إحراق مصر
إنهم يحرقون مصر من أجل ألا يصل الإسلاميون إلى سدة الحكم فيها..
هذه خلاصة المشهد وقراءته الأولية دون الدخول كثيرًا في التفاصيل؛ فما يحصل في مصر قد بات مفهومًا لكثير من عقلاء مصر، إذ لا شيء يبدو مبررًا في كل ما يحصل.
السلطات المصرية الموالية للغرب حشرت كل شعب مصر الكبير في شارع واحد، وحاولت أن توحي بأنها غير قادرة على فرض الأمن في الشارع، وأرادت أن توصل تلك الرسالة بأن سلطة عاجزة عن بسط هيمنتها على عشرات أو حتى مئات الأمتار ليس بوسعها أن تضمن نزاهة أو تؤمِّن انتخابات في طول البلاد وعرضها.. هكذا أرادت أن تقول برغم كل تأكيداتها، بل وقسم مسئوليها على أنها ستُجرِي الانتخابات في موعدها المقدَّر منذ شهور.
كان من الممكن تفهم أي اضطرابات في مصر تعرقل المسار الديمقراطي في مصر، وقد حاول كثيرون إشعال النار في طريق الحرية، لكن هذه المرة لا يمكن أن يفسر هذا المسار التدميري؛ لأنه لا يمكن تفهم إحجام جميع القوى العسكرية والأمنية عن وقف هذا العنف، ووضع سياج حول مبنى وزارة الداخلية، وهو ما حصل بالفعل حول السفارة الصهيونية ومبنى وزارة الدفاع المصرية ومبنى ماسبيرو من قبل، وليس غائبًا بالطبع عن أذهان النظام العسكري والأمني في مصر، وهو ما بدأت في تنفيذه قوات من الجيش في اليوم الخامس من الاضطرابات!
لقد عمدت مجموعات شبابية مشبوهة إلى تأجيج الموقف في أعقاب مليونية رفض وثيقة السلمي المعيبة وطلب تسليم السلطة للمدنيين وفق جدول زمني معروف، وتناغمت معها بعض القوى من داخل النظام نفسه تعاملت بشكل متعمد لتمديد فترة الاضطرابات، وتراخت بشكل واضح في فرض الأمن في محيط وزارة الداخلية بما ضاعف من عدد الضحايا من القتلى والجرحى، وألقى بظلال داكنة على مستقبل مصر الجديدة.
وبالتوازي مع هذه الاضطرابات، عملت وسائل الإعلام الرسمية وغيرها على تأجيج المشكلة أكثر ومفاقمتها في مسعى من بعضها لوضع العربة أمام حصان الانتخابات، وكبح جماح الإسلاميين ووأد مشروعهم الحضاري، وكان لافتًا أن أكثر وسائل الإعلام نسبة لما يُسمى بـ"الفلول" هي الأكثر حماسة لتأجيج مشاعر الجماهير ضد ممارسات الشرطة العنيفة.
وكان من المفترض أن يكون للإسلاميين موقفهم الموحَّد سواء بالمشاركة في المليونية مجهولة الهدف التي أعلن عنها أصحابها، أم بعدم المشاركة، لكن مواقف الإسلاميين المتباينة أضعفت من تأثيرهم في الأحداث، فاتخذوا أسوأ السيناريوهات وهو مشاركة البعض وإحجام البعض الآخر، ما نجم عنه في النهاية حالة متأرجحة لا يبدو الإسلاميون فيها رقمًا فاعلاً، رغم كثرتهم وغالبيتهم الواضحة.
وبدا أن التسويق لفكرة سيطرة علمانيين وليبراليين على مقاليد السلطة بعناوين مختلفة يلقى صدى في دوائر صنع القرار، كبديل مقنّع لبناء المؤسسات الرسمية وفقًا لاختيار الشعب المصري، وغدت مصر سائرة إلى مجهول وضعها الغرب على سكته الموحشة؛ إما للوصول إلى نهاية معروفة أو لإحداث فوضى "خلاقة" تحول مؤقتًا دون وصول الإسلاميين لسدة الحكم، وإن لم تحل المشكلة بشكل جذري.
قبسات من أنوار وأقلام العلماء والكتاب قبسات أون لاين حيث الإعلام الهادف قبسات أون لاين
10:53 ص
أخبار
.