--------------------------------------------------------------------

المشاركات الشائعة

زوار المدونة

أحدث التعليقات

المتابعون

إحصائية المدونة

تعلقات القراء

إقرأ أيضا

|

القراءة من المصحف في الصلاة


 
رمضان له روح خاصة، تحمل المسلم الصادق حملا على الاجتهاد في الطاعة والاغتراف من الخير، لكن بعض أهل العلم والدعوة فشا بينهم أمران في حاجة إلى مراجعة، حتى تكون العبادة منضبطة بالشرع، وسائرة على هدي الكتاب والسنة، وهذان الأمران يكثران في رمضان وإن كان لا يختصان به وحده، وهما: الأمر الأول: الاعتداء في الدعاء.
والثاني: القراءة من المصحف للإمام والمأموم في الصلاة ونظرا لأهمية الأمرين معا، فقد أفردنا لهما هذا المقال
                      القراءة من المصحف في الصلاة
أولا: القراءة من المصحف للإمام والمنفرد
اختلف الأئمة في قراءة الإمام من المصحف، فأجاز الشافعي ذلك بلا كراهية، يستوي في ذلك أن يكون الإمام حافظا أو غير حافظ وذلك لما روى ابن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها: "أنها أعتقت غلاما لها فكان يؤمها في رمضان في المصحف" (أخرجه ابن أبي شيبة وعلقه البخاري في صحيحه).
ولما جاء في الموطأ عن هشام بن عروة عن أبيه أن ذكوان أبا عمرو –وكان عبدا لعائشة رضي الله عنها زوج النبي فأعتقته– كان يقوم يقرأ لها في رمضان. (حديث رقم 252).
وقال أبو يوسف ومحمد: يكره للإمام النظر في المصحف إن كان غير حافظ، لقول أبي حذيفة: "بلغني عن ابن عباس أنه قال في الرجل يؤم القوم وهو ينظر في المصحف إنه يكره ذلك، وقال: كفعل أهل الكتاب" (الآثار لأبي يوسف ص 14).
وقال جمهور الأحناف: تفسد الصلاة إن كان الإمام غير حافظ لأن التلقين من المصحف تعلم وليس من أعمال الصلاة فيفسدها إذا قرأ ما تصح به صلاته، وأجابوا عن أثر عائشة رضي الله عنها بأن الذي في الموطأ أن ذكوان –عبدها– كان يقوم يقرأ لها في رمضان، فليس فيه أنه كان يقرأ لها في المصحف، وإن صح ما روى ابن أبي شيبة يحمل على أنه كان يراجع المصحف قبل الصلاة ليكون قريب عهد بما يقرؤه.
والذي نرجحه ونميل إليه كراهة نظر الإمام في المصحف وكذلك المنفرد في الصلاة وذلك للأسباب التالية:
1- لأن فعل عائشة رضي الله عنها –إن صح- لا يقاس عليه، لأنها رضي الله عنها امرأة، وصلاة ذكوان بها يحمل على الضرورة، إذ لا يجوز العكس لحديث: "لا تؤمن امرأة رجلا" (رواه ابن ماجة) وهو رأي الجمهور.
2- إننا لم نجد أثرا –صحيحا أو ضعيفا– يصرح أو يلمح إلى أن رجلا أم رجلا من المصحف، وهي الحالة التي كانت تصلح دون شك للقياس عند من يجيزه في العبادات ولذلك ذهب الشيخ الشعراوي رحمه الله إلى أن القراءة من المصحف في الصلاة بدعة (وقد نشرت هذه الفتوى بجريدة أخبار اليوم قبل وفاته).
3- أن الانشغال بالمصحف وحمله، وتقليب صفحاته يشغل الإمام ويلفت نظر المأمومين وقد يذهب بالخشوع، ولذلك فهو من مكروهات الصلاة عند بعض الأئمة، فقد قال الإمام أحمد بن حنبل: "كانوا يكرهون أن يجعلوا في القبلة شيئا حتى المصحف" (الدين الخالص 3/168).
فقوله: "كانوا يكرهون يدل على أن العلماء في زمانه كانوا يكرهون النظر في المصحف أو وضع المصحف في القبلة، بحيث صار هذا الحكم معروفا شائعا عنهم.
4- أن الصلاة ليست مجالا للتعلم كما قال الأحناف.
5- أن ابن عباس رضي الله عنهما كره القراءة في المصحف في الصلاة، ورأى فيها تشبها بأهل الكتاب.
6- أن قراءة الإمام من المصحف نذير سوء، وعلامة على انقراض الحفظة، ودعوة لعدم الاعتداد بحفظ القرآن ولا بالمراجعة، وقد حدث أن كثيرا من الأئمة لم يعودوا يحفظون القرآن وكثيرا من الأساتذة توقفوا عن المراجعة بعد الدكتوراه وفي ذلك من الخطر ما فيه.
7- الإمامة لا تكون إلا كما قال الرسول: [وليؤمكم أكثركم قرآنا] (البخاري رقم 3963) فهذه الرواية صريحة في أن الإمام هو الأحفظ، ولذلك جاء في تتمة حديث عمرو بن سلمة السابق: "فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنا مني لما كنت أتلقى من الركبان فقدموني بين أيديهم وأنا ابن ست أو سبع سنين". قال الشوكاني: "المراد بالأقرأ الأكثر قرآنا لا الأحسن قراءة" (نيل الأوطار 3/197).
ولذلك أقول: إن على إدارات المساجد أن تبحث عن الحفظة المتقنين أولا وهم كثر بفضل الله، فإن كان المسجد في مكان لا يوجد به حفظة، فالأولى أن يقرأ أكثرهم قرآنا بما تيسر له ولا شك أن قيام المساجد بدورها في تربية أولاد المسلمين وتعليمهم القرآن، وترغيبهم في حفظه، سيوجد قاعدة من الحفظة والأئمة ينتفع بهم إن شاء الله.
ثانيا: النظر في المصحف للمأموم في الصلاة:
قبل أن نبين الحكم الذي نميل إليه، نسوق الاعتبارات التالية:
1- نظر المأموم في المصحف لم يرد به نص –صحيح أو ضعيف– وأما أثر عائشة رضي الله عنها –إن صح– فهو في نظر الإمام وليس المأموم.
2- القياس في العبادات لا يجوز عند أكثر العلماء.
3- قياس المأموم على الإمام –إن قلنا بجواز القياس– في هذه المسألة قياس مع الفارق لأن الإمام مأمور بالقراءة في الصلاة، أما المأموم فمأمور بالاستماع لقوله تعالى: (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له، وأنصتوا لعلكم ترحمون)قال الامام احمد : (الإجماع على أن المقصود هنا القراءة فى الصلاة)، وإن كان لابد من قراءة يخالج بها الإمام، ففاتحة الكتاب فقط، كما صرحت بذلك السنة الصحيحة.
4- لا يوجد حاجة لنظر المأموم في المصحف: فإن قيل لتلقين الإمام والفتح عليه إن أخطأ قلنا هذه مهمة الحفظة خلف الإمام، ولا يجوز دخول الصلاة من أجل تلقين الإمام، ففاتحة الكتاب فقط، كما صرحت بذلك السنة الصحيحة.
لا يوجد حاجة لنظر المأموم في المصحف: فإن قيل لتلقين الإمام والفتح عليه إن أخطأ قلنا هذه مهمة الحفظة خلف الإمام، ولا يجوز دخول الصلاة من أجل تلقين الإمام، فليست هذه نية صحيحة للصلاة كما ذكر العلماء وإن قيل لمراجعة ما يحفظ، أو تعلم أحكام التجويد قلنا ليست الصلاة محل ذلك، بل محل ذلك حلقات التجويد والتلاوة وإن قيل للخشوع قلنا، الخشوع يكون بالتدبر فيما يقرأ الإمام أفلا يتدبرون أم على قلوب أقفالها"، وليس بالنظر في المصحف، إذ لم نجد أحدًا من السلف –بل من الخلف أيضا– قال إن هذه وسيلة للخشوع!.
وعلى هذا فلا أرى وجها لجواز النظر في المصحف للمأموم، فلا دليل عليه شرعا ولا حاجة إليه عقلا، والله تعالى أعلى وأعلم.
وفي النهاية أقول يا ليتنا نعيد النظر في هاتين الظاهرتين لما يترتب على كل واحدة منهما من آثار قد تذهب بالفضل والخير كله أو بعضه ولو قيل إن في بعض الأمر خلافا قلنا أليس الخروج من الخلاف أولى ما استطعنا إلى ذلك سبيلا؟!
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.

قبسات من أنوار وأقلام العلماء والكتاب قبسات أون لاين حيث الإعلام الهادف قبسات أون لاين 9:24 م , .

0 التعليقات "القراءة من المصحف في الصلاة"

شاركنا برأيك ولا تحرمنا من قلمك

الأرشيف