و قد نجحوا للأسف إلى حد ما في نشر هذه الصورة عن نساء الأندلس. فتجد صورة المرأة الأندلسية بالروايات و الكتب الأدبية هي تلك المرأة التي تطل من نافدة بيتها متبرجة و عليها من مظاهر الزينة ما لا يتصوّر و هي على هذه الحالة الماجنة تستمع لغزليات عاشق. و لا حول و لا قوة إلا بالله.
و هدف موضوعي هذا هو محاولة رفع هذا الظلم عن نساء الأندلس و كفى بالرمي بالتبرج و السفور و المجون ظلما.
1-افتراءات على المرأة المسلمة
انظروا يرحمكم الله إلى مايقوله الخبيث الصليبي الإسباني مارمول كارباخال -وهو من قلائل المؤرخين الذين عاصروا محنة تنصير المسلمين بإسبانيا في القرن السادس عشر- انظروا كيف يهاجم الدين الإسلامي ونبينا محمد صلى الله عليه و سلم و كيف يحاول تشويه صورة المرأة المورسكية المسلمة. و هذه الصورة التي نقلها هي التي كانت في ذهن الإسبان قرونا عن المسلمين و لازالت مستمرة إلى اليوم، فمارمول الخبيث هذا من كبار مؤرخيهم.
يقول هذا الحاقد الصليبي و هو يصف الأندلسيين المسلمين خلال حرب البشرات (1568-1570) التي خاضوها ضد النصارى الإسبان:
"إن التفكير في الأهوال التي ارتكبها المورسكيون و قطاع الطرق في البشرات وفي مختلف بقاع مملكة غرناطة شيء يدعو إلى الحزن حقيقة. كان أول ما فعلوه هو اتخاذ أسماء و ألقاب خاصة بطائفة محمد و إعلانهم أنهم مسلمون خارجون عن العقيدة الكاثوليكية المقدسة التي كانوا يؤمنون بها هم و آباؤهم و أجدادهم. كان من المستغرب أن ترى كيف كانوا ـكبارا و صغارا ـ على دراية بتعاليم طائفة محمد اللعينة: كانوا يؤدون الصلاة لمحمد، وإليه يوجهون دعاءهم"
ثم بدأ برمي المحصنات المومنات الغافلات قائلا:
"و كانت النساء المتزوجات يكشفن صدورهن و كانت العذارى يكشفن رؤوسهن و يسدلن شعورهن على أكتافهن. كن يرقصن علنا في الشوارع و يعانقن الرجال. كان الشباب يسيرون أمامهن يجلبون لهن الهواء بالمناديل و يقولون بصوت عال إن وقت البراءة قد حان و إنهم سيذهبون إلى الجنة لأن دينهم متحرر، و كانوا يسمونه دين اللطف..."
هكذا يكون تزييف التاريخ فالمرأة المسلمة كما صورها الخبيث كانت تكشف صدرها وتعانق الرجال و ترقص في الشارع .
لكن سبحان من برّأ مريم عليها السلام و عائشة رضي الله عنها من فوق سبع سماوات و نفى عنهما افتراءات المفترين و كذب الكاذبين.
لقد حفظ لنا التاريخ دليلين قويين على براءة المرأة الأندلسية المسلمة مما افتراه مارمول فرجع كيده خائبا و هو حسير.
2- الدليل الأول على براءة المرأة الأندلسية المسلمة من التبرج و المجون.
أمام إصرار الأندلسيين على التشبث بالمظاهر الإسلامية رغم منع محاكم التفتيش لذلك، قام الملك الإسباني فيليب الثاني سنة 1567م (أي بعد 75 سنة على سقوط غرناطة و زوال دولة الإسلام) بإصدار قرار حاسم يحظر كل المظاهر الإسلامية تحت طائلة الموت. وجاء في قائمة المنع:
"- حظر اللباس المورسكي على الرجال و النساء و إلزام النساء-بالإضافة إلى ذلك- بكشف الوجه."
نعم الملك الإسباني شخصيا أصدر قرارا بكشف وجه النساء الأندلسيات و هذا يعني بكل بساطة أنهن كن لا يكشفن عن وجوههن بعد مرور 75 سنة من محاولات التنصير. فلله ذرهن من نساء طاهرات عفيفات متحجبات كامل التحجب و أين؟ في عقر دار الكافر الصليبي الإسباني الذي كان يتباهى بكونه حامي الكاثوليكية في العالم و قاهر المسلمين.
فكيف يا مارمول بنساء لا يكشفن حتى عن وجههن يقمن بكشف شعرهن و صدورهن في الشوارع و يعانقن الرجال؟
و قد حاول الأسبان تنفيذ هذا القرار لكن الأندلسيين قاموا في السنة الموالية بثورة كبرى دفاعا عن عقيدتهم و محارمهم. و استمرّت هذه الحرب 3 سنوات انتهت بهزيمة المسلمين و استفحال غطرسة محاكم التفتيش ضدهم.
3- الدليل الثاني على براءة المرأة الأندلسية المسلمة من التبرج و المجون
مباشرة بعد إصدار الملك فيليب الثاني لهذا القرار قام أحد أعيان غرناطة فرانسيسكو نونيث مولاي بمراسلة محكمة غرناطة رادا على هذا القرار و مبينا أن عادات الأندلسيين لا تخالف عادات الأسبان و أنها لا تهدد الأمن.
تقول الباحثة الإسبانية غارسيا مرثيدس أرينال عن هذه الوثيقة المهمة :
"و في عام 1567، حين لم يكن هناك مجال للتأجيل، أرسل أحد أعيان المورسكيين- و هو فرانثيسكو نونيث مولاي – إلى محكمة غرناطة مذكرة ننقل نصها (المذكرة مودعة في مكتبة مدريد الوطنية-المخطوطة رقم 6176). يضع نونيث في اعتباره أهمية القضية فيحاول تصوير هذه الخصائص على أنها مجرد عادات محلية و يسعى إلى أن يٌقبل اللباس المورسكي كما يقبل الزي الخاص بقشتالة أو أراغون، و أن تقبل اللغة العربية كما تُقبل اللغة الغاليثية أو القطالونية.
لم تحقق المذكرة أدنى درجة من النجاح، و سيكون تنفيذ هذه القرارات هو السبب الرئيسي في ثورة البشرات"
ثم بدأت الباحثة الإسبانية في سرد نص المذكرة و التي أعتذر عن عدم نقلها كاملة لطولها و ضيق الوقت لكن أكتفي بنقل الشاهد من المذكرة على أن أنقل المذكرة كاملة قريبا بإذن الله.
"يقول فرانسيسكو في مذكرته إلى محكمة غرناطة مخاطبا الملك فيليب الثاني:
" الأمر بأن تكشف النساء وجوههن، ما فائدته سوى دعوة الرجل لارتكاب المعصية إذا رأوا الجمال الذي يشتهونه؟ و لن تجد الدميمات من يتزوج بهن. إن النساء يغطين وجوههن لكي لا يعرفن، وهذا ما تفعله المسيحيات. إن هذا الفعل شرف يتجنبن به المشاكل؛ و لهذا أمر الملك الكاثوليكي بألا يكشف مسيحي وجه مورسكية تمشي في الشارع و إلا عوقب. إذا كان الأمر كذلك و لا يتعارض مع الدين فلماذا نُغضب أهل غرناطة بسبب كشف وجوه زوجاتهم؟"
أبعد هذا الدليل الذي يبرئ نساء الأندلس نصدق من يقول أنهن كن يكشفن صدورهن و يعانقن الرجال؟ سبحان الله هذا بهتان عظيم. بل كن يعتبرن كشف الوجه مصيبة تصيب المرأة في شرفها و لم يتنازلن عن هذا الشرف حتى قامت من أجله حرب البشرات سنة 1568م حيث استفرد بأهل الأندلس عباد الصليب و تفننوا في فتنتهم عن دينهم حتى جاء الفرج من الله سنة 1609م بقرار الطرد النهائي لكل المسلمين من إسبانيا فانتشروا في الأرض الإسلامية الواسعة وعادوا لمعانقة العقيدة الإسلامية الصافية الطاهرة.
فهنيئا لمارمول بهذه الجمرة الملتهبة التي تلقفها بفيه جزاء افترائه على العفيفات المحصنات الغافلات.
وحتى بعد الطرد من الأندلس فقد استمرت الأندلسيات على عفتهن و طهرهن في مكان إقامتهن. بل وكن مثالا طيبا في العفة و الحياء لنساء البلاد التي هاجروا إليها.
فمثلا زار أحد الفرنسيين مدينة فاس سنة 1900م – وفاس هي أحد معاقل الأندلسيين بالمغرب- و كعادة المغاربة في إكرام الضيوف دعوه إلى منازلهم فاعتقد المسكين أنها الفرصة لتصيد نظرات لنساء فاس فلعله يظفر بشيء، لكنه أُحبط غاية الإحباط لما استوقفه صاحب المنزل حتى دخل و أخلى الغرفة و ما يحيط بها من النساء ثم أدخله. و اليوم لازالت هذه الحرب الشعواء على المرأة المسلمة بل و ازدادت حدة و ضراوة و تكاثر الأعداء و كثرت أسلحتهم الإعلامية و الإغرائية و أصبحت المرأة المتحجبة العفيفة كاليتيمة على المائدة اللئيمة، تصبح على فتنة و تمسي على أخرى، فلئيم يمنعها من الدراسة و آخر يسبها جهارا. فعزاءهن أنهن قابضات على الجمر و الله مجزل عطاءهن، فليصبرن و ليحتسبن فإن بعد العسر يسرا، إن بعد العسر يسرا.
و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على محمد و على آله و صحبه أجمعين.
الهوامش:
(1) مقتطف من بحث للدكتور التميمي بعنوان" واقع و مستقبل البحث عن تاريخ المورسكيين الأندلسيين" و ذلك خلال المؤتمر العالمي الثالث للدراسات المورسكية-الأندلسية المنعقد بمدينة زغوان التونسية في نونبر 1991.
(2) (الأرشيف التاريخي الوطني الأسباني- الملف193-الرقم4. من كتاب لويس كادياك "المجابهة الجدلية" ترجمة عبد الجليل التميمي.
(3) من كتاب "المورسكيون الأندلسيون " ص70 . تأليف الإسبانية مرثيدس غارثيا أرينال و ترجمة الدكتورجمال عبد الرحمان
(4) وثيقة متواثرة في كتب التاريخ الإسباني و قد اقتطفتها من كتاب "الموريسكيون الأندلسيون" للكاتبة الإسبانية مرثيدس غارثيا أرينال. وقد قام بترجمته الدكتور جمال عبد الرحمان جزاه الله خيرا. الصفحة 53-60. طبعة المجلس الاعلى للثقافة.
5) وثيقة متواثرة في كتب التاريخ الإسباني و قد اقتطفتها من كتاب "الموريسكيون الأندلسيون" للكاتبة الإسبانية مرثيدس غارثيا أرينال. وقد قام بترجمته الدكتور جمال عبد الرحمان جزاه الله خيرا. الصفحة 53-60. طبعة المجلس الاعلى للثقافة.
للكاتب الفرنسي أوجين أوبان.Le MAROC dans la tourmente)6) كتاب
،أضع بين أيديكم دليلا تاريخيا يعود أيضا لسنة 1567م. يتعلق الأمر بوثيقة تاريخية أرسلها أحد أعيان غرناطة الأندلسيون اسمه فرانثيسكو نونيث مولاي إلى محكمة غرناطة يردّ فيها على ما جاء في أوامر الملك من تعسف ضد المسلمين.كما يشرح فيها أن عادات الأندلسيين لا تخالف تقاليد ولا تهدد أمن إسبانيا..
مقدمة المذكرة التي كتبها المورسكي نونيث-دائما نقلا من الكتاب السالف الذكر-:
إلى أن قال:"ثم استمر في محاولته لتبرير العادات الإسلامية المورسكية إلى أخر المذكرة.
و هذا دليل قوي أن نساء الأندلس كن عفيفات، طاهرات ، كاملات التحجب،حتى بعد سقوط دولة الإسلام بتلك البقاع ب 75 سنة. و فيه رد على من اتهمهُن بالتبرج وبإغراء رجال النصارى و كلام من هذا القبيل.
فرحم الله تلك الأمة و نسأل الله أن يرحمهم و ٌييسر حسابهم و يٌيمن كتابهم.
و صلى الله و سلم على نبينا محمد.
و الحمد لله.
و بين حادثة سمية بنت خياط رضي الله عنها و وفاء قسطنطين رحمها الله أظهر الكفار –وخاصة النصارى- حقدا رهيبا على النساء المسلمات و شنوا عليهن حربا ضروسا استخدموا خلالها كل و سائل البطش و تفننوا في تعذيبهن قبل قتلهن. و قد احتفظ التاريخ ببعض ما تعرّضن له على أيدي الكفار –دمّرهم الله-.
يقول الدكتور عبد الجليل التميمي في بحث قام به عن تاريخ الأندلسيين بعد سقوط غرناطة سنة 1492م و ما تعرّضوا له من فتن لثنيهم عن دينهم الإسلامي :
"فإيزابيل كالافارا كان سنها عشرين سنة حين أحرقت لأنها لم تخبر عن والدتها و لا أختها ...أما كاتالينا موندارا فقد تحولت إلى بابوية رومة سعيا منها لإلغاء حكم دواوين التفتيش ضدها حيث استولت على كل أملاكها، إلا أنها أحرقت سنة 1585م لدى رجوعها من رومة
وقد بينت الدراسات التاريخية الإحصائية، أنه تم ببلنسية حرق 129 سيدة و 73 رجلا، بل أن 70 بالمائة ممن أحرقوا بمنطقة لوفورنو في الربع الأخير من القرن السادس عشر كن من النساء و الذي لفت انتباهنا في محاكمة 250 شخصا أن العدد الأكبر من النساء كان عددهن 154 امرأة. و معنى هذا أن المرأة الأندلسية بقيت الوعاء الحضاري الأمثل للحفاظ على التقاليد و العادات و الدين. و عموما كان العنصر النسائي يمثل ثلث من أحرق. و معنى هذا أنه قبل سنة 1571م كانت المرأة تمثل 34 بالمائة من ملفات المتهمين؛ غير أنه بعد هذا التاريخ ارتفعت إلى 40.5 بالمائة منهم . و عليه فإن العنصر النسائي كان معرضا لكل أنواع التنكيل و التعذيب و من المؤكد أن 24 بالمائة ممن أحرقوا قد عذبوا. إلا أن هذه النسبة سوف ترتفع لإلى 85 بالمائة للخمس و العشرين سنة قبل الطرد النهائي (تم سنة 1609م طرد جميع الأندلسيين المسلمين من إسبانيا)، و في الفترة الزمنية التي تميزت بممارسة أشد أنواع التعذيب"
فلتحذر أخواتنا المسلمات من حقد و مكائد أعداء الإسلام الذين لازالوا يمكرون بهن لعلمهم بدورهن الحساس في بناء المجتمع الإسلامي السليم. فالأعداء اليوم تيقّنوا أنه من المستحيل ثني امرأة مسلمة عن إسلامها بالقوة، لدى غيّروا الأسلوب و ادعوا مساعدة المرأة المسلمة لنيل حقوقها. و هم كالذئب الذي أعياه اصطياد فريسة بثوبه فلبس ثوب الراعي الأمين حتى يستفرد بفريسته. أما إن وجدوا المرأة عفيفة، طاهرة ،نقية، واعية و لا تبغي عما أعطاها الإسلام من حقوق حولا فما لها إلا السيف و البطش. و هذه وفاء رحمها الله ماتت و لم نسمع لمن يدعي الدفاع عن حقوق المرأة ركزا.
قبسات من أنوار وأقلام العلماء والكتاب قبسات أون لاين حيث الإعلام الهادف قبسات أون لاين
6:48 ص
مقالات متنوعة
.