--------------------------------------------------------------------

المشاركات الشائعة

زوار المدونة

أحدث التعليقات

المتابعون

إحصائية المدونة

تعلقات القراء

إقرأ أيضا

|

المعركة الأخيرة بين مصر الفتاة والملك فاروق

بقلم د/ مجدي حسين
نواصل معركة مصر الفتاة (الحزب الاشتراكى) مع نظام الملك فاروق, وفقا لدراسة العيب فى الذات الملكية للدكتور سيد عشماوى الأستاذ المساعد بكلية الآداب جامعة القاهرة, الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 2002: "كان عدد تاريخى لمصر الفتاة (الاشتراكية) حيث الصور التى نشرت تمثل بؤس وشقاء أفراد الشعب المصرى, ما بين شيخ متهدم, وطفل فى أسمال بالية, ومريض على قارعة الطريق, وشيخ يكاد ينهار من الجوع.. عنوان هذه الصور (رعاياك يا مولاى) وتحتها (أيها المواطن أنت معرض لهذا المصير فى ظل الرأسمالية) نفذت أعداد الجريدة البالغة سبعين ألفا، وسجنت النيابة أحمد حسين, ووجهت له تهمة قلب نظام الحكم, وتهمة العيب فى الذات الملكية لعبد الخالق التكية وسليمان زخارى، وصودرت جريدة مصر الفتاة - لسان الاشتراكية. أفرج القضاء عن أحمد حسين وصاحبيه, ولكن بعد حريق القاهرة قدم إلى المحاكمة أحمد حسين وبعض أعضاء الحزب الاشتراكى, وصدرت أحكام فى عدة قضايا تمس العيب. وفى 17 مارس 1952، أصدرت محكمة جنايات مصر حكما بحبس أحمد حسين ستة شهور, وتعطيل جريدة مصر الفتاة لمدة 3 شهور. وفى نفس اليوم أصدرت نفس المحكمة حكما بمعاقبة أحمد حسين ستة شهور, وتعطيل جريدة الشعب الجديد لسان الاشتراكية لمدة 3 شهور. وفى نفس اليوم(!) حكمت نفس المحكمة بمعاقبة أحمد حسين 6 شهور, وبتعطيل جريدة الشعب الجديد لسان الاشتراكية لمدة 3 شهور بتهمة العيب فى الذات الملكية. بعد الحريق قدم إبراهيم شكرى للمحاكمة, وصدر عليه حكم بالحبس 6 شهور, وتعطيل جريدة الشعب الجديد لمدة 3 شهور, وقد صدر هذا الحكم فى 2 يونيو 1952. ووصلت قضايا العيب فى الذات الملكية الخاصة بصحافة مصر الفتاة إلى 11 قضية: 3 لأحمد حسين, و3 لعبد الخالق التكية, وواحد لكل من إبراهيم شكرى وإبراهيم الزيادى وحلمى الغندور وسيد قطب وسليمان زخارى, وبالرغم من كثرة التحقيقات والمصادرة فإن هذا لم يثن صحافة الحزب عن عزمها". إلى هنا انتهت رواية د. سيد عشماوى, وقد حرصنا على نشر ما ورد فى كتابه كما هو تقريبا, لأنها شهادة مؤرخ أكاديمى محايد. ونواصل مع قضية التحريض على حرق القاهرة، فهذه لم تتعرض لها الدراسة لأنها خارجة عن موضوع (العيب فى الذات الملكية). والحقيقة فإن قضية اتهام أحمد حسين بالتحريض على حرق القاهرة والتى استمرت قرابة 6 شهور حتى قيام ثورة 23 يوليو، هذه القضية هى الرمز والملخص لدور حركة مصر الفتاة وأحمد حسين فى تحطيم هيبة ومكانة النظام الملكى, الذى رأى ضرورة التنكيل بالحركة وزعيمها لتكون عبرة للجميع. فمنذ حريق القاهرة فى 26 يناير 1952، أعلنت حالة الطوارئ, وتم وقف صحف المعارضة الجادة، وهى أساسا صحف مصر الفتاة، وتمت إقالة حكومة الوفد، وتداول الحكم 4 وزارات, وكان الوضع السياسى قلقا وغير مستقر، وكان الحدث الأكبر والأهم هو محاكمة أحمد حسين بتهمة التحريض على حرق القاهرة, وهذه تهمة عقوبتها الإعدام. ولم تكن فى هذه الفترة أى محاكمة مهمة, ولم يكن فى السجون أهم من قيادات وكتاب حركة مصر الفتاة وبعض قيادات الحزب الوطنى على رأسهم فتحى رضوان, وقد كانت محاكمة أحمد حسين فى ظل إعلان حالة الطوارئ، وكانت الهيئة التى تحاكمه مختارة بعناية برئاسة المستشار طنطاوى لتحكم فى النهاية بإرادة الملك، وكانت مجريات الأحداث تتجه لذلك، وكان أحمد حسين فى انتظار الإعدام بلا دليل. ففى البداية أحضروا مرشدين ومخبرين ليعترفوا على أحمد حسين أنه قاد عمليات الحريق بنفسه, فكانت شهادتهم متضاربة ومضحكة, وبعضهم لم يتعرف عليه أمام النيابة. لذلك لجأت النيابة لاستخدام مقالات أحمد حسين النارية المشار إليها فى الرسالة السابقة والحالية باعتبارها هى أدوات التحريض. وهكذا أصبحت المقالات عقوبتها الإعدام. والمعروف أن شخصية أحمد حسين هى أبعد ما تكون عن العنف, وأنه يؤمن حتى النخاع بوسائل التغيير السلمية. وربما نعرض رؤيته لحريق القاهرة وأسبابه الحقيقية فى رسالة أخرى، ولكن يمكن الرجوع لقصته (واحترقت القاهرة), إزاء ذلك لجأ أحمد حسين إلى الإضراب المفتوح عن الطعام، وتدهورت حالته الصحية, وتم نقله إلى القصر العينى. وحدث خلال ذلك أن المستشار طنطاوى رئيس المحكمة انتهت مدته, وأصبح عليه الانتقال إلى التقاعد، فتقدم الملك من خلال الحكومة بتشريع يسمح بمد سن التقاعد للقضاة، وكان الأمر واضحا أن المقصود استمرار طنطاوى حتى يعدم أحمد حسين، وكان لنادى القضاة برئاسة المستشار ممتاز نصار موقفا تاريخيا إزاء هذا التوجه المريب, وأعلن رفضه مد سن القضاة. المهم أنه خلال هذه التجاذبات، تحركت وحدات الضباط الأحرار فى 23 يوليو 1952 وأطاحت بالنظام الملكى, وتم إنقاذ أحمد حسين من حبل المشنقة. والحقيقة فإنها ملحمة للإرادة البشرية، ودرس فى القضاء والقدر، وقدوة للشباب كى يعتمدوا على الله فى جهادهم ضد الجبابرة، فهذه الوقائع تجسيد حى لمعنى أن يكون الله معك (ومن يكون الله معه فمن عليه؟!).

قبسات من أنوار وأقلام العلماء والكتاب قبسات أون لاين حيث الإعلام الهادف قبسات أون لاين 9:27 ص .

0 التعليقات "المعركة الأخيرة بين مصر الفتاة والملك فاروق"

شاركنا برأيك ولا تحرمنا من قلمك

الأرشيف