12:16 م | كتبت بواسطة قبسات أون لاين
|
إعداد: أحمد صلاح
كان يعمل في ورشةٍ لصناعة السيوف، حتى أسلم واتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعرَّض للتعذيب الشديد، ولقد تحمَّل خباب من التعذيب ما لم يتحمله بشر، وظلَّ سنواتٍ يتحمل ويصبر ويقاوم وينتصر.
وعند الكعبة.. ذهب خباب مع عددٍ من الصحابة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، يشكون إليه شدة عذابهم وقلة حيلتهم ويسألونه سؤالاً بسيطًا الدعاء.
لكن المفاجأة.. أنهم وجدوا الرسول قد احمَّر وجهه وقال لهم في غضب: "قد كان مَن قبلكم يؤخذ منهم الرجل، فيُحفر له في الأرض، ثم يُجاء بمنشار، فيُجعل فوق رأسه، ما يصرفه ذلك عن دينه.. وليتمّنّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله عز وجل، والذئب على غنمه، ولكنكم تعجلون"!!.
قالها الرسول في إصرار شديد، جعل خباب ومَن معه يستصغرون ما يحدث لهم، ويوقنون أن الطريق صعب، وأن الدفاع عن رسالة الإسلام يتطلب المزيد من التحمل والتضحية، فهم خباب الرسالة، وازدادت شحنة إيمانه بعد حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصبح مقبلاً على مزيدٍ من التضحية ومستعدًا لمزيدٍ من التعذيب.
فلم يكتفِ أعداؤه بما فعلوه ويفعلوه فيه كل يوم، بل أنهم طلبوا من سيدته أم أنمار قبل أن تعتقه، أن تشارك في تعذيبه بعد أن حكوا لها ما حدث، وأوهموها بأن الأمرَ يمس الكرامة، فكيف يُسلم من كان عبدًا لديها في يومٍ من الأيام، وشحنت أم أنمار غل حياتها كله لتصبَّه فوق رأس خباب، وفعلت بخباب ما لم يفعله أعتى المجرمين وأقسى الظالمين، فلقد كانت تأخذ الحديد المحمي الملتهب وتضعه فوق رأس خباب.
انفطر قلب الرسول على خباب، ورفع يديه إلى السماء وأخذ يدعو بكل ما أُوتي من قوة: "اللهم انصر خبابًا"، ولقد استجاب الله لرسوله ونصر الله "خباب" فلقد أُصيبت أم أنمار بعدها بسعارٍ غريبٍ جعلها تعوي كالكلاب، وعندما طلبوا لها الأطباء، قالوا إن علاجها الوحيد هو كي رأسها بالنار!!!
وكان خباب السبب في إسلام عمر بن الخطاب حينما كان يُعلِّم أخت عمر وزوجها القرآن، كما شارك رسول الله غزواته.
لقد أراد الله لخباب أن ينهي حياته بآلام جسدية كما بدأها، وأراد له أن يختم حياته بعد إسلامه بصبرٍ عظيم كما بدأها بصبر عظيم، فابتلاه الله بمرضٍ شديدٍ طويلٍ في عهد علي بن أبي طالب قبل أن يخرج لموقعة صفين.. كان المرض شديدًا على خباب، لم يستطع معه تحمله، وفي العام السابع والثلاثين من الهجرة وعن عمرٍ يناهز ثلاثًا وسبعين عامًا، تُوفي خباب.
وعندما عاد الخليفة الرابع علي بن أبي طالب من موقعة صفين، فوقعت عيناه على قبرٍ في أطراف الكوفة، فتعجَّب وسأل: قبر مَن هذا؟ فأجابوه: إنه قبر خبّاب.
فتأمله علي بن أبى طالب في خشوعٍ وأسى وهو يغالب البكاء، وقال: "رحم الله خبَّابًا.. لقد أسلم راغبًا، وهاجر طائعًا، وعاش مجاهدًا".
درس ومعنى 1- قوة العقيدة والمبادئ تعطي قوةً وعزةً لا يعرفها إلا أصحابها (خباب يصمد أما أسياده دون خوف).
2- الإيمان يعطي قدرة غير عادية على تحمل الأذى المادي والمعنوي (تعذيب خباب بصورة تفوق الخيال).
3- الله لا يترك أبدًا عباده المخلصين، ولكنه ينتظر حتى يرى صدقهم وبرهان إيمانهم. (انتقام الله من أم أنمار التي عذَّبت خبابًا).
كثيرًا ما يتعرَّض الواحد منا لمواقف ظلم بينة واضحة، فإذا به ينتظر ردًّا سريعًا من الله بمساعدته، فإذا تأخَّرت الإجابة، يظن أن الله قد تخلَّى عنه.
إنَّ الله لا يتخلَّى عن عباده المخلصين أبدًا، ولكنه ينتظر حتى يتيقن من صبر العبد على ابتلائه، والذي يسخط ويغضب لن يعد من الصابرين، والذي يغضب ويشعر أن طريق الله قد أضره فيبدأ في الرجوع عنه، يكون قد كتب شهادة رسوبه في الاختبار.
4- لا بد من النجاح بعد الصبر (انتصار خباب على جلاديه والانتقام من أم أنمار)
5- الذي يريد أن يصلح الناس لا بد أن يذهب إليهم لا أن ينتظر أن يأتوا إليه (خباب يُعطي دروسًا للقرآن في البيوت).
نظرًا للظروف الصعبة التي بدأت فيها الدعوة، امتنع بعض المسلمين أن يرتادوا دار الأرقم خشيةَ الظهور والتعرض للاضطهاد والتعذيب، ودفعت رغبة خباب الصادقة في نصرة الإسلام، إلى أن يذهب إلى هؤلاء ويساعدهم في حفظ القرآن، وربما كانت مكافأة الله له، أن إسلام عمر بن الخطاب، كان في أحد البيوت التي كان يُحفِّظ فيها.
6- ربما يعشق الإنسان التضحيةَ حتى تتحوَّل إلى سلوكٍ دائمٍ لا ينفصل عنه (تصدق خباب الدائم بأمواله بعد ثرائه). |
قبسات من أنوار وأقلام العلماء والكتاب قبسات أون لاين حيث الإعلام الهادف قبسات أون لاين
12:16 م
من رموز الاسلام
.