--------------------------------------------------------------------

المشاركات الشائعة

زوار المدونة

أحدث التعليقات

المتابعون

إحصائية المدونة

تعلقات القراء

إقرأ أيضا

|

صفات الله الحسنى والحالة البشرية المثلى

قلت في نفسي وأنا أتأمل في دلالة صفات الله I وأسمائه الحسنى؛ الألوهية، الربوبية، الوحدانية، الحاكمية، العلم، الخلق، القدرة، الحكمة، العزة، القوة، الرحمة، القهر، الإرادة، الإحاطة، الحضور الأبدي الدائم, الذي لا تأخذه سنة ولا نوم.
إن الإنسان المسلم يجد نفسه إزاء إلهٍ واحد, خالق, عالم, قدير, حكيم, رحيم, عزيز, قوي, قاهر, مريد, محيط, لا تأخذه سنة ولا نوم, فيطمئن إلى أنه يستند في توجهه إلى إلهٍ يمنحه بأسمائه وصفاته تلك الرضا والقناعة والاطمئنان والتوحّد واليقين... تلك الحالة التي تنعكس على مكوناته العقلية والروحية والحسّية والوجدانية، فتضعها في أكثر صيغها توحدًا وانسجامًا وتوافقًا، فيما يمكنها -بالتالي- من تقديم المزيد من العطاء وفق وتائره العليا.
لقد أريد للإنسان -بفضل من الله ومِنَّةٍ- أن يتحقق بالقدر الذي يلائمه من هذه الصفات التي تبلغ مثلها الأعلى عند الله I. وحينذاك ستغدو حياته ساحة حقة للمهمة التي خُلق من أجلها وهي عبادة الله I، ليس بالمفهوم الطقوسي المحدود، ولكن بالمنظور الحضاري للعبادة الإسلامية التي تجعل الأرض كلها مسجدًا كبيرًا، وتجعل كل ما يبنى فيها ويخفق في جنباتها، ويتحقق في ساحاتها عبادة يتقرب بها الإنسان إلى لله I.
فلو أن الإنسان -على سبيل المثال- تحقق بالقدر الذي يلائمه من العلم والحكمة والقوة والرحمة؛ لأصبح -بالضرورة- الإنسان النموذج الذي تتوازن في مكوناته وفاعليته على السواء قيمُ العلم والحكمة والقوة والرحمة, فتمنحه ثمرتين؛ إحداهما: الشخصية السوية المتوازنة والمتوحدة، والأخرى: القدرة الفائقة على الإبداع والإنجاز.
والحالة نفسها تنسحب على الجماعات؛ فإن الأمة التي تملك القوّة وتضبطها بالحكمة، وتبلغ شأوًا بعيدًا في ميدان العلم ولكنها تحيطه بالرحمة، ستكون -بحق- الأمة الوسط، الأمة المتوازنة التي تؤتي ثمارها في اثنتين: السعادة والسيادة. ومن ثم منح خيرها للبشرية جميعًا فيما يمكنها من أن تتعايش ويقبل أحدها الآخر، وتمضي عجلة الحياة الدنيا كما أراد الله I لها أن تكون: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143]، وتستحق ما وصفه الله بها في كتابه الكريم: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ} [آل عمران: 110].
إن مفتاح كل المشاكل في الحياة البشرية -الفردية والجماعية- والإجابةَ على كل سؤال، وتحقيقَ المطلوب في كل معضلة، إنما يتحقق في تنزيل صفات الله I على الخبرة البشرية في مستوييها الفردي والجماعي، وبالنسبة التي تلائم الإنسان.
وحينذاك ستتحقق حركة تصاعدية إلى أعلى صوب الأفضل والأحسنِ. فرديًّا عبر رحلة الإسلام والإيمان والتقوى والإحسان، وجماعيًّا عبر ما سمّاه المفكر الفرنسي المسلم رجاء جارودي -في كتابه وعود الإسلام- "التسامي".
وليس ثمة أمة في الأرض غير الأمة الإسلامية، وليس ثمة إنسان في العالم غير الإنسان المسلم، أعطيا هذه المفاتيح المدهشة للتحقق بالسوية العليا والتحرك صوب المثل الأعلى.
وبخلاف ذلك لنتخيّل كيف ستكون الحال لو أن مجموعة من الناس أو المواطنين عاشوا في بيئة يتنازع فيها الحاكمون السلطة وهم يملكون قوى متكافئة، وينام فيها الحاكم أو يغيب حينًا بعد حين عن الرقابة الدائمة، ويظلم فيها السلطان دون معايير عادلة، ويتساهل بأكثر مما يجب فيطغى القوي على الضعيف، وتتعدد فيها مصادر القيادة والتشريع فيتمزق الإنسان.. كيف سيكون الحال

قبسات من أنوار وأقلام العلماء والكتاب قبسات أون لاين حيث الإعلام الهادف قبسات أون لاين 12:11 م .

0 التعليقات "صفات الله الحسنى والحالة البشرية المثلى"

شاركنا برأيك ولا تحرمنا من قلمك

الأرشيف